عَنْهُ أَنَّ أَسْوَدَ - رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً - كَانَ يَكُونُ فِي الْمَسْجِدِ يَقُمُّ الْمَسْجِدَ، فَمَاتَ، وَلَمْ يَعْلَمْ النَّبِيُّ ﷺ بِمَوْتِهِ، فَذَكَرَهُ ذَاتَ يَوْمٍ، فَقَالَ: مَا فَعَلَ ذَلِكَ الْإِنْسَانُ؟ قَالُوا: مَاتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: أَفَلَا آذَنْتُمُونِي؟ فَقَالُوا: إِنَّهُ كَانَ كَذَا وَكَذَا قِصَّتُهُ. قَالَ: فَحَقَرُوا شَأْنَهُ. قَالَ: فَدُلُّونِي عَلَى قَبْرِهِ، فَأَتَى قَبْرَهُ، فَصَلَّى عَلَيْهِ.
[الحديث ١٣٣٧ - طرفه في: ١٣٧٤]
قَوْلُهُ: (بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ بَعْدَمَا يُدْفَنَ) وَهَذا أَيْضًا مِنَ الْمَسَائِلِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا، قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: قَالَ بِمَشْرُوعِيَّتِهِ الْجُمْهُورُ، وَمَنَعَهُ النَّخَعِيُّ، وَمَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَعَنْهُمْ: إِنْ دُفِنَ قَبْلَ أَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ شُرِعَ، وَإِلَّا فَلَا.
قَوْلُهُ: (قُلْتُ: مَنْ حَدَّثَكَ هَذَا يَا أَبَا عَمْرٍو) الْقَائِلُ هُوَ الشَّيْبَانِيُّ، وَالْمَقُولُ لَهُ هُوَ الشَّعْبِيُّ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْإِذْنِ بِالْجِنَازَةِ بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا السِّيَاقِ، وَفِيهِ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَتَكَلَّمْنَا هُنَاكَ عَلَى مَا وَرَدَ فِي تَسْمِيَةِ الْمَقْبُورِ الْمَذْكُورِ. وَوَقَعَ فِي الْأَوْسَطِ لِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ الدُّولَابِيِّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ زَكَرِيَّا، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ أَنَّهُ صَلَّى عَلَيْهِ بَعْدَ دَفْنِهِ بِلَيْلَتَيْنِ. وَقَالَ: إِنَّ إِسْمَاعِيلَ تَفَرَّدَ بِذَلِكَ. وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ هُرَيْمِ بْنِ سُفْيَانَ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ فَقَالَ: بَعْدَ مَوْتِهِ بِثَلَاثٍ. وَمِنْ طَرِيقِ بِشْرِ بْنِ آدَمَ، عَنْ أَبِي عَاصِمٍ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، فَقَالَ: بَعْدَ شَهْرٍ. وَهَذِهِ رِوَايَاتٌ شَاذَّةٌ، وَسِيَاقُ الطُّرُقِ الصَّحِيحَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى عَلَيْهِ فِي صَبِيحَةِ دَفْنِهِ.
قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ (فَأَتَى قَبْرَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ) زَادَ ابْنُ حِبَّانَ فِي رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ: ثُمَّ قَالَ: إِنَّ هَذِهِ الْقُبُورَ مَمْلُوءَةٌ ظُلْمَةً عَلَى أَهْلِهَا، وَإِنَّ اللَّهَ يُنَوِّرُهَا عَلَيْهِمْ بِصَلَاتِي. وَأَشَارَ إِلَى أَنَّ بَعْضَ الْمُخَالِفِينَ احْتَجَّ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِهِ ﷺ. ثُمَّ سَاقَ مِنْ طَرِيقِ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ نَحْوَ هَذِهِ الْقِصَّةِ وَفِيهَا: ثُمَّ أَتَى الْقَبْرَ فَصَفَفْنَا خَلْفَهُ وَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: فِي تَرْكِ إِنْكَارِهِ ﷺ عَلَى مَنْ صَلَّى مَعَهُ عَلَى الْقَبْرِ بَيَانُ جَوَازِ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ خَصَائِصِهِ. وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الَّذِي يَقَعُ بِالتَّبَعِيَّةِ لَا يَنْهَضُ دَلِيلًا لِلْأَصَالَةِ، وَاسْتَدَلَّ بِخَبَرِ الْبَابِ عَلَى رَدِّ التَّفْصِيلِ بَيْنَ مَنْ صَلَّي عَلَيْهِ، فَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ بِأَنَّ الْقِصَّةَ وَرَدَتْ فِيمَنْ صُلِّيَ عَلَيْهِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْخُصُوصِيَّةَ تَنْسَحِبُ عَلَى ذَلِكَ. وَاخْتَلَفَ مَنْ قَالَ بِشَرْعِ الصَّلَاةِ لِمَنْ لَمْ يُصَلِّ، فَقِيلَ: يُؤَخَّرُ دَفْنُهُ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهَا مَنْ كَانَ لَمْ يُصَلِّ. وَقِيلَ: يُبَادَرُ بِدَفْنِهَا وَيُصَلِّي الَّذِي فَاتَتْهُ عَلَى الْقَبْرِ. وَكَذَا اخْتُلِفَ فِي أَمَدِ ذَلِكَ: فَعِنْدَ بَعْضِهِمْ: إِلَى شَهْرٍ. وَقِيلَ: مَا لَمْ يَبْلُ الْجَسَدُ. وَقِيلَ: يَخْتَصُّ بِمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ حِينَ مَوْتِهِ، وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ. وَقِيلَ: يَجُوزُ أَبَدًا.
٦٧ - بَاب الْمَيِّتُ يَسْمَعُ خَفْقَ النِّعَالِ
١٣٣٨ - حَدَّثَنَا عَيَّاشٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ قَالَ … وَقَالَ لِي خَلِيفَةُ:، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ ﵁، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: الْعَبْدُ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَتُوُلِّيَ، وَذَهَبَ أَصْحَابُهُ - حَتَّى إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ - أَتَاهُ مَلَكَانِ فَأَقْعَدَاهُ، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ مُحَمَّدٍ ﷺ؟ فَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، فَيُقَالُ: انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنْ النَّارِ، أَبْدَلَكَ اللَّهُ بِهِ مَقْعَدًا مِنْ الْجَنَّةِ. قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا. وَأَمَّا الْكَافِرُ - أَوْ الْمُنَافِقُ - فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ، فَيُقَالُ: لَا دَرَيْتَ وَلَا تَلَيْتَ، ثُمَّ يُضْرَبُ بِمِطْرَقَةٍ مِنْ حَدِيدٍ ضَرْبَةً بَيْنَ أُذُنَيْهِ، فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا مَنْ يَلِيهِ، إِلَّا الثَّقَلَيْنِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute