رَاهْوَيْهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ مِثْلَ رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ، وَتَعَقَّبَهُ بِأَنَّهُ رَآهُ فِي أَصْلِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِاللَّفْظِ الَّذِي رَوَاهُ أَحْمَدُ، قَالَ: وَقَدْ وَهَمَ شَيْخُنَا أَبُو أَحْمَدَ فِي ذَلِكَ انْتَهَى.
قُلْتُ: وَهَكَذَا أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي إِسْرَائِيلَ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَأَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ مِثْلَهُ لَكِنْ قَالَ: فَاسْتَحَبَّاهَا، وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، عَنْ أَحْمَدَ، وَسَلَمَةَ بْنِ شَبِيبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِلَفْظِ أَوِ اسْتَحَبَّاهَا قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ: هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، أَيْ أَنَّهُ بِلَفْظِ أَوْ لَا بِالْفَاءِ وَلَا بِالْوَاوِ. قُلْتُ: وَرِوَايَةُ الْوَاوِ يُمْكِنُ حَمْلُهَا عَلَى رِوَايَةِ أَوْ، وَأَمَّا رِوَايَةُ الْفَاءِ فَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهَا بِأَنَّهُمَا أُكْرِهَا عَلَى الْيَمِينِ فِي ابْتِدَاءِ الدَّعْوَى، فَلَمَّا عَرَفَا أَنَّهُمَا لَا بُدَّ لَهُمَا مِنْهَا أَجَابَا إِلَيْهَا وَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالِاسْتِحْبَابِ، ثُمَّ تَنَازَعَا أَيُّهُمَا يَبْدَأُ فَأَرْشَدَ إِلَى الْقُرْعَةِ.
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ: الْإِكْرَاهُ هُنَا لَا يُرَادُ بِهِ حَقِيقَتُهُ، لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُكْرَهُ عَلَى الْيَمِينِ، وَإِنَّمَا الْمَعْنَى إِذَا تَوَجَّهَتِ الْيَمِينُ عَلَى اثْنَيْنِ وَأَرَادَا الْحَلِفَ - سَوَاءٌ كَانَا كَارِهَيْنِ لِذَلِكَ بِقَلْبِهِمَا وَهُوَ مَعْنَى الْإِكْرَاهِ، أَوْ مُخْتَارَيْنِ لِذَلِكَ بِقَلْبِهِمَا وَهُوَ مَعْنَى الِاسْتِحْبَابِ - وَتَنَازَعَا أَيُّهُمَا يَبْدَأُ فَلَا يُقَدَّمُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِالتَّشَهِّي بَلْ بِالْقُرْعَةِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فَلْيَسْتَهِمَا أَيْ فَلْيَقْتَرِعَا. وَقِيلَ: صُورَةُ الِاشْتِرَاكِ فِي الْيَمِينِ أَنْ يَتَنَازَعَ اثْنَانِ عَيْنًا لَيْسَتْ فِي يَدِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَا بَيِّنَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَيُقْرَعُ بَيْنَهُمَا، فَمَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ حَلَفَ وَاسْتَحَقَّهَا. وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا رَوَى أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا فِي مَتَاعٍ لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: اسْتَهِمَا عَلَى الْيَمِينِ مَا كَانَ، أَحَبَّا ذَلِكَ أَوْ كَرِهَا، وَأَمَّا اللَّفْظُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ فِيهِ حَدِيثٌ آخَرُ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ، وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ أَبِي رَافِعٍ الْمَذْكُورَةُ فَإِنَّهَا بِمَعْنَاهَا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ قِصَّةٌ أُخْرَى بِأَنْ يَكُونَ الْقَوْمُ الْمَذْكُورُونَ مُدَّعًى عَلَيْهِمْ بِعَيْنٍ فِي أَيْدِيهِمْ مَثَلًا وَأَنْكَرُوا وَلَا بَيِّنَةَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ، فَتَوَجَّهَتْ عَلَيْهِمُ الْيَمِينُ، فَتَسَارَعُوا إِلَى الْحَلِفِ، وَالْحَلِفُ لَا يَقَعُ مُعْتَبَرًا إِلَّا بِتَلْقِينِ الْمُحَلِّفِ، فَقَطَعَ النِّزَاعَ بَيْنَهُمْ بِالْقُرْعَةِ فَمَنْ خَرَجَتْ لَهُ بَدَأَ بِهِ فِي ذَلِكَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
٢٥ - بَاب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾
٢٦٧٥ - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ قَالَ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ أَبُو إِسْمَاعِيلَ السَّكْسَكِيُّ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى ﵄ يَقُولُ "أَقَامَ رَجُلٌ سِلْعَتَهُ فَحَلَفَ بِاللَّهِ لَقَدْ أَعْطَى بِهَا مَا لَمْ يُعْطِهَا. فَنَزَلَتْ [٧٧ آل عمران]: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً﴾
وَقَالَ ابْنُ أَبِي أَوْفَى: "النَّاجِشُ آكِلُ رِبًا خَائِنٌ"
٢٦٧٦، ٢٦٧٧ - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ، أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ﵁ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ كَاذِبًا لِيَقْتَطِعَ مَالَ الرَجُلٍ - أَوْ قَالَ: أَخِيهِ - لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ. وَأَنْزَلَ اللَّهُ ﷿ تَصْدِيقَ ذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute