للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْفَيْءُ فَصَلِّ، وَفِي لَفْظٍ لِأَبِي دَاوُدَ: حَتَّى يَعْدِلَ الرُّمْحَ ظِلُّهُ، وحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ، وَالْبَيْهَقِيِّ وَلَفْظُهُ: حَتَّى تَسْتَوِيَ الشَّمْسُ عَلَى رَأْسِكَ كَالرُّمْحِ، فَإِذَا زَالَتْ فَصَلِّ، وَحَدِيثُ الصُّنَابِحِيِّ وَهُوَ فِي الْمُوَطَّأِ وَلَفْظُهُ ثُمَّ إِذَا اسْتَوَتْ قَارَنَهَا، فَإِذَا زَالَتْ فَارَقَهَا وَفِي آخِرِهِ وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ عَنِ الصَّلَاةِ فِي تِلْكَ السَّاعَاتِ وَهُوَ حَدِيثٌ مُرْسَلٌ مَعَ قُوَّةِ رِجَالِهِ. وَفِي الْبَابِ أَحَادِيثُ أُخَرُ ضَعِيفَةٌ، وَبِقَضِيَّةِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: فَنَهَى عَنِ الصَّلَاةِ نِصْفَ النَّهَارِ. وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: كُنَّا نُنْهَى عَنْ ذَلِكَ وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ قَالَ: أَدْرَكْتُ النَّاسَ وَهُمْ يَتَّقُونَ ذَلِكَ وَهُوَ مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَالْجُمْهُورِ، وَخَالَفَ مَالِكٌ فَقَالَ: مَا أَدْرَكْتُ أَهْلَ الْفَضْلِ إِلَّا وَهُمْ يَجْتَهِدُونَ وَيُصَلُّونَ نِصْفَ النَّهَارِ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَقَدْ رَوَى مَالِكٌ حَدِيثَ الصُّنَابِحِيِّ، فَإِمَّا أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ عِنْدَهُ وَإِمَّا أَنَّهُ رَدَّهُ بِالْعَمَلِ الَّذِي ذَكَرَهُ. انْتَهَى.

وَقَدِ اسْتَثْنَى الشَّافِعِيُّ وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ ذَلِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَحُجَّتُهُمْ أَنَّهُ نَدَبَ النَّاسَ إِلَى التَّبْكِيرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَرَغَّبَ فِي الصَّلَاةِ إِلَى خُرُوجِ الْإِمَامِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ، وَجَعَلَ الْغَايَةَ خُرُوجَ الْإِمَامِ، وَهُوَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا بَعْدَ الزَّوَالِ، فَدَلَّ عَلَى عَدَمِ الْكَرَاهَةِ. وَجَاءَ فِيهِ حَدِيثٌ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ مَرْفُوعًا أَنَّهُ كَرِهَ الصَّلَاةَ نِصْفَ النَّهَارِ إِلَّا يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي إِسْنَادِهِ انْقِطَاعٌ. وَقَدْ ذَكَرَ لَهُ الْبَيْهَقِيُّ شَوَاهِدَ ضَعِيفَةً إِذَا ضُمَّتْ قَوِيَ الْخَبَرُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَائِدَةٌ): فَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ حِكْمَةِ النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ، وَعَنِ الصَّلَاةِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَعِنْدَ غُرُوبِهَا فَقَالَ: يُكْرَهُ فِي الْحَالَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ، وَيَحْرُمُ فِي الْحَالَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ. وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ وَاحْتَجَّ بِمَا ثبُتُ عَنْهُ أَنَّهُ صَلَّى بَعْدَ الْعَصْرِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ، وَكَأَنَّهُ يَحْمِلُ فِعْلَهُ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ. وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ تَحْرِيمُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَإِبَاحَتُهَا بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَصْفَرَّ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ، وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ عَلِيٍّ أَنَّهُ نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ إِلَّا وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ قَوِيٍّ، وَالْمَشْهُورُ إِطْلَاقُ الْكَرَاهَةِ فِي الْجَمِيعِ فَقِيلَ: هِيَ كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ وَقِيلَ: كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ: (رَوَاهُ عُمَرُ إِلَخْ) يُرِيدُ أَنَّ أَحَادِيثَ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةِ وَهِيَ الَّتِي تَقَدَّمَ إِيرَادُهَا فِي الْبَابَيْنِ السَّابِقَيْنِ لَيْسَ فِيهَا تَعَرُّضٌ لِلِاسْتِوَاءِ، لَكِنْ لِمَنْ قَالَ بِهِ أَنْ يَقُولَ: إِنَّهُ زِيَادَةٌ مِنْ حَافِظٍ ثِقَةٍ فَيَجِبُ قَبُولُهَا.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا حَمَّادٌ) هُوَ ابْنُ زَيْدٍ.

قَوْلُهُ: (أُصَلِّي) زَادَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فِي أَوَّلِهِ مِنْ وَجْهَيْنِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ كَانَ لَا يُصَلِّي مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ وَيَقُولُ: أُصَلِّي إِلَخْ.

قَوْلُهُ: (أَنْ لَا تَحَرَّوْا) أَصْلُهُ تَتَحَرَّوْا أَيْ تَقْصِدُوا، وَزَادَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ نَافِعٍ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ نَهَى عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ: إِنَّهُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ مَعَ طُلُوعِ الشَّمْسِ.

(تَنْبِيهٌ): قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: الْمُرَادُ بِحَصْرِ الْكَرَاهَةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْخَمْسَةِ إِنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَوْقَاتِ الْأَصْلِيَّةِ وَإِلَّا فَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّهُ يُكْرَهُ التَّنَفُّلُ وَقْتَ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ، وَوَقْتَ صُعُودِ الْإِمَامِ لِخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ، وَفِي حَالَةِ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ جَمَاعَةً لِمَنْ لَمْ يُصَلِّهَا. وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ كَرَاهَةُ التَّنَفُّلِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَنْصَرِفَ النَّاسُ وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ كَرَاهَةُ التَّنَفُّلِ قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ، وَسَيَأْتِي ثُبُوتُ الْأَمْرِ بِهِ فِي هَذَا الْجَامِعِ الصَّحِيحِ.

٣٣ - بَاب مَا يُصَلَّى بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ الْفَوَائِتِ وَنَحْوِهَا

وَقَالَ كُرَيْبٌ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ صَلَّى النَّبِيُّ بَعْدَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ وَقَالَ: شَغَلَنِي نَاسٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ