للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مَوْصُولًا فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ مُطَوَّلًا، وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ عَرَفَ أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ يُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ مُرَارَةُ، وَهِلَالٌ شَهِدَا بَدْرًا وَيُنْسَبُ الْوَهَمُ فِي ذَلِكَ إِلَى الزُّهْرِيِّ فَرَدَّ ذَلِكَ بِنِسْبَةِ ذَلِكَ إِلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنَ السِّيَاقِ فَإِنَّ الْحَدِيثَ عَنْهُ قَدْ أُخِذَ وَهُوَ أَعْرَفُ بِمَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِمَّنْ لَمْ يَشْهَدْهَا مِمَّنْ جَاءَ بَعْدَهُ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْإِدْرَاجِ فَلَا يَثْبُتُ إِلَّا بِدَلِيلٍ صَرِيحٍ، وَيُؤَيِّدُ كَوْنَ وَصْفِهِمَا بِذَلِكَ مِنْ كَلَامِ كَعْبٍ أَنَّ كَعْبًا سَاقَهُ فِي مَقَامِ التَّأَسِّي بِهِمَا فَوَصَفَهُمَا بِالصَّلَاحِ وَبِشُهُودِ بَدْرٍ الَّتِي هِيَ أَعْظَمُ الْمَشَاهِدِ. فَلَمَّا وَقَعَ لَهُمَا نَظِيرُ مَا وَقَعَ لَهُ مِنَ الْقُعُودِ عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ وَمِنَ الْأَمْرِ بِهَجْرِهِمَا كَمَا وَقَعَ لَهُ تَأَسَّى بِهِمَا.

وَأَمَّا قَوْلُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ كَالدِّمْيَاطِيِّ: لَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مُرَارَةَ، وَهِلَالًا فِيمَنْ شَهِدَ بَدْرًا فَمَرْدُودٌ عَلَيْهِ، فَقَدْ جَزَمَ بِهِ الْبُخَارِيُّ هُنَا وَتَبِعَهُ جَمَاعَةٌ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا ذَكَرُوهُمَا فِي الطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ مِمَّنْ شَهِدَ أُحُدًا، فَحَصْرٌ مَرْدُودٌ، فَإِنَّ الَّذِي ذَكَرَهُمَا كَذَلِكَ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ وَلَيْسَ مَا يَقْتَضِيهِ صَنِيعُهُ بِحُجَّةٍ عَلَى مِثْلِ هَذَا الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الْمُثْبِتِ لِشُهُودِهِمَا وَقَدْ ذَكَرَ هِشَامُ بْنُ الْكَلْبِيِّ وَهُوَ مِنْ شُيُوخِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ مُرَارَةَ شَهِدَ بَدْرًا فَإِنَّهُ سَاقَ نَسَبَهُ إِلَى الْأَوْسِ ثُمَّ قَالَ: شَهِدَ بَدْرًا، وَهُوَ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ تِيبَ عَلَيْهِمْ. وَقَدِ اسْتَقْرَيْتُ أَوَّلَ مَنْ أَنْكَرَ شُهُودَهُمَا بَدْرًا فَوَجَدْتُهُ الْأَثْرَمَ صَاحِبَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَاسْمُهُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هَانِئٍ، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: لَمْ أَزَلْ مُتَعَجِّبًا مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَحَرِيصًا عَلَى كَشْفِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَتَحْقِيقِهِ حَتَّى رَأَيْتُ الْأَثْرَمَ ذَكَرَ الزُّهْرِيَّ وَفَضْلَهُ وَقَالَ: لَا يَكَادُ يُحْفَظُ عَنْهُ غَلَطٌ إِلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ مُرَارَةَ، وَهِلَالًا شَهِدَا بَدْرًا، وَهَذَا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ، وَالْغَلَطُ لَا يَخْلُو مِنْهُ إِنْسَانٌ.

قُلْتُ: وَهَذَا يَنْبَنِي عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: شَهِدَا بَدْرًا مُدْرَجٌ فِي الْخَبَرِ مِنْ كَلَامِ الزُّهْرِيِّ، وَفِي ثُبُوتِ ذَلِكَ نَظَرٌ لَا يَخْفَى كَمَا قَدَّمْتُهُ، وَاحْتَجَّ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي الْهَدْيِ بِأَنَّهُمَا لَوْ شَهِدَا بَدْرًا مَا عُوقِبَا بِالْهَجْرِ الَّذِي وَقَعَ لَهُمَا بَلْ كَانَا يُسَامَحَانِ بِذَلِكَ كَمَا سُومِحَ حَاطِبُ بْنُ أَبِي بَلْتَعَةَ كَمَا وَقَعَ فِي قِصَّتِهِ الْمَشْهُورَةِ، قُلْتُ: وَهُوَ قِيَاسٌ مَعَ وُجُودِ النَّصِّ، وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. الْحَدِيثُ السَّابِعُ.

قَوْلُهُ: (عَنْ يَحْيَى) هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ.

قَوْلُهُ: (ذُكِرَ لَهُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِ ذَاكِرِ ذَلِكَ، وَالْغَرَضُ مِنْهُ قَوْلُهُ: وَكَانَ بَدْرِيًّا وَإِنَّمَا نُسِبَ إِلَى بَدْرٍ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَحْضُرِ الْقِتَالَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مِمَّنْ ضَرَبَ لَهُ النَّبِيُّ بِسَهْمٍ، كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا، وَكَانَ النَّبِيُّ بَعَثَهُ هُوَ وَطَلْحَةَ يَتَجَسَّسَانِ الْأَخْبَارَ، فَوَقَعَ الْقِتَالُ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَا، فَأَلْحَقَهُمَا النَّبِيُّ بِمَنْ شَهِدَهَا وَضَرَبَ لَهُمَا بِسَهْمَيْهِمَا وَأَجْرِهِمَا.

الْحَدِيثُ الثَّامِنُ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ إِلَخْ) يَأْتِي شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي الْعِدَدِ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ، وَالْغَرَضُ مِنْهُ ذِكْرُ سَعْدِ بْنِ خَوْلَةَ وَأَنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا، وَقَدْ وَصَلَ طَرِيقَ اللَّيْثِ هَذِهِ قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ فِي مُصَنَّفِهِ فَأَخْرَجَهُ عَنْ مُطَّلِبِ بْنِ شُعيْبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ، عَنِ اللَّيْثِ بِتَمَامِهِ.

قَوْلُهُ: (تَابَعَهُ أَصْبَغُ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ) وَصَلَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ زَنْجَوَيْهِ، عَنْ أَصْبَغَ بْنِ الْفَرَجِ.

الْحَدِيثُ التَّاسِعُ:

قَوْلُهُ: (وَقَالَ اللَّيْثُ) وَصَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّارِيخِ الْكَبِيرِ قَالَ: قَالَ لَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ: أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ فَذَكَرَهُ بِتَمَامِهِ.

قَوْلُهُ: (وَسَأَلْنَاهُ فَقَالَ: حَدَّثَهُ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ حَدَّثَنِي.

قَوْلُهُ: (الْبُكَيْرُ) بِالتَّصْغِيرِ وَضُبِطَ أَيْضًا بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَبِتَشْدِيدِ الْكَافِ.

قَوْلُهُ: (وَكَانَ أَبُوهُ شَهِدَ بَدْرًا) زَادَ فِي التَّارِيخِ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا هُرَيْرَةَ، وَابْنَ عَبَّاسٍ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، وَمِثْلُهُ يَعْنِي مِثْلَ حَدِيثٍ قَبْلَهُ إِذَا طَلَّقَ ثَلَاثًا لَمْ تَصْلُحْ لَهُ الْمَرْأَةُ فَاقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ مِنَ الْحَدِيثِ عَلَى مَوْضِعِ حَاجَتِهِ مِنْهُ وَهِيَ قَوْلُهُ: وَكَانَ أَبُوهُ شَهِدَ بَدْرًا وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ قُتَيْبَةُ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ وَسَاقَهُ مُطَوَّلًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

١١ - بَاب شُهُودِ الْمَلَائِكَةِ بَدْرًا

٣٩٩٢ - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِيِّ،