قَوْلُهُ: (بَابُ إِذَا اضْطُرَّ الرَّجُلُ إِلَى النَّظَرِ فِي شُعُورِ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَالْمُؤْمِنَاتِ إِذَا عَصَيْنَ اللَّهَ، وَتَجْرِيدِهِنَّ) أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ عَلِيٍّ فِي قِصَّةِ الْمَرْأَةِ الَّتِي كَتَبَ مَعَهَا حَاطِبٌ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ، وَمُنَاسَبَتُهُ لِلتَّرْجَمَةِ ظَاهِرَةٌ فِي رُؤْيَةِ الشَّعْرِ مِنْ قَوْلِهِ فِي الرِّوَايَاتِ الْأُخْرَى فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ عِقَاصِهَا، وَهِيَ ذَوَائِبُهَا الْمَضْفُورَةُ، وَفِي التَّجْرِيدِ مِنْ قَوْلِ عَلِيٍّ: لَأُجَرِّدَنَّكِ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْجَاسُوسِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَلِيٍّ، وَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْمُمْتَحَنَةِ. وَقَوْلُهُ فِي الْإِسْنَادِ (عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ) هُوَ السُّلَمِيُّ. وَقَوْلُهُ: (وَكَانَ عُثْمَانِيًّا) أَيْ: يُقَدِّمُ عُثْمَانَ عَلَى عَلِيٍّ فِي الْفَضْلِ، وَقَوْلُهُ (فَقَالَ لِابْنِ عَطِيَّةَ) هُوَ حِبَّانُ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْمُوَحَّدَةِ عَلَى الصَّحِيحِ، كَمَا سَيَأْتِي فِي اسْتِتَابَةِ الْمُرْتَدِّينَ. وَقَوْلُهُ: وَكَانَ عَلَوِيًّا أَيْ: يُقَدِّمُ عَلِيًّا فِي الْفَضْلِ عَلَى عُثْمَانَ، وَهُوَ مَذْهَبٌ مَشْهُورٌ لِجَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ بِالْكُوفَةِ. قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ بَيَانُ هَلْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ مُسْلِمَةٌ أَوْ ذِمِّيَّةٌ، لَكِنْ لَمَّا اسْتَوَى حُكْمُهَا فِي تَحْرِيمِ النَّظَرِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ شَمَلَهُمَا الدَّلِيلُ. وَقَالَ ابْنُ التِّينِ: إِنْ كَانَتْ مُشْرِكَةً لَمْ تُوَافِقِ التَّرْجَمَةَ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهَا كَانَتْ ذَاتَ عَهْدٍ فَحُكْمُهَا حُكْمُ أَهْلِ الذِّمَّةِ. وَقَوْلُهُ: فَأَخْرَجَتْ مِنْ حُجْزَتِهَا كَذَا هُنَا بِحَذْفِ الْمَفْعُولِ، وَفِي الْأُخْرَى: فَأَخْرَجَتْهُ وَالْحُجْزَةُ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْجِيمِ بَعْدَهَا زَايٌ: مَعْقِدُ الْإِزَارِ وَالسَّرَاوِيلِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْقَابِسِيِّ: مِنْ حُزَّتِهَا بِحَذْفِ الْجِيمِ. قِيلَ: هِيَ لُغَةٌ عَامِّيَّةٌ، وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ الْجَاسُوسِ أَنَّهَا أَخْرَجَتْهُ مِنْ عِقَاصِهَا، وَجُمِعَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهَا أَخْرَجَتْهُ مِنْ حُجْزَتِهَا فَأَخْفَتْهُ فِي عِقَاصِهَا ثُمَّ اضْطُرَّتْ إِلَى إِخْرَاجِهِ أَوْ بِالْعَكْسِ، أَوْ بِأَنْ تَكُونَ عَقِيصَتُهَا طَوِيلَةٌ بِحَيْثُ تَصِلُ إِلَى حُجْزَتِهَا فَرَبَطَتْهُ فِي عَقِيصَتِهَا وَغَرَزَتْهُ بِحُجْزَتِهَا وَهَذَا الِاحْتِمَالُ أَرْجَحُ.
وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مَعَهَا كِتَابَانِ إِلَى طَائِفَتَيْنِ، أَوِ الْمُرَادُ بِالْحُجْزَةِ الْعُقْدَةُ مُطْلَقًا، وَتَكُونُ رِوَايَةُ الْعَقِيصَةِ أَوْضَحَ مِنْ رِوَايَةِ الْحُجْزَةِ، أَوِ الْمُرَادُ بِالْحُجْزَةِ الْحَبْلُ؛ لِأَنَّ الْحَجْزَ هُوَ شَدُّ وَسَطِ يَدَيِ الْبَعِيرِ بِحَبْلٍ، ثُمَّ يُخَالَفُ فَتُعْقَدُ رِجْلَاهُ، ثُمَّ يُشَدُّ طَرَفَاهُ إِلَى حِقْوَيْهِ، وَيُسَمَّى أَيْضًا الْحِجَازَ.
١٩٦ - بَاب اسْتِقْبَالِ الْغُزَاةِ
٣٠٨٢ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، وَحُمَيْدُ بْنُ الْأَسْوَدِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ: قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ لِابْنِ جَعْفَرٍ ﵃: أَتَذْكُرُ إِذْ تَلَقَّيْنَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَنَا وَأَنْتَ وَابْنُ عَبَّاسٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَحَمَلَنَا وَتَرَكَكَ.
٣٠٨٣ - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: "قَالَ السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ ﵁ ذَهَبْنَا نَتَلَقَّى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ مَعَ الصِّبْيَانِ إِلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ".
[الحديث ٣٠٨٣ - طرفاه في: ٤٤٢٦، ٤٤٢٧]
قَوْلُهُ: (بَابُ اسْتِقْبَالِ الْغُزَاةِ) أَيْ: عِنْدَ رُجُوعِهِمْ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْأَسْوَدِ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: ابْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ، وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حُمَيْدٍ الْأَسْوَدِ، وَحُمَيْدٌ جَدُّهُ يُكَنَّى أَبَا الْأَسْوَدِ، وَهُوَ الَّذِي قَرَنَهُ بيَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ، فَنُسِبَ تَارَةً إِلَى جَدِّهِ وَأُخْرَى إِلَى جَدِّ أَبِيهِ، وَمَا لِحُمَيْدِ بْنِ الْأَسْوَدِ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ وَآخَرَ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَقَرَنَهُ فِيهِ أَيْضًا بِيَزِيد بْنِ زُرَيْعٍ. وَعَبْدُ اللَّهِ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ يُكَنَّى أَبَا بَكْرٍ وَهُوَ بِهَا أَشْهَرُ، وَكَانَ مِنَ الْحُفَّاظِ، وَهُوَ ابْنُ أُخْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ.
قَوْلُهُ: (قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، لِابْنِ جَعْفَرٍ) كُلُّ مِنْهُمَا يُسَمَّى عَبْدُ اللَّهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute