للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَشَارَ إِلَى جِهَةِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَةُ الطَّبَرَانِيِّ بِلَفْظِ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ وَذَكَرَ ذَلِكَ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى شَرَفِ الْمُقْسَمِ بِهِ لِيَكُونَ أَدْعَى لِلْقَبُولِ.

قَوْلُهُ: (لَنَاصِحٌ) إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ وَفَّى بِمَا بَايَعَ عَلَيْهِ الرَّسُولُ، وَأَنَّ كَلَامَهُ خَالِصٌ عَنِ الْغَرَضِ.

قَوْلُهُ: (وَنَزَلَ) مُشْعِرٌ بِأَنَّهُ خَطَبَ عَلَى الْمِنْبَرِ، أَوِ الْمُرَادُ قَعَدَ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ قَوْلِهِ: قَامَ فَحَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى.

(فَائِدَةٌ): التَّقْيِيدُ بِالْمُسْلِمِ لِلْأَغْلَبِ، وَإِلَّا فَالنُّصْحُ لِلْكَافِرِ مُعْتَبَرٌ بِأَنْ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَيُشَارُ عَلَيْهِ بِالصَّوَابِ إِذَا اسْتَشَارَ. وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْبَيْعِ على بيعه وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَجَزَمَ أَحْمَدُ أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَصُّ بِالْمُسْلِمِينَ وَاحْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ.

(فَائِدَةٌ أُخْرَى): خَتَمَ الْبُخَارِيُّ كِتَابَ الْإِيمَانِ بِبَابِ النَّصِيحَةِ مُشِيرًا إِلَى أَنَّهُ عَمِلَ بِمُقْتَضَاهُ فِي الْإِرْشَادِ إِلَى الْعَمَلِ بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ دُونَ السَّقِيمِ، ثُمَّ خَتَمَهُ بِخُطْبَةِ جَرِيرٍ الْمُتَضَمِّنَةِ لِشَرْحِ حَالِهِ فِي تَصْنِيفِهِ فَأَوْمَأَ بِقَوْلِهِ فَإِنَّمَا يَأْتِيكُمُ الْآنَ إِلَى وُجُوبِ التَّمَسُّكِ بِالشَّرَائِعِ حَتَّى يَأْتِيَ مَنْ يُقِيمُهَا، إِذْ لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مَنْصُورَةً، وَهُمْ فُقَهَاءُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ. وَبِقَوْلِهِ اسْتَعْفُوا لِأَمِيرِكُمْ إِلَى طَلَبِ الدُّعَاءِ لَهُ لِعَمَلِهِ الْفَاضِلِ. ثُمَّ خَتَمَ بِقَوْلِ اسْتَغْفَرَ وَنَزَلَ فَأَشْعَرَ بِخَتْمِ الْبَابِ. ثُمَّ عَقَّبَهُ بِكِتَابِ الْعِلْمِ لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ النَّصِيحَةِ أَنَّ مُعْظَمَهَا يَقَعُ بِالتَّعَلُّمِ وَالتَّعْلِيمِ.

(خَاتِمَةٌ): اشْتَمَلَ كِتَابُ الْإِيمَانِ وَمُقَدِّمَتُهُ مِنْ بَدْءِ الْوَحْيِ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمَرْفُوعَةِ عَلَى أحِدٍ وَثَمَانِينَ حَدِيثًا بِالْمُكَرَّرِ مِنْهَا فِي بَدْءِ الْوَحْيِ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَفِي الْإِيمَانِ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ، الْمُكَرَّرُ مِنْهَا ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ، مِنْهَا فِي الْمُتَابَعَاتِ بِصِيغَةِ الْمُتَابَعَةِ أَوِ التَّعْلِيقِ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ، فِي بَدْءِ الْوَحْيِ ثَمَانِيَةٌ، وَفِي الْإِيمَانِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ، وَمِنَ الْمَوْصُولِ الْمُكَرَّرِ ثَمَانِيَةٌ، وَمِنَ التَّعْلِيقِ الَّذِي لَمْ يُوصَلْ فِي مَكَانٍ آخَرَ ثَلَاثَةٌ، وَبَقِيَّةُ ذَلِكَ وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ حَدِيثًا مَوْصُولَةٌ بِغَيْرِ تَكْرِيرٍ. وَقَدْ وَافَقَهُ مُسْلِمٌ عَلَى تَخْرِيجِهَا إِلَّا سَبْعَةً وَهِيَ: الشَّعْبِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فِي الْمُسْلِمِ وَالْمُهَاجِرِ، وَالْأَعْرَجُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي: حُبِّ الرَّسُولِ ﷺ، وَابْنُ أَبِي صَعْصَعَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ فِي: الْفِرَارِ مِنَ الْفِتَنِ، وَأَنَسٌ، عَنْ عُبَادَةَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَسَعِيدٌ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الدِّينِ يُسْرٌ، وَالْأَحْنَفُ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ فِي الْقَاتِلِ وَالْمَقْتُولِ، وَهِشَامٌ، عن أبيه عَنْ عَائِشَةَ فِي: أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِاللَّهِ. وَجَمِيعُ مَا فِيهِ مِنَ الْمَوْقُوفَاتِ عَلَى الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ أَثَرًا مُعَلَّقَةٌ، غَيْرَ أَثَرِ ابْنِ النَّاطُورِ فَهُوَ مَوْصُولٌ. وَكَذَا خُطْبَةُ جَرِيرٍ الَّتِي خَتَمَ بِهَا كِتَابَ الْإِيمَانِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

٣ - كِتَاب الْعِلْمِ

١ - بَاب فَضْلِ الْعِلْمِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ وَقَوْلِهِ ﷿: ﴿رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾.

قَوْلُهُ: (كِتَابُ الْعِلْمِ. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. بَابُ فَضْلِ الْعِلْمِ) هَكَذَا فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ وَكَرِيمَةَ وَغَيْرِهِمَا. وَفِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ تَقْدِيمُ الْبَسْمَلَةِ، وَقَدْ قَدَّمْنَا تَوْجِيهَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ. وَلَيْسَ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي لَفْظُ بَابٍ وَلَا فِي رِوَايَةِ رَفِيقِهِ لَفْظُ كِتَابِ الْعِلْمِ.

(فَائِدَةٌ): قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ: بَدَأَ الْمُصَنِّفُ بِالنَّظَرِ فِي فَضْلِ الْعِلْمِ قَبْلَ النَّظَرِ فِي حَقِيقَتِهِ، وَذَلِكَ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّهُ فِي نِهَايَةِ الْوُضُوحِ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى تَعْرِيفٍ، أَوْ لِأَنَّ النَّظَرَ فِي حَقَائِقِ الْأَشْيَاءِ