أَبِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَهَذَا عَلَى قَاعِدَةِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْمُرْسَلَ إِذَا جَاءَ مَوْصُولًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ تَبَيَّنَ صِحَّةُ مَخْرَجِ الْمُرْسَلِ، وَقَاعِدَةُ الْبُخَارِيِّ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الْوَصْلِ وَالْإِرْسَالِ لَا يَقْدَحُ الْمُرْسَلُ فِي الْمَوْصُولِ إِذَا كَانَ الْوَاصِلُ أَحْفَظَ مِنَ الْمُرْسِلِ كَالَّذِي هُنَا، فَإِنَّ الزُّهْرِيَّ أَحْفَظُ مِنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ، قَالَ الطَّبَرِيُّ: لَا تَنْبَغِي التَّسْمِيَةُ بِاسْمٍ قَبِيحِ الْمَعْنَى، وَلَا بِاسْمٍ يَقْتَضِي التَّزْكِيَةَ لَهُ، وَلَا بِاسْمٍ مَعْنَاهُ السَّبُّ. قُلْتُ: الثَّالِثُ أَخَصُّ مِنَ الْأَوَّلِ، قَالَ: وَلَوْ كَانَتِ الْأَسْمَاءُ إِنَّمَا هِيَ أَعْلَامٌ لِلْأَشْخَاصِ لَا يُقْصَدُ بِهَا حَقِيقَةُ الصِّفَةِ، لَكِنْ وَجْهُ الْكَرَاهَةِ أَنْ يَسْمَعَ سَامِعٌ بِالِاسْمِ فَيَظُنُّ أَنَّهُ صِفَةٌ لِلْمُسَمَّى، فَلِذَلِكَ كَانَ ﷺ يُحَوِّلُ الِاسْمَ إِلَى مَا إِذَا دُعِيَ بِهِ صَاحِبُهُ كَانَ صِدْقًا، قَالَ: وَقَدْ غَيَّرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عِدَّةَ أَسْمَاءٍ، وَلَيْسَ مَا غَيَّرَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْمَنْعِ مِنَ التَّسَمِّي بِهَا بَلْ عَلَى وَجْهِ الِاخْتِيَارِ، قَالَ: وَمِنْ ثَمَّ أَجَازَ الْمُسْلِمُونَ أَنْ يُسَمَّى الرَّجُلُ الْقَبِيحُ بِحَسَنٍ وَالْفَاسِدُ بِصَالِحٍ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ ﷺ لَمْ يُلْزِمْ حَزْنًا لَمَّا امْتَنَعَ مِنْ تَحْوِيلِ اسْمِهِ إِلَى سَهْلٍ بِذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ لَازِمًا لَمَا أَقَرَّهُ عَلَى قَوْلِهِ: لَا أُغَيِّرُ اسْمًا سَمَّانِيهِ أَبِي، انْتَهَى مُلَخَّصًا.
وَقَدْ وَرَدَ الْأَمْرُ بِتَحْسِينِ الْأَسْمَاءِ، وَذَلِكَ فِيمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَفَعَهُ: إِنَّكُمْ تُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَسْمَائِكُمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِكُمْ، فَأَحْسِنُوا أَسْمَاءَكُمْ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، إِلَّا أَنَّ فِي سَنَدِهِ انْقِطَاعًا بَيْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي زَكَرِيَّا رَاوِيهِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ [وَأَبِي الدَّرْدَاءِ] فَإِنَّهُ لَمْ يُدْرِكْهُ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَقَدْ غَيَّرَ النَّبِيُّ ﷺ الْعَاصَ، وَعَتَلَةَ - بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُثَنَّاةِ بَعْدَهَا لَامٌ - وَشَيْطَانٌ، وَغُرَابٌ، وَحُبَابٌ - بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ - وَشِهَابٌ، وَحَرْبٌ وَغَيْرُ ذَلِكَ. قُلْتُ: وَالْعَاصِي الَّذِي ذَكَرَهُ هُوَ مُطِيعُ بْنُ الْأَسْوَدِ الْعَدَوِيُّ وَالِدُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ، وَوَقَعَ مِثْلُهُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ جُزْءٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بِسَنَدٍ حَسَنٍ، وَالْأَخْبَارُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ، وَعَتَلَةُ هُوَ عُتْبَةُ بْنُ عَبْدٍ السُّلَمِيُّ، وَشَيْطَانٌ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ، وَغُرَابٌ هُوَ مُسْلِمٌ أَبُو رَايِطَةَ، وَحُبَابٌ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ، وَشِهَابٌ هُوَ هِشَامُ بْنُ عَامِرٍ الْأَنْصَارِيِّ، وَحَرْبٌ هُوَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ سَمَّاهُ عَلِيٌّ أَوَّلًا حَرْبًا، وَأَسَانِيدُهَا مُبَيَّنَةٌ فِي كِتَابِي فِي الصَّحَابَةِ.
١٠٩ - بَاب مَنْ سَمَّى بِأَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاءِ، وَقَالَ أَنَسٌ: قَبَّلَ النَّبِيُّ ﷺ إِبْرَاهِيمَ؛ يَعْنِي ابْنَهُ
٦١٩٤ - حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قُلْتُ لِابْنِ أَبِي أَوْفَى رَأَيْتَ إِبْرَاهِيمَ ابْنَ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: "مَاتَ صَغِيراً وَلَوْ قُضِيَ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ مُحَمَّدٍ ﷺ نَبِيٌّ عَاشَ ابْنُهُ وَلَكِنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ".
٦١٩٥ - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ قَالَ لَمَّا مَاتَ إِبْرَاهِيمُ ﵇ قال رسول الله ﷺ: "إِنَّ لَهُ مُرْضِعاً فِي الْجَنَّةِ".
٦١٩٦ - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيِّ قَالَ قال رسول الله ﷺ: "سَمُّوا بِاسْمِي وَلَا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي فَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ أَقْسِمُ بَيْنَكُمْ". وَرَوَاهُ أَنَسٌ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ
٦١٩٧ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا أَبُو حَصِينٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute