للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَبَعَثِهِ إِيَّاهَا مَعَ أَبِي بَكْرٍ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا تَرْجَمَ لَهُ مِنَ الْوَكَالَةِ فِي الْبُدْنِ، وَأَمَّا تَعَاهُدُهَا فَلَعَلَّهُ يُشِيرُ بِهِ إِلَى مَا تَضَمَّنَهُ الْحَدِيثُ مِنْ مُبَاشَرَةِ النَّبِيِّ إِيَّاهَا بِنَفْسِهِ حَتَّى قَلَّدَهَا بِيَدَيْهِ، فَمِنْ شَأْنِ أَبِي بَكْرٍ أَنْ يَعْتَنِيَ بِمَا اعْتَنَى بِهِ، وَقَدْ سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الْحَجِّ.

١٥ - بَاب إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِوَكِيلِهِ: ضَعْهُ حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ. وَقَالَ الْوَكِيلُ: قَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ

٢٣١٨ - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ الْأَنْصَارِ بِالْمَدِينَةِ مَالًا، وَكَانَ أَحَبَّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرُحَاءَ، وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ الْمَسْجِدِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ. فَلَمَّا نَزَلَتْ: ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾ قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾ وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءَ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ، فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ شِئْتَ، فَقَالَ: بَخٍ، ذَلِكَ مَالٌ رَائِحٌ، ذَلِكَ مَالٌ رَائِحٌ، قَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ فِيهَا، وَأَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الْأَقْرَبِينَ، قَالَ: أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ.

تَابَعَهُ إِسْمَاعِيلُ عَنْ مَالِكٍ. وَقَالَ رَوْحٌ عَنْ مَالِكٍ: رَابِحٌ.

قَوْلُهُ: (بَابُ إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِوَكِيلِهِ: ضَعْهُ حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ، وَقَالَ الْوَكِيلُ: قَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ) أَيْ: فَوَضَعَهُ حَيْثُ أَرَادَ جَازَ. فِيهِ حَدِيثُ أَنَسٍ فِي قِصَّةِ صَدَقَةِ أَبِي طَلْحَةَ عِنْدَ نُزُولِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾ وَشَاهِدُ التَّرْجَمَةِ مِنْهُ قَوْلُ أَبِي طَلْحَةَ لِلنَّبِيِّ : إِنَّهَا صَدَقَةُ لِلَّهِ أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ، فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ شِئْتَ فَإِنَّ النَّبِيَّ لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مَا وَضَعَهَا بِنَفْسِهِ بَلْ أَمَرَهُ أَنْ يَضَعَهَا فِي الْأَقْرَبِينَ، لَكِنَّ الْحُجَّةَ فِيهِ تَقْرِيرُهُ عَلَى ذَلِكَ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْوَكَالَةَ لَا تَتِمُّ إِلَّا بِالْقَبُولِ؛ لِأَنَّ أَبَا طَلْحَةَ قَالَ: ضَعْهَا حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ، فَرَدَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَقَالَ: أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الْأَقْرَبِينَ.

قَوْلُهُ: (أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ) مَضْبُوطٌ فِي الطُّرُقِ كُلِّهَا بِهَمْزَةِ قَطْعٍ عَلَى أَنَّهُ فِعْلٌ مُسْتَقْبَلٌ، وَحَكَى الدَّاوُدِيُّ فِيهِ صِيغَةَ الْأَمْرِ، أَيِ: افْعَلْ ذَلِكَ أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ التِّينِ بِأَنَّهُ لَمْ تَثْبُتْ بِهِ الرِّوَايَةُ، وَأَنَّ السِّيَاقَ يَأْبَاهُ.

قَوْلُهُ: (تَابَعَهُ إِسْمَاعِيلُ، عَنْ مَالِكٍ) يَأْتِي مَوْصُولًا فِي تَفْسِيرِ آلِ عِمْرَانَ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ رَوْحٌ، عَنْ مَالِكٍ: رَابِحٌ) يَعْنِي: أَنَّ رُوحَ بْنَ عُبَادَةَ وَافَقَ فِي الرِّوَايَةِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْإِسْنَادِ وَالْمَتْنِ، إِلَّا فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ. وَرِوَايَتُهُ الْمَذْكُورَةُ أَخْرَجَهَا الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ الِاخْتِلَافِ فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ فِي بَابِ الزَّكَاةِ عَلَى الْأَقَارِبِ مِنْ كِتَابِ الزَّكَاةِ، وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ ضَبْطُ بَيْرُحَاءَ، وَيَأْتِي شَرْحُ الْحَدِيثِ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

١٦ - بَاب وَكَالَةِ الْأَمِينِ فِي الْخِزَانَةِ وَنَحْوِهَا

٢٣١٩ - حَدَّثَنَي مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى ، عَنْ النَّبِيِّ ، قَالَ: الْخَازِنُ الْأَمِينُ الَّذِي يُنْفِقُ - وَرُبَّمَا قَالَ: الَّذِي يُعْطِي - مَا أُمِرَ بِهِ كَامِلًا