للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كَنَفَهُ بِفَتْحِ النُّونِ وَالْفَاءِ عِنْدَ الْجَمِيعِ، وَوَقَعَ لِأَبِي ذَرٍّ، عَنِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ وَهُوَ تَصْحِيفٌ قَبِيحٌ قَالَهُ عِيَاضٌ. وَوَجْهُ دُخُولِهِ فِي أَبْوَابِ الْغَصْبِ الْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ عُمُومَ قَوْلِهِ هُنَا أَغْفِرُهَا لَكَ مَخْصُوصٌ بِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَاضِي فِي الْبَابِ قَبْلَهُ.

٣ - بَاب لَا يَظْلِمُ الْمُسْلِمُ الْمُسْلِمَ وَلَا يُسْلِمُهُ

٢٤٤٢ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَالِمًا أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

[الحديث ٢٤٤٢ - طرفه في: ٦٩٥١]

قَوْلُهُ (بَابُ لَا يَظْلِمُ الْمُسْلِمُ الْمُسْلِمَ وَلَا يُسْلِمُهُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ يُقَالُ: أَسْلَمَ فُلَانٌ فُلَانًا إِذَا أَلْقَاهُ إِلَى الْهَلَكَةِ وَلَمْ يَحْمِهِ مِنْ عَدُوِّهِ، وَهُوَ عَامٌّ فِي كُلِّ مَنْ أُسْلِمَ لِغَيْرِهِ، لَكِنْ غَلَبَ فِي الْإِلْقَاءِ إِلَى الْهَلَكَةِ.

قَوْلُهُ: (الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ) هَذِهِ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ، فَإِنَّ كُلَّ اتِّفَاقٍ بَيْنَ شَيْئَيْنِ يُطْلِقُ بَيْنَهُمَا اسْمَ الْأُخُوَّةِ، وَيَشْتَرِكُ فِي ذَلِكَ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ وَالْبَالِغُ وَالْمُمَيِّزُ.

قَوْلُهُ: (لَا يَظْلِمُهُ) هُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى الْأَمْرِ، فَإِنَّ ظُلْمَ الْمُسْلِمِ لِلْمُسْلِمِ حَرَامٌ، وَقَوْلُهُ: وَلَا يُسْلِمُهُ أَيْ لَا يَتْرُكُهُ مَعَ مَنْ يُؤْذِيهِ وَلَا فِيمَا يُؤْذِيهِ، بَلْ يَنْصُرُهُ وَيَدْفَعُ عَنْهُ، وَهَذَا أَخَصُّ مِنْ تَرْكِ الظُّلْمِ، وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ وَاجِبًا وَقَدْ يَكُونُ مَنْدُوبًا بِحَسَبِ اخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ، وَزَادَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ سَالِمٍ وَلَا يُسْلِمُهُ فِي مُصِيبَةٍ نَزَلَتْ بِهِ وَلِمُسْلِمٍ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَا يَحْقِرُهُ وَهُوَ بِالْمُهْمَلَةِ وَالْقَافِ، وَفِيهِ بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ.

قَوْلُهُ: (وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ) فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ: وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ.

قَوْلُهُ: (وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً) أَيْ غُمَّةً، وَالْكَرْبُ هُوَ الْغَمُّ الَّذِي يَأْخُذُ النَّفْسَ، وَكُرُبَاتٌ بِضَمِّ الرَّاءِ جَمْعُ كُرْبَةٍ وَيَجُوزُ فَتْحُ رَاءِ كُرُبَاتٍ وَسُكُونُهَا.

قَوْلُهُ: (وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا) أَيْ رَآهُ عَلَى قَبِيحٍ فَلَمْ يُظْهِرْهُ أَيْ لِلنَّاسِ، وَلَيْسَ فِي هَذَا مَا يَقْتَضِي تَرْكَ الْإِنْكَارِ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، وَيُحْمَلُ الْأَمْرُ فِي جَوَازِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ عَلَى مَا إِذَا أَنْكَرَ عَلَيْهِ وَنَصَحَهُ فَلَمْ يَنْتَهِ عَنْ قَبِيحِ فِعْلِهِ ثُمَّ جَاهَرَ بِهِ، كَمَا أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِأَنْ يَسْتَتِرَ إِذَا وَقَعَ مِنْهُ شَيْءٌ، فَلَوْ تَوَجَّهَ إِلَى الْحَاكِمِ وَأَقَرَّ لَمْ يَمْتَنِعْ ذَلِكَ، وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ السَّتْرَ مَحَلُّهُ فِي مَعْصِيَةٍ قَدِ انْقَضَتْ، وَالْإِنْكَارَ فِي مَعْصِيَةٍ قَدْ حَصَلَ التَّلَبُّسُ بِهَا فَيَجِبُ الْإِنْكَارُ عَلَيْهِ وَإِلَّا رَفَعَهُ إِلَى الْحَاكِمِ، وَلَيْسَ مِنَ الْغِيبَةِ الْمُحَرَّمَةِ بَلْ مِنَ النَّصِيحَةِ الْوَاجِبَةِ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى تَرْكِ الْغِيبَةِ لِأَنَّ مَنْ أَظْهَرَ مَسَاوِئَ أَخِيهِ لَمْ يَسْتُرْهُ.

قَوْلُهُ: (سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ: سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَفِي الْحَدِيثِ حَضٌّ عَلَى التَّعَاوُنِ وَحُسْنِ التَّعَاشُرِ وَالْأُلْفَةِ، وَفِيهِ أَنَّ الْمُجَازَاةَ تَقَعُ مِنْ جِنْسِ الطَّاعَاتِ، وَأَنَّ مَنْ حَلَفَ أَنَّ فُلَانًا أَخُوهُ وَأَرَادَ أُخُوَّةَ الْإِسْلَامِ لَمْ يَحْنَثْ. وَفِيهِ حَدِيثٌ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ حَنْظَلَةَ فِي أَبِي دَاوُدَ فِي قِصَّةٍ لَهُ مَعَ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ.