بِالثُّلُثِ أَوِ الرُّبُعِ أَوْ بِمَا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ، فَقَالَ: لَا أَعْلَمُ بِهِ بَأْسًا. وَأَمَّا قَوْلُ عَطَاءٍ، وَالْحَكَمِ فَوَصَلَهُمَا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ. وَأَمَّا قَوْلُ الزُّهْرِيِّ فَوَصَلَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ مَعْمَرٍ عَنْهُ قَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَيْهِ بِالثُّلُثِ. وَأَمَّا قَوْلُ قَتَادَةَ فَوَصَلَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِلَفْظِ: أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يَدْفَعَ الثَّوْبَ إِلَى النَّسَّاجِ بِالثُّلُثِ:
قَوْلُهُ: (وَقَالَ مَعْمَرٌ: لَا بَأْسَ أَنْ تُكْرَى الْمَاشِيَةُ عَلَى الثُّلُثِ أَوِ الرُّبُعِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى) وَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْهُ بِهَذَا.
قَوْلُهُ: (عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ) هُوَ ابْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ.
قَوْلُهُ: (بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا) هَذَا الْحَدِيثُ هُوَ عُمْدَةُ مَنْ أَجَازَ الْمُزَارَعَةَ وَالْمُخَابَرَةَ لِتَقْرِيرِ النَّبِيِّ ﷺ لِذَلِكَ وَاسْتِمْرَارِهِ عَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ إِلَى أَنْ أَجْلَاهُمْ عُمَرُ كَمَا سَيَأْتِي بَعْدَ أَبْوَابٍ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ الْمُسَاقَاةِ فِي النَّخْلِ وَالْكَرْمِ وَجَمِيعِ الشَّجَرِ الَّذِي مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُثْمِرَ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ يُجْعَلُ لِلْعَامِلِ مِنَ الثَّمَرَةِ، وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ. وَخَصَّهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ بِالنَّخْلِ وَالْكَرْمِ، وَأُلْحِقَ الْمُقِلُّ بِالنَّخْلِ لِشَبَهِهِ بِهِ. وَخَصَّهُ دَاوُدُ بِالنَّخْلِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَزُفَرُ: لَا يَجُوزُ بِحَالٍ لِأَنَّهَا إِجَارَةٌ بِثَمَرَةٍ مَعْدُومَةٍ أَوْ مَجْهُولَةٍ، وَأَجَابَ مَنْ جَوَّزَهُ بِأَنَّهُ عَقْدٌ عَلَى عَمَلٍ فِي الْمَالِ بِبَعْضِ نَمَائِهِ فَهُوَ كَالْمُضَارَبَةِ، لِأَنَّ الْمُضَارِبَ يَعْمَلُ فِي الْمَالِ بِجُزْءٍ مِنْ نَمَائِهِ وَهُوَ مَعْدُومٌ وَمَجْهُولٌ، وَقَدْ صَحَّ عَقْدُ الْإِجَارَةِ مَعَ أَنَّ الْمَنَافِعَ مَعْدُومَةٌ فَكَذَلِكَ هُنَا. وَأَيْضًا فَالْقِيَاسُ فِي إِبْطَالِ نَصٍّ أَوْ إِجْمَاعٍ مَرْدُودٌ.
وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ عَنْ قِصَّةِ خَيْبَرَ بِأَنَّهَا فُتِحَتْ صُلْحًا، وَأُقِرُّوا عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ مِلْكُهُمْ بِشَرْطِ أَنْ يُعْطُوا نِصْفَ الثَّمَرَةِ، فَكَانَ ذَلِكَ يُؤْخَذُ بِحَقِّ الْجِزْيَةِ فَلَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْمُسَاقَاةِ. وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ مُعْظَمَ خَيْبَرَ فُتِحَ عَنْوَةً كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمَغَازِي، وَبِأَنَّ كَثِيرًا مِنْهَا قُسِّمَ بَيْنَ الْغَانِمِينَ كَمَا سَيَأْتِي، وَبِأَنَّ عُمَرَ أَجْلَاهُمْ مِنْهَا. فَلَوْ كَانَتِ الْأَرْضُ مِلْكَهُمْ مَا أَجْلَاهُمْ عَنْهَا. وَاسْتَدَلَّ مَنْ أَجَازَهُ فِي جَمِيعِ الثَّمَرِ بِأَنَّ فِي بَعْضِ طُرُقِ حَدِيثِ الْبَابِ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ نَخْلٍ وَشَجَرٍ وَفِي رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ عَلَى أَنَّ لَهُمُ الشَّطْرُ مِنْ كُلِّ زَرْعٍ وَنَخْلٍ وَشَجَرٍ وَهُوَ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَاسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ عَلَى شَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا لِجَوَازِ الْمُسَاقَاةِ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ لَا مَجْهُولٍ، وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ إِخْرَاجِ الْبَذْرِ مِنَ الْعَامِلِ أَوِ الْمَالِكِ لِعَدَمِ تَقْيِيدِهِ فِي الْحَدِيثِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَاحْتَجَّ مَنْ مَنَعَ بِأَنَّ الْعَامِلَ حِينَئِذٍ كَأَنَّهُ بَاعَ الْبَذْرَ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ بِمَجْهُولٍ مِنَ الطَّعَامِ نَسِيئَةً وَهُوَ لَا يَجُوزُ، وَأَجَابَ مَنْ أَجَازَهُ بِأَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنَ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ نَسِيئَةً جَمْعًا بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ إِلْغَاءِ أَحَدِهِمَا.
قَوْلُهُ: (فَكَانَ يُعْطِي أَزْوَاجَهُ مِائَةَ وَسْقٍ: ثَمَانُونَ وَسْقَ تَمْرٍ وَعِشْرُونَ وَسْقِ شَعِيرٍ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِالرَّفْعِ عَلَى الْقَطْعِ، وَالتَّقْدِيرُ مِنْهَا ثَمَانُونَ وَمِنْهَا عِشْرُونَ، وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ ثَمَانِينَ وَعِشْرِينَ عَلَى الْبَدَلِ، وَإِنَّمَا كَانَ عُمَرُ يُعْطِيهِنَّ ذَلِكَ لِأَنَّهُ ﷺ قَالَ: مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِي فَهُوَ صَدَقَةٌ وَسَيَأْتِي فِي بَابِهِ.
قَوْلُهُ: (وَقَسَمَ عُمَرُ) أَيْ خَيْبَرَ، صَرَّحَ بِذَلِكَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَتِهِ عَنِ ابْنِ نُمَيْرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَسَيَأْتِي بَعْدَ أَبْوَابٍ مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ أَجْلَى الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ وَسَيَأْتِي ذِكْرُ السَّبَبِ فِي ذَلِكَ فِي كِتَابِ الشُّرُوطِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
٩ - بَاب إِذَا لَمْ يَشْتَرِطْ السِّنِينَ فِي الْمُزَارَعَةِ
٢٣٢٩ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ ﵄ قَالَ: عَامَلَ النَّبِيُّ ﷺ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute