للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَبُو بَكْرٍ مُنَادِيًا فَنَادَى: مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ Object عِدَةٌ أَوْ دَيْنٌ فَلْيَأْتِنَا، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: إِنَّ النَّبِيَّ Object وَعَدَنِي فَحَثَى لِي ثَلَاثًا.

قَوْلُهُ: (بَابُ إِذَا وَهَبَ هِبَةً أَوْ وَعَدَ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ تَصِلَ إِلَيْهِ) أَيِ الْهَدِيَّةُ، وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ أَوْ وَعَدَ عِدَةً قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ: هَذِهِ التَّرْجَمَةُ لَا تَدْخُلُ فِي الْهِبَةِ بِحَالٍ. قُلْتُ: قَالَ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْهِبَةَ لَا تَصِحُّ إِلَّا بِالْقَبْضِ، وَإِلَّا فَلَيْسَتْ هِبَةً، وهَذَا مُقْتَضَى مَذْهَبِهِ، لَكِنْ مَنْ يَقُولُ: إِنَّهَا تَصِحُّ بِدُونِ الْقَبْضِ يُسَمِّيهَا هِبَةً، وَكَأَنَّ الْبُخَارِيَّ جَنَحَ إِلَى ذَلِكَ، وَسَأَذْكُرُ نَقْلَ الْخِلَافِ فِيهِ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ. وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: لَمْ يُرْوَ عَنْ أَحَدٍ مِنَ السَّلَفِ وُجُوبُ الْقَضَاءِ بِالْعِدَةِ أَيْ مُطْلَقًا، وَإِنَّمَا نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَجِبُ مِنْهُ مَا كَانَ بِسَبَبٍ انْتَهَى. وَغَفَلَ عَمَّا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَعَمَّا نَقَلَهُ هُوَ عَنْ أَصْبَغَ، وَعَمَّا سَيَأْتِي فِي الْبُخَارِيِّ الَّذِي تَصَدَّى لِشَرْحِهِ فِي بَابِ مَنْ أَمَرَ بِإِنْجَازِ الْوَعْدِ فِي أَوَاخِرِ الشَّهَادَاتِ، وَسَيَأْتِي نَقْلُ مَا فِيهِ وَالْبَحْثُ فِيهِ فِي مَكَانِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ عَبِيدَةُ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَهُوَ ابْنُ عَمْرٍو السَّلْمَانِيُّ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ.

قَوْلُهُ: (إِنْ مَاتَا) أَيِ الْمُهْدِي وَالْمُهْدَى إِلَيْهِ إِلَخْ، وَتَفْصِيلُهُ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ انْفَصَلَتْ أَمْ لَا مَصِيرٌ مِنْهُ إِلَى أَنَّ قَبْضَ الرَّسُولِ يَقُومُ مَقَامَ قَبْضِ الْمُهْدَى إِلَيْهِ. وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ الْهَدِيَّةَ لَا تَنْتَقِلُ إِلَى الْمُهْدَى إِلَيْهِ إِلَّا بِأَنْ يَقْبِضَهَا أَوْ وَكِيلُهُ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ الْحَسَنُ: أَيُّهُمَا مَاتَ قَبْلُ فَهِيَ لِوَرَثَةِ الْمُهْدَى لَهُ إِذَا قَبَضَهَا الرَّسُولُ) قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: قَالَ مَالِكٌ كَقَوْلِ الْحَسَنِ، وَقَالَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ: إِنْ كَانَ حَامِلُهَا رَسُولَ الْمُهْدِي رَجَعَتْ إِلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ حَامِلُهَا رَسُولَ الْمُهْدَى إِلَيْهِ فَهِيَ لِوَرَثَتِهِ. وَفِي مَعْنَى قَوْلِ عَبِيدَةَ وَتَفْصِيلُهُ حَدِيثٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ وَهِيَ بِنْتُ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: لَمَّا تَزَوَّجَ النَّبِيُّ Object أُمَّ سَلَمَةَ قَالَ لَهَا: إِنِّي قَدْ أَهْدَيْتُ إِلَى النَّجَاشِيِّ حُلَّةً وَأَوَاقِيَّ مِنْ مِسْكٍ، وَلَا أَرَى النَّجَاشِيَّ إِلَّا قَدْ مَاتَ وَلَا أَرَى هَدِيَّتِي إِلَّا مَرْدُودَةً عَلَيَّ، فَإِنْ رُدَّتْ عَلَيَّ فَهِيَ لَكِ، قَالَ: وَكَانَ كَمَا قَالَ. الْحَدِيثَ. وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ جَابِرٍ فِي وَفَاءِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ لَهُ مَا وَعَدَهُ بِهِ النَّبِيُّ Object، وَسَيَأْتِي بَسْطُ شَرْحِهِ فِي كِتَابِ فَرْضِ الْخُمُسِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ: لَيْسَ مَا قَالَهُ النَّبِيُّ Object لِجَابِرٍ هِبَةً، وَإِنَّمَا هِيَ عِدَةٌ عَلَى وَصْفٍ، لَكِنْ لَمَّا كَانَ وَعْدُ النَّبِيِّ Object لَا يَجُوزُ أَنْ يُخْلَفَ نَزَّلُوا وَعْدَهُ مَنْزِلَةَ الضَّمَانِ فِي الصِّحَّةِ فَرْقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ مِنَ الْأُمَّةِ مِمَّنْ يَجُوزُ أَنْ يَفِيَ وَأَنْ لَا يَفِيَ. قُلْتُ: وَجْهُ إِيرَادِهِ أَنَّهُ نَزَّلَ الْهَدِيَّةَ إِذَا لَمْ تُقْبَضْ مَنْزِلَةَ الْوَعْدِ بِهَا، وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ بِإِنْجَازِ الْوَعْدِ، ولَكِنْ حَمَلَهُ الْجُمْهُورُ عَلَى النَّدْبِ كَمَا سَيَأْتِي.

١٩ - بَاب كَيْفَ يُقْبَضُ الْعَبْدُ وَالْمَتَاعُ

وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: كُنْتُ عَلَى بَكْرٍ صَعْبٍ فَاشْتَرَاهُ النَّبِيُّ Object وَقَالَ: هُوَ لَكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ

٢٥٩٩ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ Object أنه قَالَ: قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ Object أَقْبِيَةً وَلَمْ يُعْطِ مَخْرَمَةَ مِنْهَا شَيْئًا فَقَالَ مَخْرَمَةُ: يَا بُنَيَّ، انْطَلِقْ بِنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ Object فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ فَقَالَ: ادْخُلْ فَادْعُهُ لِي قَالَ: فَدَعَوْتُهُ لَهُ فَخَرَجَ إِلَيْهِ وَعَلَيْهِ قَبَاءٌ مِنْهَا فَقَالَ: خَبَأْنَا هَذَا لَكَ قَالَ: فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَقَالَ: رَضِيَ مَخْرَمَةُ.

[الحديث ٢٥٩٩ - أطرافه في: ٢٦٥٧، ٣١٢٧، ٥٨٠٠، ٥٨٦٢، ٦١٣٢]