قَوْلُهُ: (بَعَثَ إِلَى نُسَيْبَةَ الْأَنْصَارِيَّةِ) هِيَ أُمُّ عَطِيَّةَ، كَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ السَّكَنِ، عَنِ الْفَرَبْرِيِّ، عَنِ الْبُخَارِيِّ فِي آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَكَانَ السِّيَاقُ يَقْتَضِي أَنْ يَقُولَ: بَعَثَ إِلَيَّ بِلَفْظِ ضَمِيرِ الْمُتَكَلِّمِ الْمَجْرُورِ كَمَا وَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُلَيَّةَ، عَنْ خَالِدٍ، لَكِنَّهُ فِي هَذَا السِّيَاقِ وَضَعَ الظَّاهِرَ مَوْضِعَ الْمُضْمَرِ، إِمَّا تَجْرِيدًا، وَإِمَّا الْتِفَاتًا، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى بَقِيَّةِ فَوَائِدِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ إِذَا حُوِّلَتِ الصَّدَقَةُ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الزَّكَاةِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
٣٢ - بَاب زَكَاةِ الْوَرِقِ
١٤٤٧ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ مِنْ الْإِبِلِ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرٌو سَمِعَ أَبَاهُ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ﵁ سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ بِهَذَا.
قَوْلُهُ: (بَابُ زَكَاةِ الْوَرِقِ) أَيْ: الْفِضَّةِ، يُقَالُ: وَرِقَ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَبِكَسْرِهَا وَبِكَسْرِ الرَّاءِ وَسُكُونِهَا، قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: لَمَّا كَانَتِ الْفِضَّةُ هِيَ الْمَالُ الَّذِي يَكْثُرُ دَوَرَانُهُ فِي أَيْدِي النَّاسِ وَيَرُوجُ بِكُلِّ مَكَانٍ كَانَ أَوْلَى بِأَنْ يُقَدَّمَ عَلَى ذِكْرِ تَفَاصِيلِ الْأَمْوَالِ الزَّكَوِيَّةِ.
قَوْلُهُ: (عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ) فِي مُوَطَّأِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ يَحْيَى حَدَّثَهُ.
قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِيهِ) فِي مُسْنَدِ الْحُمَيْدِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ: سَأَلْتُ عَمْرَو بْنَ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ الْمَازِنِيَّ فَحَدَّثَنِي عَنْ أَبِيهِ، وَفِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَهُوَ الْأَنْصَارِيُّ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ عَقِبَ هَذَا الْإِسْنَادِ التَّصْرِيحُ بِسَمَاعِ عَمْرٍو، وَهُوَ ابْنُ يَحْيَى الْمَذْكُورُ لَهُ مِنْ أَبِيهِ، وَهَذَا هُوَ السِّرُّ فِي إِيرَادِهِ لِلْإِسْنَادِ خَاصَّةً، وَقَدْ حَكَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ حَدِيثَ الْبَابِ لَمْ يَأْتِ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: وَهَذَا هُوَ الْأَغْلَبُ، إِلَّا أَنَّنِي وَجَدْتُهُ مِنْ رِوَايَةِ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَمِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرٍ. انْتَهَى. وَرِوَايَةُ سُهَيْلٍ فِي الْأَمْوَالِ لِأَبِي عُبَيْدٍ، وَرِوَايَةُ مُسْلِمٍ (١) فِي الْمُسْتَدْرَكِ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ جَابِرٍ، وَجَاءَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَعَائِشَةَ، وَأَبِي رَافِعٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ، أَخْرَجَ أَحَادِيثَ الْأَرْبَعَةِ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو عُبَيْدٍ أَيْضًا.
قَوْلُهُ: (خَمْسِ ذَوْدٍ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي بَابٍ مُفْرَدٍ.
قَوْلُهُ: (خَمْسِ أَوَاقٍ) زَادَ مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: خَمْسِ أَوَاقٍ مِنَ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ، وَهُوَ مُطَابِقٌ لِلَفْظِ التَّرْجَمَةِ، وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ بِالتَّرْجَمَةِ مَا أُبْهِمَ فِي لَفْظِ الْحَدِيثِ اعْتِمَادًا عَلَى الطَّرِيقِ الْأُخْرَى، وَأَوَاقٍ بِالتَّنْوِينِ وَبِإِثْبَاتِ التَّحْتَانِيَّةِ مُشَدَّدًا وَمُخَفَّفًا جَمْعُ أُوقِيَّةٍ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ، وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: وَقِيَّةً بِحَذْفِ الْأَلِفِ وَفَتْحِ الْوَاوِ، وَمِقْدَارُ الْأُوقِيَّةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا بِالِاتِّفَاقِ، وَالْمُرَادُ بِالدِّرْهَمِ الْخَالِصُ مِنَ الْفِضَّةِ سَوَاءٌ كَانَ مَضْرُوبًا أَوْ غَيْرَ مَضْرُوبٍ، قَالَ عِيَاضٌ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: إِنَّ الدِّرْهَمَ لَمْ يَكُنْ مَعْلُومَ الْقَدْرِ حَتَّى جَاءَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ
(١) كذا في المخطوطة وطبعة بولاق. والصواب "ورواية ابن مسلم" كما يعلم من السياق. والله أعلم.