رَبِيعَةُ، وَمَالِكٌ، وَمَكْحُولٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَاللَّيْثُ، وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَتَانِ.
وَنَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الصَّحَابَةِ، وَعَنِ الْقَاسِمِ، وَعَطَاءٍ، وَالشَّعْبِيِّ، وَطَاوُسٍ، وَالْحَسَنِ نَحْوَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ عَائِشَةَ، وَعَنْ أَبِي قِلَابَةَ لَا وَاللَّهِ وَبَلَى وَاللَّهِ لُغَةٌ مِنْ لُغَاتِ الْعَرَبِ لَا يُرَادُ بِهَا الْيَمِينُ وَهِيَ مِنْ صِلَةِ الْكَلَامِ، وَنَقَلَ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي، عَنْ طَاوُسٍ لَغْوُ الْيَمِينِ أَنْ يَحْلِفَ وَهُوَ غَضْبَانُ، وَذَكَرَ أَقْوَالًا أُخْرَى عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ، وَجُمْلَةُ مَا يَتَحَصَّلُ مِنْ ذَلِكَ ثَمَانِيَةُ أَقْوَالٍ مِنْ جُمْلَتِهَا قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الشَّيْءِ لَا يَفْعَلُهُ، ثُمَّ يَنْسَى فَيَفْعَلُهُ أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ، وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ الْحَسَنِ مِثْلَهُ، وَعَنْهُ هُوَ كَقَوْلِ الرَّجُلِ وَاللَّهِ إِنَّهُ لَكَذَا، وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ صَادِقٌ وَلَا يَكُونُ كَذَلِكَ.
وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنْ يَحْلِفَ وَهُوَ غَضْبَانُ، وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنْ يُحَرِّمَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُ، وَهَذَا يُعَارِضُهُ الْخَبَرُ الثَّابِتُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي مَوْضِعِهِ أَنَّهُ تَجِبُ فِيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَقِيلَ: هُوَ أَنْ يَدْعُوَ عَلَى نَفْسِهِ إِنْ فَعَلَ كَذَا ثُمَّ يَفْعَلُهُ، وَهَذَا هُوَ يَمِينُ الْمَعْصِيَةِ، وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَبْوَابٍ.
قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: الْقَوْلُ بِأَنَّ لَغْوَ الْيَمِينِ هُوَ الْمَعْصِيَةُ بَاطِلٌ لِأَنَّ الْحَالِفَ عَلَى تَرْكِ الْمَعْصِيَةِ تَنْعَقِدُ يَمِينُهُ عِبَادَةً، وَالْحَالِفُ عَلَى فِعْلِ الْمَعْصِيَةِ تَنْعَقِدُ يَمِينُهُ، وَيُقَالُ لَهُ: لَا تَفْعَلْ وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ، فَإِنْ خَالَفَ وَأَقْدَمَ عَلَى الْفِعْلِ أَثِمَ وَبَرَّ فِي يَمِينِهِ.
قُلْتُ: الَّذِي قَالَ ذَلِكَ قَالَ: إِنَّهَا فِي الثَّانِيَةِ لَا تَنْعَقِدُ أَصْلًا فَلِذَلِكَ قَالَ: إِنَّهَا لَغْوٌ، قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَمَنْ قَالَ: إِنَّهَا يَمِينُ الْغَضَبِ يَرُدُّهُ مَا ثَبَتَ فِي الْأَحَادِيثِ يَعْنِي مِمَّا ذُكِرَ فِي الْبَابِ وَغَيْرِهَا، وَمَنْ قَالَ دُعَاءُ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ إِنْ فَعَلَ كَذَا أَوْ لَمْ يَفْعَلْ فَاللَّغْوُ إِنَّمَا هُوَ فِي طَرِيقِ الْكَفَّارَةِ وَهِيَ تَنْعَقِدُ، وَقَدْ يُؤَاخَذُ بِهَا لِثُبُوتِ النَّهْيِ عَنْ دُعَاءِ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ. وَمَنْ قَالَ: إِنَّهَا الْيَمِينُ الَّتِي تُكَفَّرُ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فَإِنَّ اللَّهَ رَفَعَ الْمُؤَاخَذَةَ عَنِ اللَّغْوِ مُطْلَقًا فَلَا إِثْمَ فِيهِ وَلَا كَفَّارَةَ، فَكَيْفَ يُفَسَّرُ اللَّغْوُ بِمَا فِيهِ الْكَفَّارَةُ، وَثُبُوتُ الْكَفَّارَةِ يَقْتَضِي وُجُودَ الْمُؤَاخَذَةِ حَتَّى أَنَّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ فَخَالَفَ عُوقِبَ.
قَوْلُهُ: يَحْيَى هُوَ الْقَطَّانُ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: تَفَرَّدَ يَحْيَى الْقَطَّانُ، عَنْ هِشَامٍ بِذِكْرِ السَّبَبِ فِي نُزُولِ الْآيَةِ. قُلْتُ: قَدْ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِرَفْعِهِ عَنْ عَائِشَةَ، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ الصَّائِغِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: لَغْوُ الْيَمِينِ هُوَ كَلَامُ الرَّجُلِ فِي بَيْتِهِ كَلَّا وَاللَّهِ وَبَلَى وَاللَّهِ.
وَأَشَارَ أَبُو دَاوُدَ إِلَى أَنَّهُ اخْتُلِفَ عَلَى عَطَاءٍ وَعَلَى إِبْرَاهِيمَ فِي رَفْعِهِ وَوَقْفِهُ، وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ مِنْ طَرِيقِ الزُّبَيْدِيِّ، وَابْنِ وَهْبٍ فِي جَامِعِهِ عَنْ يُونُسَ، وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ مَعْمَرٍ كُلُّهُمْ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: لَغْوُ الْيَمِينِ مَا كَانَ فِي الْمِرَاءِ وَالْهَزْلِ، وَالْمُرَاجَعَةُ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي كَانَ يُعْقَدُ عَلَيْهِ الْقَلْبُ، وَهَذَا مَوْقُوفٌ. وَرِوَايَةُ يُونُسَ تُقَارِبُ الزُّبَيْدِيَّ، وَلَفْظُ مَعْمَرٍ أَنَّهُ الْقَوْمُ يَتَدَارَءُونَّ يَقُولُ أَحَدُهُمْ: لَا وَاللَّهِ وَبَلَى وَاللَّهِ وَكَلَّا وَاللَّهِ وَلَا يَقْصِدُ الْحَلِفَ، وَلَيْسَ مُخَالِفًا لِلْأَوَّلِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَأَخْرَجَ ابْنُ وَهْبٍ عَنِ الثِّقَةِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا السَّنَدِ هُوَ الَّذِي يَحْلِفُ عَلَى الشَّيْءِ لَا يُرِيدُ بِهِ إِلَّا الصِّدْقَ، فَيَكُونُ عَلَى غَيْرِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ، وَهَذَا يُوَافِقُ الْقَوْلَ الثَّانِي، لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ مِنْ أَجْلِ هَذَا الْمُبْهَمِ شَاذٌّ لِمُخَالَفَةِ مَنْ هُوَ أَوْثَقُ مِنْهُ وَأَكْثَرُ عَدَدًا.
١٥ - بَاب إِذَا حَنِثَ نَاسِيًا فِي الْأَيْمَانِ
وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ﴾ وَقَالَ: ﴿لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ﴾
٦٦٦٤ - حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، حَدَّثَنَا زُرَارَةُ بْنُ أَوْفَى، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْفَعُهُ