للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحْكَمِ لِلْهَرْجِ مَعَانِيَ أُخْرَى، وَمَجْمُوعُهَا تِسْعَةٌ: شِدَّةُ الْقَتْلِ، وَكَثْرَةُ الْقَتْلِ، وَالِاخْتِلَاطُ، وَالْفِتْنَةُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، وَكَثْرَةُ النِّكَاحِ، وَكَثْرَةُ الْكَذِبِ، وَكَثْرَةُ النَّوْمِ، وَمَا يُرَى فِي النَّوْمِ غَيْرُ مُنْضَبِطٍ، وَعَدَمُ الْإِتْقَانِ لِلشَّيْءِ.

وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: أَصْلُ الْهَرْجِ الْكَثْرَةُ فِي الشَّيْءِ؛ يَعْنِي حَتَّى لَا يَتَمَيَّزَ.

قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ وَاصِلٍ: (وَأَحْسَبُهُ رَفَعَهُ) زَادَ فِي رِوَايَةِ الْقَوَارِيرِيِّ، عَنْ غُنْدَرٍ: إِلَى النَّبِيِّ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، وَكَذَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، عَنْ غُنْدَرٍ، وَمُحَمَّدٌ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ فِيهِ لَمْ يُنْسَبْ عِنْدَ الْأَكْثَرِ، وَنَسَبَهُ أَبُو ذَرٍّ فِي رِوَايَتِهِ مُحَمَّدَ بْنَ بَشَّارٍ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ:، عَنْ عَاصِمٍ) هُوَ ابْنُ أَبِي النُّجُودِ الْقَارِئُ الْمَشْهُورُ، وَوَجَدْتُ لِأَبِي عَوَانَةَ، عَنْ عَاصِمٍ فِي الْمَعْنَى سَنَدًا آخَرَ أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، عَنْ عَفَّانَ، وَأَبِي الْوَلِيدِ جَمِيعًا عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، فَذَكَرَ قِصَّةً فِيهَا: فَأُولَئِكَ الْأَيَّامُ الَّتِي ذَكَرَ النَّبِيُّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ أَيَّامُ الْهَرْجِ، وَذَكَرَ فِيهِ أَنَّ الْفِتْنَةَ تُدْهِشُ حَتَّى يَنْظُرَ الشَّخْصُ هَلْ يَجِدُ مَكَانًا لَمْ يَنْزِلْ بِهِ فَلَا يَجِدُ. وَقَدْ وَافَقَهُ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ الْأَخِيرِ زَائِدَةٌ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: إِنَّ مِنْ شِرَارِ النَّاسِ مَنْ تُدْرِكُهُمُ السَّاعَةُ وَهُمْ أَحْيَاءٌ الْحَدِيثَ.

قَوْلُهُ: (أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ)؛ يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ (تَعْلَمُ الْأَيَّامَ الَّتِي ذَكَرَ - إِلَى قَوْلِهِ - نَحْوَهُ) يُرِيدُ نَحْوَ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ: بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ أَيَّامُ الْهَرْجِ. وَقَدْ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ زَائِدَةٍ، عَنْ عَاصِمٍ مُقْتَصَرًا عَلَى حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ الْمَرْفُوعِ دُونَ الْقِصَّةِ، وَوَقَعَ عِنْدَ أَحْمَدَ، وَابْنِ مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ عَنْ أُسَيْدِ بْنِ الْمُتَشَمِّسِ عَنْ أَبِي مُوسَى فِي الْمَرْفُوعِ زِيَادَةً: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا نَقْتُلُ فِي الْعَامِ الْوَاحِدِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ: لَيْسَ بِقَتْلِكُمُ الْمُشْرِكِينَ، وَلَكِنْ بِقَتْلِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا الْحَدِيثَ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ) هُوَ بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ.

قَوْلُهُ: (مِنْ شِرَارِ النَّاسِ مَنْ تُدْرِكُهُمُ السَّاعَةُ وَهُمْ أَحْيَاءٌ) قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: هَذَا وَإِنْ كَانَ لَفْظُهُ لَفْظَ الْعُمُومِ فَالْمُرَادُ بِهِ الْخُصُوصُ، وَمَعْنَاهُ أَنَّ السَّاعَةَ تَقُومُ فِي الْأَكْثَرِ وَالْأَغْلَبِ عَلَى شِرَارِ النَّاسِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، فَدَلَّ هَذَا الْخَبَرُ أَنَّ السَّاعَةَ تَقُومُ أَيْضًا عَلَى قَوْمٍ فُضَلَاءَ. قُلْتُ: وَلَا يَتَعَيَّنُ مَا قَالَ؛ فَقَدْ جَاءَ مَا يُؤَيِّدُ الْعُمُومَ الْمَذْكُورَ كَقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَيْضًا رَفَعَهُ: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا عَلَى شِرَارِ النَّاسِ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَلِمُسْلِمٍ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ: إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ رِيحًا مِنَ الْيَمَنِ أَلْيَنَ مِنَ الْحَرِيرِ فَلَا تَدَعُ أَحَدًا فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ إِلَّا قَبَضَتْهُ، وَلَهُ فِي آخِرِ حَدِيثِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ الطَّوِيلِ فِي قِصَّةِ الدَّجَّالِ وَعِيسَى وَيَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ: إِذْ بَعَثَ اللَّهُ رِيحًا طَيِّبَةً فَتَقْبِضُ رُوحَ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُسْلِمٍ وَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ يَتَهَارَجُونَ تَهَارُجَ الْحُمُرِ، فَعَلَيْهِمْ تَقُومُ السَّاعَةُ. وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ: يَتَهَارَجُونَ فَقِيلَ: يَتَسَافَدُونَ، وَقِيلَ: يَتَثَاوَرُونَ، وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ هُنَا بِمَعْنَى يَتَقَاتَلُونَ أَوْ لِأَعَمَّ مِنْ ذَلِكَ ; وَيُؤَيِّدُ حَمْلَهُ عَلَى التَّقَاتُلِ حَدِيثُ الْبَابِ، وَلِمُسْلِمٍ أَيْضًا: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ عَلَى أَحَدٍ يَقُولُ: اللَّهُ اللَّهُ.

وَهُوَ عِنْدَ أَحْمَدَ بِلَفْظِ: عَلَى أَحَدٍ يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ حَمْلُ الْغَايَةِ فِي حَدِيثِ: لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ عَلَى وَقْتِ هُبُوبِ الرِّيحِ الطَّيِّبَةِ الَّتِي تَقْبِضُ رُوحَ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُسْلِمٍ فَلَا يَبْقَى إِلَّا الشِّرَارُ، فَتَهْجُمُ السَّاعَةُ عَلَيْهِمْ بَغْتَةً كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ بَعْدَ قَلِيلٍ.

٦ - بَاب: لَا يَأْتِي زَمَانٌ إِلَّا الَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ

٧٠٦٨ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ قَالَ: أَتَيْنَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ فَشَكَوْنَا