وَاسِعَ الْأَكْمَامِ، وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ فِي الشَّمَائِلِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: كَانَ أَحَبَّ الثِّيَابِ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ الْقَمِيصُ، أَوْ أَرَادَ الرَّاوِي أَنَّ مَوْضِعَ بَيَاضِهِمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ثَوْبٌ لَرُئِيَ. قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ، وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ إِبْطَيْهِ ﷺ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمَا شَعْرٌ، وَفِيهِ نَظَرٌ. فَقَدْ حَكَى الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ فِي الِاسْتِسْقَاءِ مِنَ الْأَحْكَامِ لَهُ أَنَّ مِنْ خَصَائِصِهِ ﷺ أَنَّ الْإِبِطَ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ مُتَغَيِّرُ اللَّوْنِ غَيْرَهُ (١)، وَاسْتَدَلَّ بِإِطْلَاقِهِ عَلَى اسْتِحْبَابِ التَّفْرِيجِ فِي الرُّكُوعِ أَيْضًا، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ فِي رِوَايَةِ قُتَيْبَةَ، عَنْ بَكْرِ بْنِ مُضَرَ التَّقْيِيدَ بِالسُّجُودِ، وَأَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمَنَاقِبِ، وَالْمُطْلَقُ إِذَا اسْتُعْمِلَ فِي صُورَةٍ اكْتُفِيَ بِهَا.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ اللَّيْثُ:، حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ نَحْوَهُ)، وَصَلَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِهِ بِلَفْظِ: كَانَ إِذَا سَجَدَ فَرَّجَ يَدَيْهِ عَنْ إِبْطَيْهِ، حَتَّى إِنِّي لَأَرَى بَيَاضَ إِبْطَيْهِ.
(تَنْبِيهٌ): تَقَدَّمَ قُبَيْلَ أَبْوَابِ الْقِبْلَةِ أَنَّهُ وَقَعَ فِي كَثِيرٍ مِنَ النُّسَخِ وُقُوعُ هَاتَيْنِ التَّرْجَمَتَيْنِ هَذِهِ وَالَّتِي بَعْدَهَا هُنَاكَ وَأُعِيدَا هُنَا وَأَنَّ الصَّوَابَ إِثْبَاتُهُمَا هُنَا، وَذَكَرْنَا تَوْجِيهَ ذَلِكَ بِمَا يُغْنِي عَنْ إِعَادَتِهِ.
١٣١ - بَاب يَسْتَقْبِلُ بِأَطْرَافِ رِجْلَيْهِ الْقِبْلَةَ قَالَهُ أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَوْلُهُ: (بَابٌ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ بِأَطْرَافِ رِجْلَيْهِ قَالَهُ أَبُو حُمَيْدٍ) يَأْتِي مَوْصُولًا فِي بَابِ سُنَّةِ الْجُلُوسِ فِي التَّشَهُّدِ قَرِيبًا وَأَنَّهُ وَرَدَ فِي صِفَةِ السُّجُودِ، قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ: الْمُرَادُ أَنْ يَجْعَلَ قَدَمَيْهِ قَائِمَتَيْنِ عَلَى بُطُونِ أَصَابِعِهِمَا وَعَقِبَاهُ مُرْتَفِعَانِ، فَيَسْتَقْبِلُ بِظُهُورِ قَدَمَيْهِ الْقِبْلَةَ، قَالَ أَخُوهُ: وَمِنْ ثَمَّ نُدِبَ ضَمُّ الْأَصَابِعِ فِي السُّجُودِ لِأَنَّهَا لَوْ تَفَرَّجَتِ انْحَرَفَتْ رُءُوسُ بَعْضِهَا عَنِ الْقِبْلَةِ.
١٣٢ - بَاب إِذَا لَمْ يُتِمَّ السُّجُودَ
٨٠٨ - حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ، عَنْ وَاصِلٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ: رَأَى رَجُلًا لَا يُتِمُّ رُكُوعَهُ وَلَا سُجُودَهُ، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ قَالَ لَهُ حُذَيْفَةُ: مَا صَلَّيْتَ؟ قَالَ: وَأَحْسِبُهُ قَالَ: وَلَوْ مُتَّ مُتَّ عَلَى غَيْرِ سُنَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ.
قَوْلُهُ: (بَابُ إِذَا لَمْ يُتِمَّ سُجُودَهُ) أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ حُذَيْفَةَ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي بَابِ إِذَا لَمْ يُتِمَّ الرُّكُوعَ.
١٣٣ - بَاب السُّجُودِ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ
٨٠٩ - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أُمِرَ النَّبِيُّ ﷺ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْضَاءٍ، وَلَا يَكُفَّ شَعَرًا وَلَا ثَوْبًا، الْجَبْهَةِ وَالْيَدَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ.
[الحديث ٨٠٩ - أطرافه في: ٨١٦، ٨١٥، ٨١٢، ٨١٠]
٨١٠ - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: أُمِرْنَا أَنْ نَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ، وَلَا نَكُفَّ ثَوْبًا وَلَا شَعَرًا.
٨١١ - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْخَطْمِيِّ، حَدَّثَنَا الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، وَهُوَ غَيْرُ كَذُوبٍ، قَالَ: كُنَّا نُصَلِّي خَلْفَ النَّبِيِّ ﷺ فَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. لَمْ يَحْنِ أَحَدٌ مِنَّا
(١) مثل هذا التخصيص يحتاج إلى دليل، ولا أعلم في الأحاديث مايدل على ما قاله المحب، فالأقرب ما قاله القرطبي، وهو ظاهر كثير من الأحاديث. ويحتمل أن يكون شعر إبطيه ﷺ كان خفيفا فلا يتضح للناظر من سوى بياض الإبطين. والله أعلم