حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ فِي سُؤَالِهِمْ عَنِ الْعَزْلِ كَمَا سَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ، وَمِمَّنْ تَعَلَّقَ بِهِ النَّسَائِيُّ فِي السُّنَنِ فَقَالَ: بَابُ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى مَنْعِ بَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ فَسَاقَ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ، ثُمَّ سَاقَ حَدِيثَ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ الْخُزَاعِيِّ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْوَصَايَا، قَالَ: مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَبْدًا وَلَا أَمَةً الْحَدِيثَ، وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّا نُصِيبُ سَبَايَا فَنُحِبُّ الْأَثْمَانَ، فَكَيْفَ تَرَى فِي الْعَزْلِ؟ وَهَذَا لَفْظُ الْبُخَارِيِّ كَمَا مَضَى فِي بَابِ بَيْعِ الرَّقِيقِ مِنْ كِتَابِ الْبُيُوعِ ; قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: لَوْلَا أَنَّ الِاسْتِيلَاءَ يَمْنَعُ مِنْ نَقْلِ الْمِلْكِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِعَزْلِهِمْ لِأَجْلِ مَحَبَّةِ الْأَثْمَانِ فَائِدَةٌ.
وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ فَكَانَ مِنَّا مَنْ يُرِيدُ أَنْ يَتَّخِذَ أَهْلًا، وَمِنَّا مَنْ يُرِيدُ الْبَيْعَ، فَتَرَاجَعْنَا فِي الْعَزْلِ الْحَدِيثَ، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ وَطَالَتْ عَلَيْنَا الْعُزْبَةُ وَرَغِبْنَا فِي الْفِدَاءِ فَأَرَدْنَا أَنْ نَسْتَمْتِعَ وَنَعْزِلَ وَفِي الِاسْتِدْلَالِ بِهِ نَظَرٌ، إِذْ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ حَمْلِهِنَّ وَبَيْنَ اسْتِمْرَارِ امْتِنَاعِ الْبَيْعِ، فَلَعَلَّهُمْ أَحَبُّوا تَعْجِيلَ الْفِدَاءِ وَأَخْذَ الثَّمَنِ، فَلَوْ حَمَلَتِ الْمَسْبِيَّةُ لَتَأَخَّرَ بَيْعُهَا إِلَى وَضْعِهَا. وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ أَنَّ مَارِيَةَ أُمَّ وَلَدِهِ إِبْرَاهِيمَ كَانَتْ قَدْ عَاشَتْ بَعْدَهُ، فَلَوْلَا أَنَّهَا خَرَجَتْ عَنِ الْوَصْفِ بِالرِّقِّ لَمَا صَحَّ قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ أَمَةً، وَقَدْ وَرَدَ الْحَدِيثُ عَنْ عَائِشَةَ أَيْضًا عِنْدَ ابْنِ حِبَّانَ مِثْلُهُ، وَهُوَ عِنْدَ مُسْلِمٍ لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْأَمَةِ، وَفِي صِحَّةِ الِاسْتِدْلَالِ بِذَلِكَ وَقْفَةٌ، لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ نَجَّزَ عِتْقَهَا، وَأَمَّا بَقِيَّةُ أَحَادِيثِ الْبَابِ فَضَعِيفَةٌ، وَيُعَارِضُهَا حَدِيثُ جَابِرٍ كُنَّا نَبِيعُ سَرَارِيَّنَا أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ وَالنَّبِيُّ ﷺ حَيٌّ لَا يَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا وَفِي لَفْظٍ بِعْنَا أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ وَأَبِي بَكْرٍ، فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ نَهَانَا فَانْتَهَيْنَا وَقَوْلُ الصَّحَابِيِّ: كُنَّا نَفْعَلُ مَحْمُولٌ عَلَى الرَّفْعِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَعَلَيْهِ جَرَى عَمَلُ الشَّيْخَيْنِ فِي صَحِيحَيْهِمَا وَلَمْ يَسْتَنِدِ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَوْلِ بِالْمَنْعِ إِلَّا إِلَى عُمَرَ فَقَالَ: قُلْتُهُ تَقْلِيدًا لِعُمَرَ.
قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: لِأَنَّ عُمَرَ لَمَّا نَهَى عَنْهُ فَانْتَهَوْا صَارَ إِجْمَاعًا، يَعْنِي فَلَا عِبْرَةَ بِنُدُورِ الْمُخَالِفِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَا يَتَعَيَّنُ مَعْرِفَةُ سَنَدِ الْإِجْمَاعِ.
قَوْلُهُ: (أَخَذَ سَعْدٌ ابْنَ وَلِيدَةِ) سَعْدٌ بِالرَّفْعِ وَالتَّنْوِينِ وَابْنَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ وَيُكْتَبُ بِالْأَلِفِ، وَقَوْلُهُ: هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ بِرَفْعِ عَبْدٍ وَيَجُوزُ نَصْبُهُ، وَكَذَا ابْنٌ، وَكَذَا قَوْلُهُ يَا سَوْدَةُ بِنْتَ زَمْعَةَ.
(تَنْبِيهَانِ) أَحَدُهُمَا: وَقَعَ فِي نُسْخَةِ الصَّغَانِيِّ هُنَا قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي الْمُصَنِّفَ: سَمَّى النَّبِيُّ ﷺ أُمَّ وَلَدِ زَمْعَةَ أَمَةً وَوَلِيدَةً فَلَمْ تَكُنْ عَتِيقَةً لِهَذَا الْحَدِيثِ، وَلَكِنْ مَنْ يَحْتَجُّ بِعِتْقِهَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿إِلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ حُجَّةً. الثَّانِي: ذَكَرَ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ أَنَّ الْبُخَارِيَّ قَالَ عَقِبَ طَرِيقِ شُعَيْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ هَذِهِ: وَقَالَ الليث عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ وَلَمْ أَرَ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ مِنْ نُسَخِ الْبُخَارِيِّ، نَعَمْ ذَكَرَ هَذَا التَّعْلِيقَ فِي بَابِ غَزْوَةِ الْفَتْحِ مِنْ كِتَابِ الْمَغَازِي مَقْرُونًا بِطَرِيقِ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
٩ - بَاب بَيْعِ الْمُدَبَّرِ
٢٥٣٤ - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ﵄ قَالَ: أَعْتَقَ رَجُلٌ مِنَّا عَبْدًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ، فَدَعَا النَّبِيُّ ﷺ بِهِ فَبَاعَهُ، قَالَ جَابِرٌ: مَاتَ الْغُلَامُ عَامَ أَوَّلَ.
قَوْلُهُ: (بَابُ بَيْعِ الْمُدَبَّرِ) أَيْ جَوَازِهِ، أَوْ مَا حُكْمُهُ؟ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ هَذِهِ التَّرْجَمَةُ بِعَيْنِهَا فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ، وَأَوْرَدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute