أَيْ: نَهَى عَنْ بَيْعِ ثَمَرِ النَّخْلِ، وَاتَّفَقَتِ الرِّوَايَاتُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ عَلَى أَنَّهُ نُهِيَ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ، وَاخْتُلِفَ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ رِوَايَةُ غُنْدَرٍ: فَعِنْدَ أَبِي ذَرٍّ، وَأَبِي الْوَقْتِ: فَقَالَ: نَهَى عُمَرُ عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ الْحَدِيثَ، وَفِي رِوَايَةِ غَيْرِهِمَا: نَهَى النَّبِيُّ ﷺ وَاقْتَصَرَ مُسْلِمٌ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
قَوْلُهُ: (وَعَنْ بَيْعِ الْوَرِقِ) أَيْ: بِالذَّهَبِ نسيئة، كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ.
قَوْلُهُ: (نَسَاءً) بِفَتْحِ النُّونِ وَالْمُهْمَلَةِ وَالْمَدِّ، أَيْ: تَأْخِيرًا، تَقُولُ: نَسَأْتُ الدَّيْنَ، أَيْ: أَخَّرْتُهُ نَسَاءً، أَيْ: تَأْخِيرًا، وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِي اشْتِرَاطِ الْأَجَلِ فِي السَّلَمِ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ، وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ إِنْ صَحَّ، فَمَحْمُولٌ عَلَى السَّلَمِ الْحَالِّ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِهِ، أَوْ مَا قَرُبَ أَجَلُهُ، وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ السَّلَمِ فِي النَّخْلِ الْمُعَيَّنِ مِنَ الْبُسْتَانِ الْمُعَيَّنِ لَكِنْ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ وَهُوَ قَوْلُ الْمَالِكِيَّةِ، وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ النَّجْرَانِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَا يُسْلَمُ فِي نَخْلٍ قَبْلَ أَنْ يُطْلِعَ؛ فَإِنَّ رَجُلًا أَسْلَمَ فِي حَدِيقَةِ نَخْلٍ قَبْلَ أَنْ تُطْلِعَ، فَلَمْ تُطْلِعْ ذَلِكَ الْعَامَ شَيْئًا، فَقَالَ الْمُشْتَرِي: هُوَ لِي حَتَّى تُطْلِعَ، وَقَالَ الْبَائِعُ: إِنَّمَا بِعْتُكَ هَذِهِ السَّنَةَ، فَاخْتَصَمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَقَالَ: ارْدُدْ عَلَيْهِ مَا أَخَذْتَ مِنْهُ، وَلَا تُسْلِمُوا فِي نَخْلٍ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ. وَهَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ ضَعْفٌ، وَنَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ اتِّفَاقَ الْأَكْثَرِ عَلَى مَنْعِ السَّلَمِ فِي بُسْتَانٍ مُعَيَّنٍ؛ لِأَنَّهُ غَرَرٌ، وَقَدْ حَمَلَ الْأَكْثَرُ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ عَلَى السَّلَمِ الْحَالِّ، وَقَدْ رَوَى ابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ، وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ فِي قِصَّةِ إِسْلَامِ زَيْدِ بْنِ سَعْنَةَ بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا نُونٌ، أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ: هَلْ لَكَ أَنْ تَبِيعنِي تَمْرًا مَعْلُومًا إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ مِنْ حَائِطِ بَنِي فُلَانٍ. قَالَ: لَا أَبِيعُكَ مِنْ حَائِطٍ مُسَمًّى، بَلْ أَبِيعُكَ أَوْسُقًا مُسَمَّاةً إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى.
٥ - باب الْكَفِيلِ فِي السَّلَمِ
٢٢٥١ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ، حَدَّثَنَا يَعْلَى، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: اشْتَرَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ طَعَامًا مِنْ يَهُودِيٍّ بِنَسِيئَةٍ، وَرَهَنَهُ دِرْعًا لَهُ مِنْ حَدِيدٍ.
٦ - بَاب الرَّهْنِ فِي السَّلَمِ
٢٢٥٢ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ قَالَ: تَذَاكَرْنَا عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ الرَّهْنَ فِي السَّلَفِ، فَقَالَ: حَدَّثَنِي الْأَسْوَدُ، عَنْ عَائِشَةَ ﵂، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ اشْتَرَى مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَامًا إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ، وَارْتَهَنَ مِنْهُ دِرْعًا مِنْ حَدِيدٍ.
قَوْلُهُ: (بَابُ الْكَفِيلِ فِي السَّلَمِ) أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ عَائِشَةَ: اشْتَرَى النَّبِيُّ ﷺ طَعَامًا مِنْ يَهُودِيٍّ نَسِيئَةً، وَرَهَنَهُ دِرْعًا مِنْ حَدِيدٍ، ثُمَّ تَرْجَمَ لَهُ بَابُ الرَّهْنِ فِي السَّلَمِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيهِ، وَأَمَّا الْكَفِيلُ فَقَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ: لَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا تُرْجِمَ بِهِ، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ إِلْحَاقَ الْكَفِيلِ بِالرَّهْنِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ ثَبَتَ الرَّهْنُ بِهِ فَيَجُوزُ أَخْذُ الْكَفِيلِ فِيهِ. قُلْتُ: هَذَا الِاسْتِنْبَاطُ بِعَيْنِهِ سَبَقَ إِلَيْهِ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ رَاوِي الْحَدِيثِ، وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ الْبُخَارِيُّ فِي التَّرْجَمَةِ، فَسَيَأْتِي فِي الرَّهْنِ عَنْ مُسَدَّدٍ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ، عَنِ الْأَعْمَشِ قَالَ: تَذَاكَرْنَا عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ الرَّهْنَ وَالْكَفِيلَ فِي السَّلَفِ، فَذَكَرَ إِبْرَاهِيمُ هَذَا الْحَدِيثَ فَوَضَحَ أَنَّهُ هُوَ الْمُسْتَنْبَطُ لِذَلِكَ، وَأَنَّ الْبُخَارِيَّ أَشَارَ بِالتَّرْجَمَةِ إِلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ عَلَى عَادَتِهِ.
وَفِي الْحَدِيثِ الرَّدُّ عَلَى مَنْ قَالَ: إِنَّ الرَّهْنَ فِي السَّلَمِ لَا يَجُوزُ، وَقَدْ أَخْرَجَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ نُمَيْرٍ، عَنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute