عِنْدَ الْخَلِيلِ بْنِ أَحْمَدَ أَصْلَحُ مِنَ الْكَفِّ، وَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ عِنْدَهُمْ بَيْنَ الْكَفِّ - وَهُوَ حَذْفُ السَّابِعِ السَّاكِنِ - وَبَيْنَ الْقَبْضِ بَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَتَعَاقَبَا. وَإِنَّمَا أَوْرَدْتُ هَذَا الْقَدْرَ هُنَا؛ لِأَنَّ الطَّبْعَ السَّلِيمَ يَنْفِرُ مِنَ الْقَبْضِ الْمَذْكُورِ.
وَفِي الْحَدِيثِ إِبَاحَةُ الْمَبِيتِ وَالْمَقِيلِ فِي الْمَسْجِدِ لِمَنْ لَا مَسْكَنَ لَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ رَجُلًا كَانَ أَوِ امْرَأَةً عِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ، وَإِبَاحَةُ اسْتِظْلَالِهِ فِيهِ بِالْخَيْمَةِ وَنَحْوِهَا، وَفِيهِ الْخُرُوجُ مِنَ الْبَلَدِ الَّذِي يَحْصُلُ لِلْمَرْءِ فِيهِ الْمِحْنَةُ، وَلَعَلَّهُ يَتَحَوَّلُ إِلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لَهُ كَمَا وَقَعَ لِهَذِهِ الْمَرْأَةِ. وَفِيهِ فَضْلُ الْهِجْرَةِ مِنْ دَارِ الْكُفْرِ، وَإِجَابَةِ دَعْوَةِ الْمَظْلُومِ وَلَوْ كَانَ كَافِرًا؛ لِأَنَّ فِي السِّيَاقِ أَنَّ إِسْلَامَهَا كَانَ بَعْدَ قُدُومِهَا الْمَدِينَةَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
٥٨ - بَاب نَوْمِ الرِّجَالِ فِي الْمَسْجِدِ
وَقَالَ أَبُو قِلَابَةَ عَنْ أَنَسِ: قَدِمَ رَهْطٌ مِنْ عُكْلٍ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فَكَانُوا فِي الصُّفَّةِ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ: كَانَ أَصْحَابُ الصُّفَّةِ الْفُقَرَاءَ.
٤٤٠ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ أَنَّهُ كَانَ يَنَامُ وَهُوَ شَابٌّ أَعْزَبُ لَا أَهْلَ لَهُ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ ﷺ.
٤٤٠ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي نَافِعٌ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ "أَنَّهُ كَانَ يَنَامُ وَهُوَ شَابٌّ أَعْزَبُ لَا أَهْلَ لَهُ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ ﷺ"
[الحديث ٤٤٠ - أطرافه في: ٧٠٣٠، ٧٠٢٨، ٧٠١٥، ٣٧٤٠، ٣٧٣٨، ١١٥٦، ١١٢١]]
٤٤١ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَيْتَ فَاطِمَةَ فَلَمْ يَجِدْ عَلِيًّا فِي الْبَيْتِ فَقَالَ "أَيْنَ ابْنُ عَمِّكِ" قَالَتْ كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ شَيْءٌ فَغَاضَبَنِي فَخَرَجَ فَلَمْ يَقِلْ عِنْدِي فَقال رسول الله ﷺ: "لِإِنْسَانٍ "انْظُرْ أَيْنَ هُوَ" فَجَاءَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ فِي الْمَسْجِدِ رَاقِدٌ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ مُضْطَجِعٌ قَدْ سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ شِقِّهِ وَأَصَابَهُ تُرَابٌ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَمْسَحُهُ عَنْهُ وَيَقُولُ "قُمْ أَبَا تُرَابٍ قُمْ أَبَا تُرَابٍ".
[الحديث ٤٤١ - أطرافه في: ٦٢٨٠، ٦٢٠٤، ٣٧٠٣]
قَوْلُهُ: (بَابُ نَوْمِ الرِّجَالِ فِي الْمَسْجِدِ) أَيْ جَوَازِ ذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَرَاهِيَتُهُ إِلَّا لِمَنْ يُرِيدُ الصَّلَاةَ، وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مُطْلَقًا، وَعَنْ مَالِكٍ التَّفْصِيلُ بَيْنَ مَنْ لَهُ مَسْكَنٌ فَيُكْرَهُ وَبَيْنَ مَنْ لَا مَسْكَنَ لَهُ فَيُبَاحُ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ أَبُو قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ) هَذَا طَرَفٌ مِنْ قِصَّةِ الْعُرَنِيِّينَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُهُمْ فِي الطَّهَارَةِ. وَهَذَا اللَّفْظُ أَوْرَدَهُ فِي الْمُحَارَبِينَ مَوْصُولًا مِنْ طَرِيقِ وُهَيْبٍ عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ) هُوَ أَيْضًا طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ طَوِيلٍ يَأْتِي فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ. وَالصُّفَّةُ مَوْضِعٌ مُظَلَّلٌ فِي الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ كَانَتْ تَأْوِي إِلَيْهِ الْمَسَاكِينُ، وَقَدْ سَبَقَ الْبُخَارِيَّ إِلَى الِاسْتِدْلَالِ بِذَلِكَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْهُمَا.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا يَحْيَى) هُوَ الْقَطَّانُ (عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ) هُوَ الْعُمَرِيُّ، وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ هَذَا مُخْتَصَرٌ أَيْضًا مِنْ حَدِيثٍ لَهُ طَوِيلٍ يَأْتِي فِي بَابِ فَضْلِ قِيَامِ اللَّيْلِ، وَأَوْرَدَهُ ابْنُ مَاجَهْ مُخْتَصَرًا أَيْضًا بِلَفْظِ: كُنَّا نَنَامُ.
قَوْلُهُ: (أَعْزَبُ) الْمُهْمَلَةُ وَالزَّايُ أَيْ غَيْرُ مُتَزَوِّجٍ. وَالْمَشْهُورُ فِيهِ عَزِبٌ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الزَّايِ، وَالْأَوَّلُ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ مَعَ أَنَّ الْقَزَّازَ