النَّاسِ فِي مَعْرِفَةِ مَنَاقِبِ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، بِخِلَافِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَمَا كَانَتْ مَنَاقِبُهُ فِي الشُّهْرَةِ كَمَنَاقِبِهِمَا فَأَظْهَرَ ذَلِكَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَبَيَّنَهُ لِلنَّاسِ إِنْصَافًا مِنْهُ لَهُ، فَلَمَّا لَمْ يُنْصِفْهُ هُوَ رَجَعَ عَنْهُ.
قَوْلُهُ: (فَإِذَا هُوَ يَتَعَلَّى عَنِّي) أَيْ يَتَرَفَّعُ عَلَيَّ مُتَنَحِّيًا عَنِّي.
قَوْلُهُ: (وَلَا يُرِيدُ ذَلِكَ) أَيْ لَا يُرِيدُ أَنْ أَكُونَ مِنْ خَاصَّتِهِ. وَقَوْلُهُ مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنِّي أَعْرِضُ هَذَا مِنْ نَفْسِي أَيْ أَبْدَؤُهُ بِالْخُضُوعِ لَهُ وَلَا يَرْضَى مِنِّي بِذَلِكَ، وَقَوْلُهُ وَمَا أَرَاهُ يُرِيدُ خَيْرًا أَيْ لَا يُرِيدُ أَنْ يَصْنَعَ بِي خَيْرًا، وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَإِنَّمَا أَرَاهُ يُرِيدُ خَيْرًا وَهُوَ تَصْحِيفٌ، وَيُوَضِّحُهُ مَا تَقَدَّمَ. وَقَوْلُهُ لَأَنْ يُرَبِّنِي أَيْ يَكُونُ عَلَيَّ رَبًّا أَيْ أَمِيرًا، أَوْ رَبَّهُ بِمَعْنَى رَبَّاهُ وَقَامَ بِأَمْرِهِ وَمَلَكَ تَدْبِيرِهِ، قَالَ التَّيْمِيُّ: مَعْنَاهُ لَأَنْ أَكُونَ فِي طَاعَةِ بَنِي أُمَيَّةَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَكُونَ فِي طَاعَةِ بَنِي أَسَدٍ، لِأَنَّ بَنِي أُمَيَّةَ أَقْرَبُ إِلَى بَنِي هَاشِمٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ كَمَا تَقَدَّمَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
١٠ - بَاب: ﴿وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ﴾ قَالَ مُجَاهِدٌ: يَتَأَلَّفُهُمْ بِالْعَطِيَّةِ
٤٦٦٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي نُعْمٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ﵁ قَالَ: بُعِثَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ بِشَيْءٍ، فَقَسَمَهُ بَيْنَ أَرْبَعَةٍ، وَقَالَ: أَتَأَلَّفُهُمْ، فَقَالَ رَجُلٌ: مَا عَدَلْتَ، فَقَالَ: يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْمٌ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ.
قَوْلُهُ (بَابُ قَوْلِهِ: ﴿وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ﴾ قَالَ مُجَاهِدٌ: يَتَأَلَّفُهُمْ بِالْعَطِيَّةِ) وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، وَسَقَطَ قَوْلُهُ: ﴿وَفِي الرِّقَابِ﴾ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَهُوَ أَوْجَهُ، إِذْ لَمْ يَذْكُرْ مَا يَتَعَلَّقُ بِالرِّقَابِ.
ثم ذكر حَدِيثُ أبي سَعِيدِ إِلَى: بُعِثَ النَّبِيِّ ﷺ بِشَيْءٍ فَقَسَمَهُ بَيْنَ أَرْبَعَةٍ وَقَالَ أَتَأَلَّفُهُمْ، فَقَالَ رَجُلٌ مَا عَدَلْتَ، أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا جِدًّا وَأَبْهَمَ الْبَاعِثُ وَالْمَبْعُوثُ وَتَسْمِيَةَ الْأَرْبَعَةِ وَالرَّجُلِ الْقَائِلِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ جَمِيعِ ذَلِكَ فِي غَزْوَةِ حُنَيْنٍ مِنَ الْمَغَازِي.
١١ - بَاب: ﴿الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ * يَلْمِزُونَ﴾ يَعِيبُونَ، ﴿جُهْدَهُمْ﴾ وَجَهْدَهُمْ: طَاقَتَهُمْ
٤٦٦٨ - حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ أَبُو مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ: لَمَّا أُمِرْنَا بِالصَّدَقَةِ كُنَّا نَتَحَامَلُ، فَجَاءَ أَبُو عَقِيلٍ بِنِصْفِ صَاعٍ، وَجَاءَ إِنْسَانٌ بِأَكْثَرَ مِنْهُ، فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ: إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنْ صَدَقَةِ هَذَا، وَمَا فَعَلَ هَذَا الْآخَرُ إِلَّا رِئَاءً، فَنَزَلَتْ: ﴿الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلا جُهْدَهُمْ﴾ الْآيَةَ.
٤٦٦٩ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي أُسَامَةَ أَحَدَّثَكُمْ زَائِدَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَأْمُرُ بِالصَّدَقَةِ فَيَحْتَالُ أَحَدُنَا حَتَّى يَجِيءَ بِالْمُدِّ وَإِنَّ لأَحَدِهِمْ الْيَوْمَ مِائَةَ أَلْفٍ كَأَنَّهُ يُعَرِّضُ بِنَفْسِه"