بِالْخُلُودِ طُولُ الْمُدَّةِ لَا حَقِيقَةُ الدَّوَامِ، كَأَنَّهُ يَقُولُ: يُخَلَّدُ مُدَّةً مُعَيَّنَةً، وَهَذَا أَبْعَدُهَا.
وَسَيَأْتِي لَهُ مَزِيدُ بَسْطٍ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى أَحَادِيثِ الشَّفَاعَةِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَاسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ: الَّذِي يَطْعَنُ نَفْسَهُ يَطْعَنُهَا فِي النَّارِ. عَلَى أَنَّ الْقِصَاصَ مِنَ الْقَاتِلِ يَكُونُ بِمَا قَتَلَ بِهِ اقْتِدَاءً بِعِقَابِ اللَّهِ تَعَالَى لِقَاتِلِ نَفْسِهِ، وَهُوَ اسْتِدْلَالٌ ضَعِيفٌ (١).
(تَنْبِيهٌ): قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ الْبَابِ: يَطْعُنُهَا هُوَ بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ كَذَا ضَبْطُهُ فِي الْأُصُولِ.
٨٤ - بَاب مَا يُكْرَهُ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ وَالِاسْتِغْفَارِ لِلْمُشْرِكِينَ
رَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ ﵄ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ
١٣٦٦ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ﵃ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ، دُعِيَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ؛ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَثَبْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتُصَلِّي عَلَى ابْنِ أُبَيٍّ، وَقَدْ قَالَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا؟! أُعَدِّدُ عَلَيْهِ قَوْلَهُ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَقَالَ: أَخِّرْ عَنِّي يَا عُمَرُ، فَلَمَّا أَكْثَرْتُ عَلَيْهِ قَالَ: إِنِّي خُيِّرْتُ فَاخْتَرْتُ، لَوْ أَعْلَمُ أَنِّي إِنْ زِدْتُ عَلَى السَّبْعِينَ يُغْفَرُ لَهُ لَزِدْتُ عَلَيْهَا، قَالَ: فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، ثُمَّ انْصَرَفَ فَلَمْ يَمْكُثْ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى نَزَلَتِ الْآيَتَانِ مِنْ بَرَاءَةٌ: ﴿وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا﴾ - إِلَى: - ﴿وَهُمْ فَاسِقُونَ﴾ قَالَ: فَعَجِبْتُ بَعْدُ مِنْ جُرْأَتِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَوْمَئِذٍ. وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.
[الحديث ١٣٦٦ - طرفه في: ٤٦٧١]
قَوْلُهُ: (بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ وَالِاسْتِغْفَارِ لِلْمُشْرِكِينَ) قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ: عَدَلَ عَنْ قَوْلِهِ: كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ؛ لِيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ الِامْتِنَاعَ مِنْ طَلَبِ الْمَغْفِرَةِ لِمَنْ لَا يَسْتَحِقُّهَا، لَا مِنْ جِهَةِ الْعِبَادَةِ الْوَاقِعَةِ مِنْ صُورَةِ الصَّلَاةِ، فَقَدْ تَكُونُ الْعِبَادَةُ طَاعَةً مِنْ وَجْهٍ، مَعْصِيَةً مِنْ وَجْهٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ: (رَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ كَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى حَدِيثِهِ فِي قِصَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ أَيْضًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْقَمِيصِ الَّذِي يُكَفُّ. ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَسَيَأْتِي مِنْ هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا فِي التَّفْسِيرِ.
٨٥ - بَاب ثَنَاءِ النَّاسِ عَلَى الْمَيِّتِ
١٣٦٧ - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ﵁ يَقُولُ: مَرُّوا بِجَنَازَةٍ فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْرًا، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: وَجَبَتْ، ثُمَّ مَرُّوا بِأُخْرَى فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا شَرًّا فَقَالَ: وَجَبَتْ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ﵁: مَا وَجَبَتْ؟ قَالَ: هَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْرًا فَوَجَبَتْ لَهُ
(١) هذا من الشارح غريب، والصواب أنه استدلال جيد، ويدل عليه قوله تعالى ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا﴾ وقوله تعالى ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ﴾ وما ثبت عنه ﷺ من رض رأس الهودي الذي رض رأس الجارية. والأدلة في ذلك كثيرة. والله أعلم