للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْجَنَّةُ، وَهَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرًّا فَوَجَبَتْ لَهُ النَّارُ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ.

[الحديث ١٣٦٧ - طرفه في: ٣٦٤٢]

١٣٦٨ - حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي الْفُرَاتِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ - وَقَدْ وَقَعَ بِهَا مَرَضٌ - فَجَلَسْتُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، فَمَرَّتْ بِهِمْ جَنَازَةٌ فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا خَيْرًا، فَقَالَ عُمَرُ : وَجَبَتْ، ثُمَّ مُرَّ بِأُخْرَى فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا خَيْرًا، فَقَالَ عُمَرُ : وَجَبَتْ، ثُمَّ مُرَّ بِالثَّالِثَةِ فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا شَرًّا، فَقَالَ: وَجَبَتْ، فَقَالَ أَبُو الْأَسْوَدِ: فَقُلْتُ: وَمَا وَجَبَتْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: قُلْتُ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ : أَيُّمَا مُسْلِمٍ شَهِدَ لَهُ أَرْبَعَةٌ بِخَيْرٍ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ، فَقُلْنَا: وَثَلَاثَةٌ؟ قَالَ: وَثَلَاثَةٌ، فَقُلْنَا: وَاثْنَانِ؟ قَالَ: وَاثْنَانِ، ثُمَّ لَمْ نَسْأَلْهُ عَنْ الْوَاحِدِ.

[الحديث ١٣٦٨ - طرفه في: ٢٦٤٣]

قَوْلُهُ: (بَابُ ثَنَاءِ النَّاسِ عَلَى الْمَيِّتِ) أَيْ: مَشْرُوعِيَّتُهُ وَجَوَازُهُ مُطْلَقًا، بِخِلَافِ الْحَيِّ؛ فَإِنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ إِذَا أَفْضَى إِلَى الْإِطْرَاءِ خَشْيَةً عَلَيْهِ مِنَ الزَّهْوِ، أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ.

قَوْلُهُ: (مُرَّ) بِضَمِّ الْمِيمِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ.

قَوْلُهُ: (فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْرًا) فِي رِوَايَةِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَبِيهِ عِنْدَ الْحَاكِمِ: كُنْتُ قَاعِدًا عِنْدَ النَّبِيِّ ، فَمُرَّ بِجِنَازَةٍ، فَقَالَ: مَا هَذِهِ الْجِنَازَةُ؟ قَالُوا: جِنَازَةُ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ، كَانَ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيَعْمَلُ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَيَسْعَى فِيهَا. وَقَالَ ضِدَّ ذَلِكَ فِي الَّتِي أَثْنَوْا عَلَيْهَا شَرًّا. فَفِيهِ تَفْسِيرُ مَا أُبْهِمَ مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَلِلْحَاكِمِ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ: فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَنِعْمَ الْمَرْءُ، لَقَدْ كَانَ عَفِيفًا مُسْلِمًا. وَفِيهِ أَيْضًا: فَقَالَ بَعْضُهُمْ: بِئْسَ الْمَرْءُ كَانَ، إِنْ كَانَ لَفَظًّا غَلِيظًا.

قَوْلُهُ: (وَجَبَتْ) فِي رِوَايَةِ إِسْمَاعِيلَ ابْنِ عُلَيَّةَ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ عِنْدَ مُسْلِمٍ: وَجَبَتْ وَجَبَتْ وَجَبَتْ. ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. وَكَذَا فِي رِوَايَةِ النَّضْرِ الْمَذْكُورَةِ، قَالَ النَّوَوِيُّ: وَالتَّكْرَارُ فِيهِ لِتَأْكِيدِ الْكَلَامِ الْمُبْهَمِ، لِيُحْفَظَ وَيَكُونَ أَبْلَغَ.

قَوْلُهُ: (فَقَالَ عُمَرُ) زَادَ مُسْلِمٌ: فِدَاءً لَكَ أَبِي وَأُمِّي. وَفِيهِ جَوَازُ قَوْلِ مِثْلِ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (قَالَ: هَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْرًا فَوَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ) فِيهِ بَيَانٌ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: وَجَبَتْ؛ أَيِ: الْجَنَّةُ لِذِي الْخَيْرِ، وَالنَّارُ لِذِي الشَّرِّ، وَالْمُرَادُ بِالْوُجُوبِ الثُّبُوتُ إِذْ هُوَ فِي صِحَّةِ الْوُقُوعِ كَالشَّيْءِ الْوَاجِبِ، وَالْأَصْلُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى اللَّهِ شَيْءٌ، بَلِ الثَّوَابُ فَضْلُهُ، وَالْعِقَابُ عَدْلُهُ، لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ. وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: مَنْ أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْرًا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ. وَنَحْوُهُ لِلْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ مَرْزُوقٍ، عَنْ شُعْبَةَ، وَهُوَ أَبْيَنُ فِي الْعُمُومِ مِنْ رِوَايَةِ آدَمَ، وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِالْمَيِّتَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ لِغَيْبٍ أَطْلَعَ اللَّهُ نَبِيَّهُ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا هُوَ خَبَرٌ عَنْ حُكْمٍ أَعْلَمَهُ اللَّهُ بِهِ.

قَوْلُهُ: (أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ) أَيِ: الْمُخَاطَبُونَ بِذَلِكَ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَمَنْ كَانَ عَلَى صِفَتِهِمْ مِنَ الْإِيمَانِ. وَحَكَى ابْنُ التِّينِ أَنَّ ذَلِكَ مَخْصُوصٌ بِالصَّحَابَةِ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَنْطِقُونَ بِالْحِكْمَةِ بِخِلَافِ مَنْ بَعْدَهُمْ. قَالَ: وَالصَّوَابُ أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَصُّ بِالثِّقَاتِ وَالْمُتَّقِينَ. انْتَهَى. وَسَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ بِلَفْظِ: الْمُؤْمِنُونَ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ. وَلِأَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي نَحْوِ هَذِهِ الْقِصَّةِ: إِنَّ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لَشَهِيدٌ. وَسَيَأْتِي مَزِيدُ بَسْطٍ فِيهِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْحَدِيثِ الَّذِي بَعْدَهُ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الَّذِي أَثْنَوْا عَلَيْهِ شَرًّا كَانَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ. قُلْتُ: يُرْشِدُ إِلَى ذَلِكَ مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ عَلَى الَّذِي أَثْنَوْا عَلَيْهِ شَرًّا، وَصَلَّى عَلَى الْآخَرِ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا عَفَّانُ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ. وَذَكَرَ أَصْحَابُ