أَدْرَكَ الشِّهَابُ إِلَخْ) يَقْتَضِي أَنَّ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ يَقَعُ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ، وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ يَقْتَضِي أَنَّ الَّذِي يَسْلَمُ مِنْهُمْ قَلِيلٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ يُدْرِكُهُ الشِّهَابُ. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ سُفْيَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَيَرْمِي هَذَا إِلَى هَذَا وَهَذَا إِلَى هَذَا حَتَّى يُلْقَى عَلَى فَمِ سَاحِرٍ أَوْ كَاهِنٍ.
قَوْلُهُ: (فَيَكْذِبُ مَعَهَا مِائَةَ كِذْبَةٍ، فَيُصَدَّقُ بِتِلْكَ الْكَلِمَةِ الَّتِي سُمِعَتْ مِنَ السَّمَاءِ) زَادَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ سُفْيَانَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِ الْحِجْرِ فَيَقُولُونَ: أَلَمْ يُخْبِرْنَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا يَكُونُ كَذَا وَكَذَا فَوَجَدْنَاهُ حَقًّا. الْكَلِمَةُ الَّتِي سُمِعَتْ مِنَ السَّمَاءِ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَذْكُورِ فَيَقُولُ يَكُونُ الْعَامُ كَذَا وَكَذَا فَيَسْمَعُهُ الْجِنُّ فَيُخْبِرُونَ بِهِ الْكَهَنَةَ فَتُخْبِرُ الْكَهَنَةُ النَّاسَ فَيَجِدُونَهُ وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ شَرْحِ هَذَا الْقَدْرِ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الطِّبِّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
(تَنْبِيهٌ): وَقَعَ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْحِجْرِ فِي آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قُلْتُ لِسُفْيَانَ: إِنَّ إِنْسَانًا رَوَى عَنْكَ عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَرَأَ فُرِّغَ - بِضَمِّ الْفَاءِ وَبِالرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ الثَّقِيلَةِ وَبِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ - فَقَالَ سُفْيَانُ: هَكَذَا قَرَأَ عَمْرٌو - يَعْنِي ابْنَ دِينَارٍ - فَلَا أَدْرِي سَمِعَهُ هَكَذَا أَمْ لَا وَهَذِهِ الْقِرَاءَةُ رُوِيَتْ أَيْضًا عَنِ الْحَسَنِ، وَقَتَادَةَ، وَمُجَاهِدٍ، وَالْقِرَاءَةُ الْمَشْهُورَةُ بِالزَّايِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، وَقَرَأَهَا ابْنُ عَامِرٍ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ وَمَعْنَاهُ بِالزَّايِ وَالْمُهْمَلَةِ أَدْهَشَ الْفَزَعُ عَنْهُمْ، وَمَعْنَى الَّتِي بِالرَّاءِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ ذَهَبَ عَنْ قُلُوبِهِمْ مَا حَلَّ فِيهَا فَقَالَ سُفْيَانُ: هَكَذَا قَرَأَ عَمْرٌو فَلَا أَدْرِي سَمِعَهُ أَمْ لَا. قَالَ سُفْيَانُ: وَهِيَ قِرَاءَتُنَا قَالَ الْكِرْمَانِيُّ: فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ جَازَتِ الْقِرَاءَةُ إِذَا لَمْ تَكُنْ مَسْمُوعَةً؟ فَالْجَوَابُ لَعَلَّ مَذْهَبَهُ جَوَازُ الْقِرَاءَةِ بِدُونِ السَّمَاعِ إِذَا كَانَ الْمَعْنَى صَحِيحًا. قُلْتُ: هَذَا وَإِنْ كَانَ مُحْتَمَلًا لَكِنْ إِذَا وُجِدَ احْتِمَالٌ غَيْرَهُ فَهُوَ أَوْلَى، وَذَلِكَ مَحْمَلُ قَوْلِ سُفْيَانَ: لَا أَدْرِي سَمِعَهُ أَمْ لَا عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ سَمِعَهُ مِنْ عِكْرِمَةَ الَّذِي حَدَّثَهُ بِالْحَدِيثِ لَا أَنَّهُ شَكَّ فِي أَنَّهُ هَلْ سَمِعَهُ مُطْلَقًا، فَالظَّنُّ بِهِ أَنْ لَا يَكْتَفِيَ فِي نَقْلِ الْقُرْآنِ بِالْأَخْذِ مِنَ الصُّحُفِ بِغَيْرِ سَمَاعٍ. وَأَمَّا قَوْلُ سُفْيَانَ: وَهِيَ قِرَاءَتُنَا فَمَعْنَاهُ أَنَّهَا وَافَقَتْ مَا كَانَ يَخْتَارُ مِنَ الْقِرَاءَةِ بِهِ؛ فَيَجُوزُ أَنْ يُنْسَبَ إِلَيْهِ كَمَا نُسِبَ لِغَيْرِهِ.
٢ - بَاب ﴿إِنْ هُوَ إِلا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ﴾
٤٨٠١ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ قَالَ: صَعِدَ النَّبِيُّ ﷺ الصَّفَا ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ: يَا صَبَاحَاهْ، فَاجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ قُرَيْشٌ قَالُوا: مَا لَكَ؟ قَالَ: أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ الْعَدُوَّ يُصَبِّحُكُمْ أَوْ يُمَسِّيكُمْ أَمَا كُنْتُمْ تُصَدِّقُونِني؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ، فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ: تَبًّا لَكَ أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ﴾.
قَوْلُهُ: بَابُ قَوْلِهِ: ﴿إِنْ هُوَ إِلا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ﴾
ذَكَرَ فِيهِ طَرَفًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي نُزُولِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ﴾ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي سُورَةِ الشُّعَرَاءِ.
٣٥ - سُورَةُ الْمَلَائِكَةِ
قَالَ مُجَاهِدٌ: الْقِطْمِيرُ: لِفَافَةُ النَّوَاةِ. مُثْقَلَةٌ: مُثَقَّلَةٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْحَرُورُ بِاللَّيْلِ وَالسَّمُومُ بِالنَّهَارِ. وَقَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute