للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تَكُونَ السَّاعَةُ) بِالضَّمِّ عَلَى أَنَّ كَانَ تَامَّةٌ أَيْ يُخْشَى أَنْ تَحْضُرَ السَّاعَةُ، أَوْ نَاقِصَةٌ وَالسَّاعَةُ اسْمُهَا وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ، أَوِ الْعَكْسِ. قِيلَ وَفِيهِ جَوَازُ الْإِخْبَارِ بِمَا يُوجِبُهُ الظَّنُّ مِنْ شَاهِدِ الْحَالِ، لِأَنَّ سَبَبَ الْفَزَعِ يَخْفَى عَنِ الْمُشَاهِدِ لِصُورَةِ الْفَزَعِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْفَزَعُ لِغَيْرِ مَا ذُكِرَ، فَعَلَى هَذَا فَيُشْكِلُ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ حَيْثُ إِنَّ لِلسَّاعَةِ مُقَدِّمَاتٍ كَثِيرَةً لَمْ تَكُنْ وَقَعَتْ كَفَتْحِ الْبِلَادِ وَاسْتِخْلَافِ الْخُلَفَاءِ وَخُرُوجِ الْخَوَارِجِ. ثُمَّ الْأَشْرَاطُ كَطُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَالدَّابَّةِ وَالدَّجَّالِ وَالدُّخَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَيُجَابُ عَنْ هَذَا بِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ قِصَّةُ الْكُسُوفِ وَقَعَتْ قَبْلَ إِعْلَامِ النَّبِيِّ Object بِهَذِهِ الْعَلَامَاتِ، أَوْ لَعَلَّهُ خَشِيَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بَعْضَ الْمُقَدِّمَاتِ، أَوْ أَنَّ الرَّاوِيَ ظَنَّ أَنَّ الْخَشْيَةَ لِذَلِكَ وَكَانَتْ لِغَيْرِهِ كَعُقُوبَةٍ تَحْدُثُ كَمَا كَانَ يُخْشَى عِنْدَ هُبُوبِ الرِّيحِ. هَذَا حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ تَبَعًا لِغَيْرِهِ، وَزَادَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّاعَةِ غَيْرُ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، أَيِ السَّاعَةُ الَّتِي جُعِلَتْ عَلَامَةً عَلَى أَمْرٍ مِنَ الْأُمُورِ، كَمَوْتِهِ Object أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَفِي الْأَوَّلِ نَظَرٌ لِأَنَّ قِصَّةَ الْكُسُوفِ مُتَأَخِّرَةٌ جِدًّا، فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مَوْتَ إِبْرَاهِيمَ كَانَ فِي الْعَاشِرَةِ كَمَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْأَخْبَارِ، وَقَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ Object بِكَثِيرٍ مِنْ الْأَشْرَاطِ وَالْحَوَادِثِ قَبْلَ ذَلِكَ. وَأَمَّا الثَّالِثُ فَتَحْسِينُ الظَّنِّ بِالصَّحَابِيِّ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُجْزَمُ بِذَلِكَ إِلَّا بِتَوْقِيفٍ.

وَأَمَّا الرَّابِعُ فَلَا يَخْفَى بُعْدَهُ. وَأَقْرَبُهَا الثَّانِي فَلَعَلَّهُ خَشِيَ أَنْ يَكُونَ الْكُسُوفُ مُقَدِّمَةً لِبَعْضِ الْأَشْرَاطِ كَطُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَلَا يَسْتَحِيلُ أَنْ يَتَخَلَّلَ بَيْنَ الْكُسُوفِ وَالطُّلُوعِ الْمَذْكُورِ أَشْيَاءُ مِمَّا ذُكِرَ وَتَقَعُ مُتَتَالِيَةً بَعْضُهَا إِثْرَ بَعْضٍ مَعَ اسْتِحْضَارِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ﴾ ثُمَّ ظَهَرَ لِي أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَخْرُجَ عَلَى مَسْأَلَةِ دُخُولِ النَّسْخِ فِي الْأَخْبَارِ فَإِذَا قِيلَ بِجَوَازِ ذَلِكَ زَالَ الْإِشْكَالُ.

وَقِيلَ لَعَلَّهُ قَدَّرَ وُقُوعَ الْمُمْكِنِ لَوْلَا مَا أَعْلَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ قَبْلَ الْأَشْرَاطِ تَعْظِيمًا مِنْهُ لِأَمْرِ الْكُسُوفِ لِيَتَبَيَّنَ لِمَنْ يَقَعُ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ ذَلِكَ كَيْفَ يَخْشَى وَيَفْزَعُ لَا سِيَّمَا إِذَا وَقَعَ لَهُمْ ذَلِكَ بَعْدَ حُصُولِ الْأَشْرَاطِ أوْ أَكْثَرِهَا. وَقِيلَ لَعَلَّ حَالَةَ اسْتِحْضَارِ إِمْكَانِ الْقُدْرَةِ غَلَبَتْ عَلَى اسْتِحْضَارِ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الشُّرُوطِ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْأَشْرَاطُ كَانَتْ مَشْرُوطَةً بِشَرْطٍ لَمْ يَتَقَدَّمْ ذِكْرُهُ فَيَقَعُ الْمَخُوفُ بِغَيْرِ أَشْرَاطٍ لِفَقْدِ الشَّرْطِ، وَاللَّهُ Object أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ: (هَذِهِ الْآيَاتُ الَّتِي يُرْسِلُ اللَّهُ) ثُمَّ قَالَ (وَلَكِنْ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهَا عِبَادَهُ) مُوَافِقٌ لِقولِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلا تَخْوِيفًا﴾ وَمُوَافِقٌ لِمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ، وَاسْتُدِلَّ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِالْمُبَادَرَةِ إِلَى الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَالِاسْتِغْفَارِ وَغَيْرِ ذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ بِالْكُسُوفَيْنِ لِأَنَّ الْآيَاتِ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ فِي أَوَاخِرِ الِاسْتِسْقَاءِ. وَلَمْ يَقَعْ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ ذِكْرُ الصَّلَاةِ، فَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِمَنْ اسْتَحَبَّهَا عِنْدَ كُلِّ آيَةٍ.

قَوْلُهُ: (إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ إِلَى ذِكْرِهِ وَالضَّمِيرُ يَعُودُ عَلَى اللَّهِ فِي قَوْلِهِ: يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهَا عِبَادَهُ، وَفِيهِ النَّدْبُ إِلَى الِاسْتِغْفَارِ عِنْدَ الْكُسُوفِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ مِمَّا يُدْفَعُ بِهِ الْبَلَاءُ.

١٥ - بَاب الدُّعَاءِ فِي الْخُسُوفِ

قَالَهُ أَبُو مُوسَى، وَعَائِشَةُ Object عَنْ النَّبِيِّ Object

١٠٦٠ - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ عِلَاقَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ يَقُولُ: انْكَسَفَتْ الشَّمْسُ يَوْمَ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ، فَقَالَ النَّاسُ: انْكَسَفَتْ لِمَوْتِ إِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ Object: إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَادْعُوا اللَّهَ وَصَلُّوا حَتَّى يَنْجَلِيَ.