كِلْتَا رِجْلَيْهِ، وَهِيَ الَّتِي اعْتَمَدَهَا صَاحِبُ الْعُمْدَةِ، وَلِلْمُسْتَمْلِي، وَالْحَمَوِيِّ كُلُّ رِجْلِهِ، وَهِيَ تُفِيدُ تَعْمِيمَ كُلِّ رِجْلٍ بِالْغَسْلِ، وَفِي نُسْخَةٍ رِجْلَيْهِ بِالتَّثْنِيَةِ، وَهِيَ بِمَعْنَى الْأُولَى.
قَوْلُهُ: (لَا يُحَدِّثُ) تَقَدَّمَتْ مَبَاحِثُهُ قَرِيبًا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِذَلِكَ الْإِخْلَاصَ، أَوْ تَرْكَ الْعُجْبِ بِأَنْ لَا يَرَى لِنَفْسِهِ مَزِيَّةً خَشْيَةَ أَنْ يَتَغَيَّرَ فَيَتَكَبَّرَ فَيَهْلِكَ.
قَوْلُهُ: (غَفَرَ اللَّهُ لَهُ) كَذَا لِلْمُسْتَمْلِي، وَلِغَيْرِهِ غُفِرَ لَهُ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ مَبَاحِثُهُ، إِلَّا أَنَّ فِي هَذَا السِّيَاقِ مِنَ الزِّيَادَةِ رَفْعَ صِفَةِ الْوُضُوءِ إِلَى فِعْلِ النَّبِيِّ ﷺ، وَزَادَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَةٍ لِيُونُسَ قال: الزُّهْرِيُّ: كَانَ عُلَمَاؤُنَا يَقُولُونَ هَذَا الْوُضُوءُ أَسْبَغُ مَا يَتَوَضَّأُ بِهِ أَحَدٌ لِلصَّلَاةِ، وَقَدْ تَمَسَّكَ بِهَذَا مَنْ لَا يَرَى تَثْلِيثَ مَسْحِ الرَّأْسِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ مَسْحِ الرَّأْسِ مَرَّةً إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
٢٩ - بَاب غَسْلِ الْأَعْقَابِ. وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَغْسِلُ مَوْضِعَ الْخَاتَمِ إِذَا تَوَضَّأَ
١٦٥ - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ، قال: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ وَكَانَ يَمُرُّ بِنَا وَالنَّاسُ يَتَوَضَّؤُونَ مِنْ الْمِطْهَرَةِ، قال: أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ؛ فَإِنَّ أَبَا الْقَاسِمِ قال: وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنْ النَّارِ.
قَوْلُهُ: (بَابُ غَسْلِ الْأَعْقَابِ. وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ) هَذَا التَّعْلِيقُ وَصَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّارِيخِ، عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مَهْدِيِّ بْنِ مَيْمُونٍ عَنْهُ، وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ خَالِدٍ عَنْهُ؛ أَنَّهُ كَانَ إِذَا تَوَضَّأَ حَرَّكَ خَاتَمَهُ، وَالْإِسْنَادَانِ صَحِيحَانِ، فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ وَاسِعًا بِحَيْثُ يَصِلُ الْمَاءُ إِلَى مَا تَحْتَهُ بِالتَّحْرِيكِ، وَفِي ابْنِ مَاجَهْ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ.
قَوْلُهُ: (مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ) هُوَ الْجُمَحِيُّ الْمَدَنِيُّ لَا الْإِلْهَانِيُّ الْحِمْصِيُّ.
قَوْلُهُ: (وَكَانَ) الْوَاوُ حَالِيَّةٌ مِنْ مَفْعُولِ سَمِعْتُ، وَالنَّاسُ يَتَوَضَّؤُونَ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ يَمُرُّ.
قَوْلُهُ: (الْمِطْهَرَةُ) بِكَسْرِ الْمِيمِ هِيَ الْإِنَاءُ الْمُعَدُّ لِلتَّطَهُّرِ مِنْهُ.
قَوْلُهُ: (أَسْبِغُوا) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ أَيْ: أَكْمِلُوا، وَكَأَنَّهُ رَأَى مِنْهُمْ تَقْصِيرًا وَخَشِيَ عَلَيْهِمْ.
قَوْلُهُ: (فَإِنَّ أَبَا الْقَاسِمَ) فِيهِ ذِكْرُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِكُنْيَتِهِ وَهُوَ حَسَنٌ، وَذِكْرُهُ بِوَصْفِ الرِّسَالَةِ أَحْسَنُ، وَفِيهِ أَنَّ الْعَالِمَ يَسْتَدِلُّ عَلَى مَا يُفْتِي بِهِ لِيَكُونَ أَوْقَعَ فِي نَفْسِ سَامِعِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ الْأَعْقَابِ، وَإِنَّمَا خُصَّتْ بِالذِّكْرِ لِصُورَةِ السَّبَبِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، فَيَلْتَحِقُ بِهَا مَا فِي مَعْنَاهَا مِنْ جَمِيعِ الْأَعْضَاءِ الَّتِي قَدْ يَحْصُلُ التَّسَاهُلُ فِي إِسْبَاغِهَا. وَفِي الْحَاكِمِ وَغَيْرِهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ: وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ وَبُطُونِ الْأَقْدَامِ مِنَ النَّارِ. وَلِهَذَا ذَكَرَ فِي التَّرْجَمَةِ أَثَرَ ابْنِ سِيرِينَ فِي غَسْلِهِ مَوْضِعَ الْخَاتَمِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَصِلُ إِلَيْهِ الْمَاءُ إِذَا كَانَ ضَيِّقًا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
٣٠ - بَاب غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ فِي النَّعْلَيْنِ وَلَا يَمْسَحُ عَلَى النَّعْلَيْنِ
١٦٦ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ؛ أَنَّهُ قال لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، رَأَيْتُكَ تَصْنَعُ أَرْبَعًا لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِكَ يَصْنَعُهَا، قال: وَمَا هِيَ يَا ابْنَ جُرَيْجٍ؟ قال: رَأَيْتُكَ لَا تَمَسُّ مِنْ الْأَرْكَانِ إِلَّا الْيَمَانِيَّيْنِ، وَرَأَيْتُكَ تَلْبَسُ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ، وَرَأَيْتُكَ تَصْبُغُ بِالصُّفْرَةِ، وَرَأَيْتُكَ إِذَا كُنْتَ بِمَكَّةَ أَهَلَّ النَّاسُ إِذَا رَأَوْا الْهِلَالَ وَلَمْ تُهِلَّ أَنْتَ حَتَّى كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ، قال عَبْدُ اللَّهِ: أَمَّا الْأَرْكَانُ فَإِنِّي لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَمَسُّ إِلَّا الْيَمَانِيَّيْنِ، وَأَمَّا النِّعَالُ السِّبْتِيَّةُ فَإِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ