للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بِحَرْفِ لَنْ مَعَ الْجَزْمِ، وَوَجَّهَهُ ابْنُ مَالِكٍ بِأَنَّهُ سَكَّنَ الْعَيْنَ لِلْوَقْفِ ثُمَّ شَبَّهَهُ بِسُكُونِ الْجَزْمِ فَحَذَفَ الْأَلِفَ قَبْلَهُ ثُمَّ أَجْرَى الْوَصْلَ مَجْرَى الْوَقْفِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَزَمَهُ بِلَنْ وَهِيَ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ حَكَاهَا الْكِسَائِيُّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي كِتَابِ التَّهَجُّدِ.

قَوْلُهُ: (كَطَيِّ الْبِئْرِ لَهُ قُرُونٌ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ لَهَا وَقُرُونُ الْبِئْرِ جَوَانِبُهَا الَّتِي تُبْنَى مِنْ حِجَارَةٍ تُوضَعُ عَلَيْهَا الْخَشَبَةُ الَّتِي تَعَلَّقَ فِيهَا الْبَكْرَةُ، وَالْعَادَةُ أَنَّ لِكُلِّ بِئْرٍ قَرْنَيْنِ. وَقَوْلُهُ: وَأَرَى فِيهَا رِجَالًا مُعَلَّقِينَ، فِي رِوَايَةِ سَالِمٍ الَّتِي بَعْدَ هَذَا فَإِذَا فِيهَا نَاسٌ عَرَفْتُ بَعْضَهُمْ، قُلْتُ: وَلَمْ أَقِفْ فِي شَيْءٍ مِنَ الطُّرُقِ عَلَى تَسْمِيَةِ أَحَدٍ مِنْهُمْ.

قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: فِي هَذَا الْحَدِيد أَنَّ بَعْضَ الرُّؤْيَا لَا يَحْتَاجُ إِلَى تَعْبِيرٍ، وَعَلَى أَنَّ مَا فُسِّرَ فِي النَّوْمِ فَهُوَ تَفْسِيرُهُ فِي الْيَقَظَةِ لِأَنَّ النَّبِيَّ Object لَمْ يَزِدْ فِي تَفْسِيرِهَا عَلَى مَا فَسَّرَهَا الْمَلَكُ.

قُلْتُ: يُشِيرُ إِلَى قَوْلِهِ Object فِي آخِرِ الْحَدِيثِ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَجُلٌ صَالِحٌ وَقَوْلُ الْمَلَكِ قَبْلَ ذَلِكَ نِعْمَ الرَّجُلُ أَنْتَ لَوْ كُنْتَ تُكْثِرُ الصَّلَاةَ، وَوَقَعَ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ أَنَّ الْمَلَكَ قَالَهُ لَهُ لَمْ تَرُعْ إِنَّكَ رَجُلٌ صَالِحٌ، وَفِي آخِرِهِ أَنَّ النَّبِيَّ Object قَالَ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَجُلٌ صَالِحٌ لَوْ كَانَ يُكْثِرُ الصَّلَاةَ مِنَ اللَّيْلِ، قَالَ: وَفِيهِ وُقُوعُ الْوَعِيدِ عَلَى تَرْكِ السُّنَنِ وَجَوَازُ وُقُوعِ الْعَذَابِ عَلَى ذَلِكَ. قُلْتُ: هُوَ مَشْرُوطٌ بِالْمُوَاظَبَةِ عَلَى التَّرْكِ رَغْبَةً عَنْهَا، فَالْوَعِيدُ وَالتَّعْذِيبُ إِنَّمَا يَقَعُ عَلَى الْمُحَرَّمِ وَهُوَ التَّرْكُ بَقِيَ الْإِعْرَاضُ، قَالَ: وَفِيهِ أَنَّ أَصْلَ التَّعْبِيرِ مِنْ قِبَلِ الْأَنْبِيَاءِ وَلِذَلِكَ تَمَنَّى ابْنُ عُمَرَ أَنَّهُ يَرَى رُؤْيَا فَيَعْبُرَهَا لَهُ الشَّارِعُ لِيَكُونَ ذَلِكَ عِنْدَهُ أَصْلًا. قَالَ: وَقَدْ صَرَّحَ الْأَشْعَرِيُّ بِأَنَّ أَصْلَ التَّعْبِيرِ بِالتَّوْقِيفِ مِنْ قِبَلِ الْأَنْبِيَاءِ وَعَلَى أَلْسِنَتِهِمْ.

قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: وَهُوَ كَمَا قَالَ، لَكِنَّ الْوَارِدَ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ فِي ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ أَصْلًا فَلَا يَعُمُّ جَمِيعَ الْمَرَائِي، فَلَا بُدَّ لِلْحَاذِقِ فِي هَذَا الْفَنِّ أَنْ يُسْتَدَلَّ بِحُسْنِ نَظَرِهِ فَيَرُدَّ مَا لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ إِلَى حُكْمِ التَّمْثِيلِ وَيُحْكَمَ لَهُ بِحُكْمِ النِّسْبَةِ الصَّحِيحَةِ فَيُجْعَلَ أَصْلًا يَلْحَقُ بِهِ غَيْرُهُ كَمَا يَفْعَلُ الْفَقِيهُ فِي فُرُوعِ الْفِقْهِ.

وَفِيهِ جَوَازُ الْمَبِيتِ فِي الْمَسْجِدِ، وَمَشْرُوعِيَّةُ النِّيَابَةِ فِي قَصِّ الرُّؤْيَا، وَتَأَدُّبُ ابْنِ عُمَرَ مَعَ النَّبِيِّ Object وَمَهَابَتُهُ لَهُ حَيْثُ لَمْ يَقُصَّ رُؤْيَاهُ بِنَفْسِهِ، وَكَأَنَّهُ لَمَّا هَالَتْهُ لَمْ يُؤْثِرْ أَنْ يَقُصَّهَا بِنَفْسِهِ فَقَصَّهَا عَلَى أُخْتِهِ لِإِدْلَالِهِ عَلَيْهَا، وَفَضْلُ قِيَامِ اللَّيْلِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَبَسْطُهُ فِي كِتَابِ التَّهَجُّدِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

٣٦ - بَاب الْأَخْذِ عَلَى الْيَمِينِ فِي النَّوْمِ

٧٠٣٠ - حَدَّثَني عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنْتُ غُلَامًا شَابًّا عَزَبًا فِي عَهْدِ النَّبِيِّ Object، وَكُنْتُ أَبِيتُ فِي الْمَسْجِدِ، وَكَانَ مَنْ رَأَى مَنَامًا قَصَّهُ عَلَى النَّبِيِّ Object فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ لِي عِنْدكَ خَيْرٌ فَأَرِنِي مَنَامًا يُعَبِّرُهُ لِي رَسُولُ اللَّهِ Object، فَنِمْتُ فَرَأَيْتُ مَلَكَيْنِ أَتَيَانِي فَانْطَلَقَا بِي، فَلَقِيَهُمَا مَلَكٌ آخَرُ فَقَالَ: لَنْ تُرَاعَ إِنَّكَ رَجُلٌ صَالِحٌ، فَانْطَلَقَا بِي إِلَى النَّارِ، فَإِذَا هِيَ مَطْوِيَّةٌ كَطَيِّ الْبِئْرِ، وَإِذَا فِيهَا نَاسٌ قَدْ عَرَفْتُ بَعْضَهُمْ، فَأَخَذَا بِي ذَاتَ الْيَمِينِ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِحَفْصَةَ

٧٠٣١ - فَزَعَمَتْ حَفْصَةُ أَنَّهَا قَصَّتْهَا عَلَى النَّبِيِّ Object فَقَالَ: إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَجُلٌ صَالِحٌ لَوْ كَانَ يُكْثِرُ الصَّلَاةَ مِنْ اللَّيْلِ. قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بَعْدَ ذَلِكَ يُكْثِرُ الصَّلَاةَ مِنْ اللَّيْلِ.