للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ، وَكَذَا لِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَاصِمٍ وَغَيْرِهِ عَنْ مُعَاذَةَ.

قَوْلُهُ: (أَتَجْزِي) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ، أَيْ أَتَقْضِي. وَصَلَاتَهَا بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ، وَيُرْوَى أَتُجْزِئُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَالْهَمْزِ، أَيْ أَتَكْفِي الْمَرْأَةَ الصَّلَاةُ الْحَاضِرَةُ وَهِيَ طَاهِرَةٌ وَلَا تَحْتَاجُ إِلَى قَضَاءِ الْفَائِتَةِ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ؟ فَصَلَاتُهَا عَلَى هَذَا بِالرَّفْعِ عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ، وَالْأُولَى أَشْهَرُ.

قَوْلُهُ: (أَحَرُورِيَّةٌ) الْحَرُورِيُّ مَنْسُوبٌ إِلَى حَرُورَاءَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَضَمِّ الرَّاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَبَعْدَ الْوَاوِ السَّاكِنَةِ رَاءٌ أَيْضًا، بَلْدَةٌ عَلَى مِيلَيْنِ مِنَ الْكُوفَةِ، وَالْأَشْهَرُ أَنَّهَا بِالْمَدِّ. قَالَ الْمُبَرِّدُ: النِّسْبَةُ إِلَيْهَا حَرُورَاوِيُّ، وَكَذَا كُلُّ مَا كَانَ فِي آخِرِهِ أَلِفُ تَأْنِيثٍ مَمْدُودَةٌ، وَلَكِنْ قِيلَ الْحَرُورِيُّ بِحَذْفِ الزَّوَائِدِ، وَيُقَالُ لِمَنْ يَعْتَقِدُ مَذْهَبَ الْخَوَارِجِ حَرُورِيٌّ ; لِأَنَّ أَوَّلَ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ خَرَجُوا عَلَى عَلِيٍّ بِالْبَلْدَةِ الْمَذْكُورَةِ فَاشْتُهِرُوا بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهَا، وَهُمْ فِرَقٌ كَثِيرَةٌ، لَكِنْ مِنْ أُصُولِهِمُ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا بَيْنَهُمُ الْأَخْذُ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ وَرَدُّ مَا زَادَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَدِيثِ مُطْلَقًا، وَلِهَذَا اسْتَفْهَمَتْ عَائِشَةُ مُعَاذَةَ اسْتِفْهَامَ إِنْكَارٍ، وَزَادَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَةِ عَاصِمٍ عَنْ مُعَاذَةَ فَقُلْتُ: لَا وَلَكِنِّي أَسْأَلُ، أَيْ سُؤَالًا مُجَرَّدًا لِطَلَبِ الْعِلْمِ لَا لِلتَّعَنُّتِ، وَفَهِمَتْ عَائِشَةُ عَنْهَا طَلَبَ الدَّلِيلِ فَاقْتَصَرَتْ فِي الْجَوَابِ عَلَيْهِ دُونَ التَّعْلِيلِ، وَالَّذِي ذَكَرَهُ الْعُلَمَاءُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ أَنَّ الصَّلَاةَ تَتَكَرَّرُ فَلَمْ يَجِبْ قَضَاؤُهَا لِلْحَرَجِ بِخِلَافِ الصِّيَامِ، وَلِمَنْ يَقُولُ بِأَنَّ الْحَائِضَ مُخَاطَبَةٌ بِالصِّيَامِ أَنْ يُفَرِّقَ بِأَنَّهَا لَمْ تُخَاطَبْ بِالصَّلَاةِ أَصْلًا.

وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: اكْتِفَاءُ عَائِشَةَ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى إِسْقَاطِ الْقَضَاءِ بِكَوْنِهَا لَمْ تُؤْمَرْ بِهِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهَا أَخَذَتْ إِسْقَاطَ الْقَضَاءِ مِنْ إِسْقَاطِ الْأَدَاءِ، فَيُتَمَسَّكُ بِهِ حَتَّى يُوجَدَ الْمُعَارِضُ وَهُوَ الْأَمْرُ بِالْقَضَاءِ كَمَا فِي الصَّوْمِ، ثَانِيهُمَا - قَالَ وَهُوَ أَقْرَبُ - أَنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إِلَى بَيَانِ هَذَا الْحُكْمِ لِتَكَرُّرِ الْحَيْضِ مِنْهُنَّ عِنْدَهُ وَحَيْثُ لَمْ يُبَيِّنْ دَلَّ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ، لَا سِيَّمَا وَقَدِ اقْتَرَنَ بِذَلِكَ الْأَمْرِ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ كَمَا فِي رِوَايَةِ عَاصِمٍ عَنْ مُعَاذَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ.

قَوْلُهُ: (فَلَا يَأْمُرُنَا بِهِ، أَوْ قَالَتْ: فَلَا نَفْعَلُهُ) كَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ بِالشَّكِّ، وَعِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ فَلَمْ نَكُنْ نَقْضِي وَلَمْ نُؤْمَرْ بِهِ وَالِاسْتِدْلَالُ بِقَوْلِهَا فَلَمْ نَكُنْ نَقْضِي أَوْضَحُ مِنَ الِاسْتِدْلَالِ بِقَوْلِهَا فَلَمْ نُؤْمَرْ بِهِ ; لِأَنَّ عَدَمَ الْأَمْرِ بِالْقَضَاءِ هُنَا قَدْ يُنَازَعُ فِي الِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ، لِاحْتِمَالِ الِاكْتِفَاءِ بِالدَّلِيلِ الْعَامِّ عَلَى وُجُوبِ الْقَضَاءِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

٢١ - بَاب النَّوْمِ مَعَ الْحَائِضِ وَهِيَ فِي ثِيَابِهَا

٣٢٢ - حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ زَيْنَبَ ابنة أَبِي سَلَمَةَ، حَدَّثَتْهُ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ قَالَتْ: حِضْتُ وَأَنَا مَعَ النَّبِيِّ فِي الْخَمِيلَةِ، فَانْسَلَلْتُ فَخَرَجْتُ مِنْهَا، فَأَخَذْتُ ثِيَابَ حِيضَتِي فَلَبِسْتُهَا، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ : أَنُفِسْتِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. فَدَعَانِي فَأَدْخَلَنِي مَعَهُ فِي الْخَمِيلَةِ. قَالَتْ: وَحَدَّثَتْنِي أَنَّ النَّبِيَّ كَانَ يُقَبِّلُهَا وَهُوَ صَائِمٌ. وَكُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِيُّ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ مِنْ الْجَنَابَةِ.

قَوْلُهُ: (بَابُ النَّوْمِ مَعَ الْحَائِضِ) زَادَ فِي رِوَايَةِ الصَّغَانِيِّ وَهِيَ فِي ثِيَابِهَا تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي بَابُ مَنْ سَمَّى النِّفَاسَ حَيْضًا.

ويَحْيَى الْمَذْكُورُ هُوَ ابْنُ أَبِي كَثِيرٍ.

قَوْلُهُ: (قَالَتْ وَحَدَّثَتْنِي) هُوَ مَقُولُ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، وَفَاعِلُ حَدَّثَتْنِي أُمُّهَا أُمُّ سَلَمَةَ زَوْجُ النَّبِيِّ ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ.

قَوْلُهُ: (وَكُنْتُ) مَعْطُوفٌ عَلَى جُمْلَةِ الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ وَهِيَ أَنَّ النَّبِيَّ كَانَ يُقَبِّلُهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى فَوَائِدِهِ فِي كِتَابِ الْغُسْلِ.