للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَيُؤَيِّدُ أَنَّهُ مِنَ الْوَحْيِ قَوْلُهُ يَمْسَحُ الْعَرَقَ فَإِنَّهَا كَانَتْ عَادَتَهُ عِنْدَ نُزُولِ الْوَحْيِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَدْءِ الْوَحْيِ وَإِنَّ جَبِينَهُ لَيَتَفَصَّدُ عَرَقًا، وَفِيهِ تَفْضِيلُ الْغَنِيِّ عَلَى الْفَقِيرِ، وَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ التَّمَسُّكُ بِهِ لِمَنْ لَمْ يُرَجِّحْ أَحَدَهُمَا عَلَى الْآخَرِ.

وَالْعَجَبُ أَنَّ النَّوَوِيَّ قَالَ: فِيهِ حُجَّةٌ لِمَنْ رَجَّحَ الْغَنِيَّ عَلَى الْفَقِيرِ وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ شَرَحَ قَوْلَهُ لَا يَأْتِي الْخَيْرُ إِلَّا بِالْخَيْرِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْخَيْرَ الْحَقِيقِيَّ لَا يَأْتِي إِلَّا بِالْخَيْرِ، لَكِنَّ هَذِهِ الزَّهْرَةَ لَيْسَتْ خَيْرًا حَقِيقِيًّا لِمَا فِيهَا مِنَ الْفِتْنَةِ وَالْمُنَافَسَةِ وَالِاشْتِغَالِ عَنْ كَمَالِ الْإِقْبَالِ عَلَى الْآخِرَةِ. قُلْتُ: فَعَلَى هَذَا يَكُونُ حُجَّةً لِمَنْ يُفَضِّلُ الْفَقْرَ عَلَى الْغِنَى، وَالتَّحْقِيقُ أَنْ لَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ.

وَفِيهِ الْحَضُّ عَلَى إِعْطَاءِ الْمِسْكِينِ وَالْيَتِيمِ وَابْنِ السَّبِيلِ. وَفِيهِ أَنَّ الْمُكْتَسِبَ لِلْمَالِ مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ لَا يُبَارَكُ لَهُ فِيهِ لِتَشْبِيهِهِ بِالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ وَفِيهِ ذَمُّ الْإِسْرَافِ وَكَثْرَةِ الْأَكْلِ وَالنَّهَمِ فِيهِ، وَأَنَّ اكْتِسَابَ الْمَالِ مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ وَكَذَا إِمْسَاكُهُ عَنْ إِخْرَاجِ الْحَقِّ مِنْهُ سَبَبٌ لِمَحْقِهِ فَيَصِيرُ غَيْرَ مُبَارَكٍ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ﴾.

قَالَ عِمْرَانُ: فَمَا أَدْرِي قَالَ النَّبِيُّ بَعْدَ قَوْلِهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا: ثُمَّ يَكُونُ بَعْدَهُمْ قَوْمٌ يَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ وَيَخُونُونَ وَلَا يُؤْتَمَنُونَ وَيَنْذُرُونَ وَلَا يَوفُونَ وَيَظْهَرُ فِيهِمْ السِّمَنُ.

الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ:

قَوْلُهُ (سَمِعْتُ أَبَا جَمْرَةَ) هُوَ بِالْجِيمِ وَالرَّاءِ وَهُوَ الضُّبَعِيُّ نَصْرُ بْنُ عِمْرَانَ، وَقَدْ رَوَى شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ بِالْمُهْمَلَةِ وَالزَّايِ حَدِيثًا لَكِنَّهُ عِنْدَ مُسْلِمٍ دُونَ الْبُخَارِيِّ، وَلَيْسَ لِشُعْبَةَ فِي الْبُخَارِيِّ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ بِهَذِهِ الصُّورَةِ إِلَّا عَنْ نَصْرِ بْنِ عِمْرَانَ. وَزَهْدَمٌ بِالزَّايِ وَزْنُ جَعْفَرٍ وَمُضَرِّبٌ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ ثُمَّ الْمُوَحَّدَةِ وَالتَّشْدِيدِ بِاسْمِ الْفَاعِلِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الشَّهَادَاتِ وَفِي أَوَّلِ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ، وَكَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي بَعْدَهُ.

الْحَدِيثُ الْخَامِسُ: حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ:

قَوْلُهُ (عَنْ أَبِي حَمْزَةَ) بِالْمُهْمَلَةِ وَالزَّايِ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ مَيْمُونٍ السُّكَّرِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ هُوَ النَّخَعِيُّ، وَعَبِيدَةُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ هُوَ ابْنُ عَمْرٍو.

الْحَدِيثُ السَّادِسُ: حَدِيثُ خَبَّابٍ أَوْرَدَهُ مِنْ طَرِيقَيْنِ، فِي الْأُولَى زِيَادَةٌ عَلَى مَا فِي الثَّانِيَةِ وَهُوَ حَدِيثٍ وَاحِدٍ ذَكَرَ فِيهِ بَعْضُ الرُّوَاةِ مَا لَمْ يَذْكُرْ بَعْضٌ وَأَبْهَمَ شَيْئًا قَالَهُ شُعْبَةُ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ رِوَايَتُهُ لَهُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْمَرْضَى قَبْلَ كِتَابِ الطِّبِّ وَشُرِحَ هُنَاكَ وَزَادَ أَحْمَدُ، عَنْ وَكِيعٍ بِهَذَا السَّنَدِ فِي هَذَا الْمَتْنِ فَقَالَ فِي أَوَّلِهِ دَخَلْنَا عَلَى خَبَّابٍ نَعُودُهُ وَهُوَ يَبْنِي حَائِطًا لَهُ فَقَالَ: إِنَّ الْمُسْلِمَ يُؤْجَرُ فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا مَا يَجْعَلُهُ فِي هَذَا التُّرَابِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ هَذِهِ الزِّيَادَةِ هُنَاكَ. وَإِسْمَاعِيلُ فِي الطَّرِيقَيْنِ هُوَ ابْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَقَيْسٌ هُوَ ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَرِجَالُ الْإِسْنَادِ مِنْ وَكِيعٍ فَصَاعِدًا كُوفِيُّونَ، وَيَحْيَى فِي السَّنَدِ الثَّانِي هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَهُوَ بَصْرِيٌّ.

الْحَدِيثُ السَّابِعُ: حَدِيثُ خَبَّابٍ أَيْضًا، وَرِجَالُهُ مِنْ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فَصَاعِدًا كُوفِيُّونَ، وَسُفْيَانُ هُوَ الثَّوْرِيُّ.

قَوْلُهُ (عَنْ شَقِيقٍ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ خَبَّابٍ) تَقَدَّمَ فِي الْهِجْرَةِ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ، عَنِ الْأَعْمَشِ سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ، حَدَّثَنَا خَبَّابٌ.

قَوْلُهُ (هَاجَرْنَا مَعَ النَّبِيِّ قَصَّهُ) كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ، وَهُوَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا ضَمِيرٌ، وَالْمُرَادُ أَنَّ الرَّاوِيَ قَصَّ الْحَدِيثَ، وَأَشَارَ بِهِ إِلَى مَا أَخْرَجَهُ بِتَمَامِهِ فِي أَوَّلِ الْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ هُنَا وَقَرَنَهُ بِرِوَايَةِ يَحْيَى الْقَطَّانِ، عَنِ الْأَعْمَشِ وَسَاقَهُ بِتَمَامِهِ، وَقَالَ بَعْدَ الْمَذْكُورِ هُنَا: فَوَقَعَ أَجْرُنَا عَلَى اللَّهِ - تَعَالَى - فَمِنَّا مَنْ مَضَى لَمْ يَأْخُذْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ الْحَدِيثَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي الْجَنَائِزِ وَأَحَلْتُ شَرْحَهُ عَلَى مَا هُنَا، وَذُكِرَ فِي الْهِجْرَةِ فِي مَوْضِعَيْنِ وَفِي غَزْوَةِ أُحُدٍ فِي مَوْضِعَيْنِ وَأَحَلْتُ بِهِ فِي الْهِجْرَةِ عَلَى الْمَغَازِي وَلَمْ يَتَيَسَّرْ فِي الْمَغَازِي التَّعَرُّضُ لِشَرْحِهِ ذُهُولًا، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ. وَسَيَأْتِي بَعْدَ ثَمَانِيَةِ أَبْوَابٍ فِي بَابِ فَضْلِ الْفَقْرِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

٨ - بَاب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا