للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَوْلُهُ: (بَابُ لِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ) ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ ابْنِ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي أَوَاخِرِ الْفَرَائِضِ، أَوْرَدَهُ عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ عَنِ اللَّيْثِ، وَفِيهِ: الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَقَالَ بَعْدَهُ: زَادَ قُتَيْبَةُ، عَنِ اللَّيْثِ: وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ: زَادَنَا وَقَالَ فِي الْبُيُوعِ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ فَذَكَرَهُ بِتَمَامِهِ.

وذَكَرَ هُنَا حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ بِالْجُمْلَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ، وَقَدْ أَوْرَدَهُ فِي كِتَابِ الْقَدَرِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مُقْتَصِرًا عَلَى الْجُمْلَةِ الْأُولَى، وَفِي تَرْجَمَتِهِ هُنَا إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ يُرَجِّحُ قَوْلَ مَنْ أَوَّلَ الْحَجَرَ هُنَا بِأَنَّهُ الْحَجَرُ الَّذِي يُرْجَمُ بِهِ الزَّانِي، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ وَالْمُرَادُ مِنْهُ أَنَّ الرَّجْمَ مَشْرُوعٌ لِلزَّانِي بِشَرْطِهِ لَا أَنَّ عَلَى كُلِّ مَنْ زَنَى الرَّجْمَ.

٢٤ - بَاب الرَّجْمِ فِي الْبَلَاطِ

٦٨١٩ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ كَرَامَةَ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ بِيَهُودِيٍّ وَيَهُودِيَّةٍ قَدْ أَحْدَثَا جَمِيعًا، فَقَالَ لَهُمْ: مَا تَجِدُونَ فِي كِتَابِكُمْ؟ قَالُوا: إِنَّ أَحْبَارَنَا أَحْدَثُوا تَحْمِيمَ الْوَجْهِ وَالتَّجْبِيهَ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ: ادْعُهُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِالتَّوْرَاةِ، فَأُتِيَ بِهَا، فَوَضَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ، وَجَعَلَ يَقْرَأُ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا، فَقَالَ لَهُ ابْنُ سَلَامٍ: ارْفَعْ يَدَكَ، فَإِذَا آيَةُ الرَّجْمِ تَحْتَ يَدِهِ، فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ ، فَرُجِمَا. قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَرُجِمَا عِنْدَ الْبَلَاطِ، فَرَأَيْتُ الْيَهُودِيَّ أَجْنَأَ عَلَيْهَا.

قَوْلُهُ: (بَابُ الرَّجْمِ فِي الْبَلَاطِ) فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي: بِالْبَلَاطِ بِالْمُوَحَّدَةِ بَدَلَ فِي فَفَهِمَ مِنْهُ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنَّ الْآلَةَ الَّتِي يُرْجَمُ بِهَا تَجُوزُ بِكُلِّ شَيْءٍ حَتَّى بِالْبَلَاطِ وَهُوَ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَفَتْحِ اللَّامِ مَا تُفْرَشُ بِهِ الدُّورُ مِنْ حِجَارَةٍ وَآجُرٍّ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَفِيهِ بُعْدٌ، وَالْأَوْلَى أَنَّ الْبَاءَ ظَرْفِيَّةٌ وَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ رِوَايَةُ غَيْرِ الْمُسْتَمْلِي، وَالْمُرَادُ بِالْبَلَاطِ هُنَا مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ كَانَ مَفْرُوشًا بِالْبَلَاطِ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي هَذَا الْمَتْنِ: فَرُجِمَا عِنْدَ الْبَلَاطِ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْبَلَاطِ الْأَرْضُ الصُّلْبَةُ سَوَاءٌ كَانَتْ مَفْرُوشَةً أَمْ لَا، وَرَجَّحَهُ بَعْضُهُمْ، وَالرَّاجِحُ خِلَافُهُ.

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْبَكْرِيُّ: الْبَلَاطُ بِالْمَدِينَةِ مَا بَيْنَ الْمَسْجِدِ وَالسُّوقِ، وَفِي الْمُوَطَّأِ عَنْ عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ عَنْ أَبِيهِ كُنَّا نَسْمَعُ قِرَاءَةَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَنَحْنُ عِنْدَ دَارِ أَبِي جَهْمٍ بِالْبَلَاطِ.

وَقَدِ اسْتَشْكَلَ ابْنُ بَطَّالٍ هَذِهِ التَّرْجَمَةَ فَقَالَ: الْبَلَاطُ وَغَيْرُهُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَأَجَابَ ابْنُ الْمُنِيرِ بِأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ الرَّجْمَ لَا يَخْتَصُّ بِمَكَانٍ مُعَيَّنٍ لِلْأَمْرِ بِالرَّجْمِ بِالْمُصَلَّى تَارَةً وَبِالْبَلَاطِ أُخْرَى، قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُنَبِّهَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْحَفْرُ لِلْمَرْجُومِ لِأَنَّ الْبَلَاطَ لَا يَتَأَتَّى الْحَفْرُ فِيهِ، وَبِهَذَا جَزَمَ ابْنُ الْقَيِّمِ وَقَالَ: أَرَادَ رَدَّ رِوَايَةِ بَشِيرِ بْنِ الْمُهَاجِرِ عَنْ أَبِي بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ أَمَرَ فَحُفِرَتْ لِمَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ حُفْرَةٌ فَرُجِمَ فِيهَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.

قَالَ: هُوَ وَهَمٌ سَرَى مِنْ قِصَّةِ الْغَامِدِيَّةِ إِلَى قِصَّةِ مَاعِزٍ، قُلْتُ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ أَنْ يُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ الْمَكَانَ الَّذِي يُجَاوِرُ الْمَسْجِدَ لَا يُعْطَى حُكْمَ الْمَسْجِدِ فِي الِاحْتِرَامِ لِأَنَّ الْبَلَاطَ الْمُشَارَ إِلَيْهِ مَوْضِعٌ كَانَ مُجَاوِرًا لِلْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ كَمَا تَقَدَّمَ وَمَعَ ذَلِكَ أَمَرَ بِالرَّجْمِ عِنْدَهُ، وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ أَحْمَدَ، وَالْحَاكِمِ: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ بِرَجْمِ الْيَهُودِيَّيْنِ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ)