للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْقَرِينَيْنِ وَالْقَرِينَيْنِ إِلَى أَنْ عَدَّ سِتَّ مَرَّاتٍ، وَالَّذِي قَالَهُ إِنَّمَا يَتِمُّ أَنْ لَوْ جَاءَتْ رِوَايَةٌ صَرِيحَةٌ أَنَّهُ لَمْ يُعْطِهِمْ سِوَى خَمْسَةِ أَبْعِرَةٍ، وَعَلَى تَقْدِيرِ ذَلِكَ فَأَطْلَقَ لَفْظَ ذَوْدٍ عَلَى الْوَاحِدِ مَجَازًا كَإِبِلٍ، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ لَا تَمْنَعُ إِمْكَانَ التَّصْوِيرِ.

وَفِي الْحَدِيثِ دُخُولُ الْمَرْءِ عَلَى صَدِيقِهِ فِي حَالِ أَكْلِهِ، وَاسْتِدْنَاءُ صَاحِبِ الطَّعَامِ الدَّاخِلَ وَعَرْضُهُ الطَّعَامَ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ قَلِيلًا، لِأَنَّ اجْتِمَاعَ الْجَمَاعَةِ عَلَى الطَّعَامِ سَبَبٌ لِلْبَرَكَةِ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَفِيهِ جَوَازُ أَكْلِ الدَّجَاجِ إِنْسِيِّهِ وَوَحْشِيِّهِ، وَهُوَ بِالِاتِّفَاقِ إِلَّا عَنْ بَعْضِ الْمُتَعَمِّقِينَ عَلَى سَبِيلِ الْوَرَعِ، إِلَّا أَنَّ بَعْضَهُمُ اسْتَثْنَى الْجَلَّالَةَ وَهِيَ مَا تَأْكُلُ الْأَقْذَارَ، وَظَاهِرُ صَنِيعِ أَبِي مُوسَى أَنَّهُ لَمْ يُبَالِ بِذَلِكَ، وَالْجَلَّالَةُ عِبَارَةٌ عَنِ الدَّابَّةِ الَّتِي تَأْكُلُ الْجِلَّةَ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَالتَّشْدِيدِ وَهِيَ الْبَعْرُ، وَادَّعَى ابْنُ حَزْمٍ اخْتِصَاصَ الْجَلَّالَةِ بِذَوَاتِ الْأَرْبَعِ، وَالْمَعْرُوفُ التَّعْمِيمُ. وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَحْبِسُ الدَّجَاجَةَ الْجَلَّالَةَ ثَلَاثًا، وَقَالَ مَالِكٌ، وَاللَّيْثُ: لَا بَأْسَ بِأَكْلِ الْجَلَّالَةِ مِنَ الدَّجَاجِ وَغَيْرِهِ، وَإِنَّمَا جَاءَ النَّهْيُ عَنْهَا لِلتَّقَذُّرِ.

وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ أَكْلِ الْجَلَّالَةِ مِنْ طُرُقٍ أَصَحُّهَا مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ نَهَى عَنِ الْمُجْثَمَةِ، وَعَنْ لَبَنِ الْجَلَّالَةِ، وَعَنِ الشُّرْبِ مِنْ فِي السِّقَاءِ وَهُوَ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ فِي رِجَالِهِ، إِلَّا أَنَّ أَيُّوبَ رَوَاهُ عَنْ عِكْرِمَةَ فَقَالَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَالْبَزَّارُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ عَنِ الْجَلَّالَةِ وَعَنْ شُرْبِ أَلْبَانِهَا وَأَكْلِهَا وَرُكُوبِهَا وَلِابْنِ أَبِي شَيْبَةَ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ جَابِرٍ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ عَنِ الْجَلَّالَةِ أَنْ يُؤْكَلَ لَحْمُهَا أَوْ يُشْرَبَ لَبَنُهَا، وَلِأَبِي دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيِّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ، وَعَنِ الْجَلَّالَةِ، عن رُكُوبِهَا وَأَكْلِ لَحْمِهَا وَسَنَدُهُ حَسَنٌ. وَقَدْ أَطْلَقَ الشَّافِعِيَّةُ كَرَاهَةَ أَكْلِ الْجَلَّالَةِ إِذَا تَغَيَّرَ لَحْمُهَا بِأَكْلِ النَّجَاسَةِ، وَفِي وَجْهٍ إِذَا أَكْثَرَتْ مِنْ ذَلِكَ، وَرَجَّحَ أَكْثَرُهُمْ أَنَّهَا كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ، وَهُوَ قَضِيَّةُ صَنِيعِ أَبِي مُوسَى، وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَنَّ الْعَلَفَ الطَّاهِرَ إِذَا صَارَ فِي كَرِشِهَا تَنَجَّسَ فَلَا تَتَغَذَّى إِلَّا بِالنَّجَاسَةِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا يُحْكَمُ عَلَى اللَّحْمِ وَاللَّبَنِ بِالنَّجَاسَةِ. فَكَذَلِكَ هَذَا.

وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْعَلَفَ الطَّاهِرَ إِذَا تَنَجَّسَ بِالْمُجَاوَرَةِ جَازَ إِطْعَامُهُ لِلدَّابَّةِ لِأَنَّهَا إِذَا أَكَلَتْهُ لَا تَتَغَذَّى بِالنَّجَاسَةِ وَإِنَّمَا تَتَغَذَّى بِالْعَلَفِ، بِخِلَافِ الْجَلَّالَةِ، وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّ النَّهْيَ لِلتَّحْرِيمِ، وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ عَنِ الْفُقَهَاءِ، وَهُوَ الَّذِي صَحَّحَهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ، وَالْقَفَّالُ، وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ، وَالْبَغَوِيُّ، وَالْغَزَالِيُّ وَأَلْحَقُوا بِلَبَنِهَا وَلَحْمِهَا بَيْضَهَا، وَفِي مَعْنَى الْجَلَّالَةِ مَا يَتَغَذَّى بِالنَّجِسِ كَالشَّاةِ تَرْضَعُ مِنْ كَلْبَةٍ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي جَوَازِ أَكْلِ الْجَلَّالَةِ زَوَالُ رَائِحَةِ النَّجَاسَةِ بَعْدَ أَنْ تُعْلَفَ بِالشَّيْءِ الطَّاهِرِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَجَاءَ عَنِ السَّلَفِ فِيهِ تَوْقِيتٌ فَعِنْدَ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَحْبِسُ الدَّجَاجَةَ الْجَلَّالَةَ ثَلَاثًا، كَمَا تَقَدَّمَ. وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ فِيهِ نَظَرٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مَرْفُوعًا أَنَّهَا لَا تُؤْكَلُ حَتَّى تُعْلَفَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا.

٢٧ - بَاب لُحُومِ الْخَيْلِ

٥٥١٩ - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ فَاطِمَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ، قَالَتْ: نَحَرْنَا فَرَسًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ فَأَكَلْنَاهُ.

٥٥٢٠ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ نَهَى النَّبِيُّ يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ وَرَخَّصَ فِي لُحُومِ الْخَيْلِ"