للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَالَ: يَصِيرَانِ غَبَرَةً عَلَى وُجُوهِ الْكُفَّارِ لَا عَلَى وُجُوهِ الْمُؤْمِنِينَ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ * تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ﴾ قَوْلُهُ: ﴿مُسْفِرَةٌ﴾: مُشْرِقَةٌ) وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَيْضًا.

قَوْلُهُ: ﴿بِأَيْدِي سَفَرَةٍ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَتَبَةٍ، أَسْفَارًا: كُتُبًا) وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿بِأَيْدِي سَفَرَةٍ﴾ قَالَ: كَتَبَةٍ، وَاحِدُهَا سَافِرٌ، وَهِيَ كَقَوْلِهِ: ﴿كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا﴾ قَالَ: كُتُبًا، وَقَدْ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿بِأَيْدِي سَفَرَةٍ﴾ قَالَ: كَتَبَةٍ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ ﴿بِأَيْدِي سَفَرَةٍ﴾ أَيْ كَتَبَةٍ، وَاحِدُهَا سَافِرٌ.

قَوْلُهُ: (تَلَهَّى تَشَاغَلُ) تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (يُقَالُ: وَاحِدُ الْأَسْفَارِ سِفْرٌ) سَقَطَ هَذَا لِأَبِي ذَرٍّ، وَهُوَ قَوْلُ الْفَرَّاءِ، قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا﴾ الْأَسْفَارُ وَاحِدُهَا سِفْرٌ، وَهِيَ الْكُتُبُ الْعِظَامُ.

قَوْلُهُ: ﴿فَأَقْبَرَهُ﴾، يُقَالُ: أَقْبَرْتُ الرَّجُلَ؛ جَعَلْتُ لَهُ قَبْرًا، وَقَبَرْتُهُ: دَفَنْتُهُ) قَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ﴾ جَعَلَهُ مَقْبُورًا، وَلَمْ يَقُلْ: قَبَرَهُ؛ لِأَنَّ الْقَابِرَ هُوَ الدَّافِنُ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ ﴿فَأَقْبَرَهُ﴾: أَمَرَ بِأَنْ يُقْبَرَ، جَعَلَ لَهُ قَبْرًا، وَالَّذِي يَدْفِنُ بِيَدِهِ هُوَ الْقَابِرُ.

قَوْلُهُ: (عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ)؛ أَيِ ابْنِ عَامِرٍ الْأَنْصَارِيِّ، لِأَبِيهِ صُحْبَةٌ، وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْمَوْضِعِ، وَآخَرَ مُعَلَّقٍ فِي الْمَنَاقِبِ.

قَوْلُهُ: (مَثَلُ) بِفَتْحَتَيْنِ؛ أَيْ صِفَتُهُ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ﴾

قَوْلُهُ: (وَهُوَ حَافِظٌ لَهُ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ) قَالَ ابْنُ التِّينِ: مَعْنَاهُ كَأَنَّهُ مَعَ السَّفَرَةِ فِيمَا يَسْتَحِقُّهُ مِنَ الثَّوَابِ.

قُلْتُ: أَرَادَ بِذَلِكَ تَصْحِيحَ التَّرْكِيبِ، وَإِلَّا فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا رَبْطَ بَيْنَ الْمُبْتَدَأِ الَّذِي هُوَ مَثَلُ وَالْخَبَرِ الَّذِي هُوَ مَعَ السَّفَرَةِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: الْمَثَلُ بِمَعْنَى الشَّبِيهِ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ: شَبِيهُ الَّذِي يَحْفَظُ كَائِنٌ مَعَ السَّفَرَةِ، فَكَيْفَ بِهِ! وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: كَأَنَّهُ قَالَ: صِفَتُهُ وَهُوَ حَافِظٌ لَهُ كَأَنَّهُ مَعَ السَّفَرَةِ، وَصِفَتُهُ وَهُوَ عَلَيْهِ شَدِيدٌ أَنْ يَسْتَحِقَّ أَجْرَيْنِ.

قَوْلُهُ: (وَمَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهُوَ يَتَعَاهَدُهُ وَهُوَ عَلَيْهِ شَدِيدٌ فَلَهُ أَجْرَانِ) قَالَ ابْنُ التِّينِ: اخْتُلِفَ هَلْ لَهُ ضِعْفُ أَجْرِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ حَافِظًا أَوْ يُضَاعَفُ لَهُ أَجْرُهُ وَأَجْرُ الْأَوَّلِ أَعْظَمُ؟ قَالَ: وَهَذَا أَظْهَرُ، وَلِمَنْ رَجَّحَ الْأَوَّلَ أَنْ يَقُولَ: الْأَجْرُ عَلَى قَدْرِ الْمَشَقَّةِ.

٨١ - باب سُورَةُ (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ)

انْكَدَرَتْ: انْتَثَرَتْ. وَقَالَ الْحَسَنُ: سُجِّرَتْ؛ ذَهَبَ مَاؤُهَا فَلَا يَبْقَى قَطْرَةٌ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْمَسْجُورُ؛ الْمَمْلُوءُ. وَقَالَ غَيْرُهُ: سُجِّرَتْ؛ أَفْضَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، فَصَارَتْ بَحْرًا وَاحِدًا. وَالْخُنَّسُ تَخْنِسُ فِي مُجْرَاهَا: تَرْجِعُ. وَتَكْنِسُ: تَسْتَتِرُ في بيوتها كَمَا تَكْنِسُ الظِّبَاءُ. تَنَفَّسَ: ارْتَفَعَ النَّهَارُ. وَالظَّنِينُ: الْمُتَّهَمُ، وَالضَّنِينُ: يَضِنُّ بِهِ. وَقَالَ عُمَرُ: النُّفُوسُ زُوِّجَتْ؛ يُزَوَّجُ نَظِيرَهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، ثُمَّ قَرَأَ : ﴿احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ﴾ عَسْعَسَ: أَدْبَرَ.

قَوْلُهُ: (سُورَةُ ﴿إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ﴾ - بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) سَقَطَتِ الْبَسْمَلَةُ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ، وَيُقَالُ لَهَا أَيْضًا: سُورَةُ التَّكْوِيرِ.

قَوْلُهُ: ﴿سُجِّرَتْ﴾: يَذْهَبُ مَاؤُهَا فَلَا يَبْقَى قَطْرَةٌ) تَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الطُّورِ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ بِهَذَا.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْمَسْجُورُ؛ الْمَمْلُوءُ) تَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الطُّورِ أَيْضًا.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ غَيْرُهُ: ﴿سُجِّرَتْ﴾؛ أَفْضَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ فَصَارَتْ بَحْرًا وَاحِدًا) هُوَ مَعْنَى قَوْلِ السُّدِّيِّ، أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِهِ بِلَفْظِ: ﴿وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ﴾ أَيْ: فُتِحَتْ وَسُيِّرَتْ.

قَوْلُهُ: ﴿انْكَدَرَتْ﴾ انْتَثَرَتْ) قَالَ الْفَرَّاءُ فِي