للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مِنْ هَذَا الْوَجْهِ تَعْلِيقًا، وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ (١) أَنَّ ابْنَ خُزَيْمَةَ أَخْرَجَهُ مَوْصُولًا. قُلْتُ: لَكِنَّهُ مُرْسَلٌ ; لِأَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ تَابِعِيٌّ وَلَمْ يَذْكُرْ مَنْ حَدَّثَهُ بِهِ.

وَقَرَأْتُ فِي السُّنَنِ لِسَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ هُوَ الْحَذَّاءُ، عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ كَانَتْ مُعْتَكِفَةً وَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ قَالَ: وَحَدَّثَنَا بِهِ خَالِدٌ مَرَّةً أُخْرَى عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةِ كَانَتْ عَاكِفَةً وَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ، وَرُبَّمَا جَعَلَتِ الطَّسْتَ تَحْتَهَا. قُلْتُ: وَهَذَا أَوْلَى مَا فَسَّرَتْ بِهِ هَذِهِ الْمَرْأَةُ لِاتِّحَادِ الْمَخْرَجِ. وَقَدْ أَرْسَلَهُ إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، وَوَصَلَهُ خَالِدٌ الطَّحَّانُ، وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ وَغَيْرُهُمَا بِذِكْرِ عَائِشَةَ فِيهِ، وَرَجَّحَ الْبُخَارِيُّ الْمَوْصُولَ فَأَخْرَجَهُ. وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ ابْنِ عُلَيَّةَ، هَذَا الْحَدِيثَ، كَمَا أَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ بِدُونِ تَسْمِيَةِ أُمِّ سَلَمَةَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ: (مِنَ الدَّمِ) أَيْ لِأَجْلِ الدَّمِ.

قَوْلُهُ: (وَزَعَمَ) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَعْنَى الْعَنْعَنَةِ أَيْ حَدَّثَنِي عِكْرِمَةُ بِكَذَا وَزَعَمَ كَذَا، وَأَبْعَدَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ مُعَلَّقٌ.

قَوْلُهُ: (كَأَنَّ) بِالْهَمْزِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ.

قَوْلُهُ: (فُلَانَةُ) الِظَاهِرِ أَنَّهَا تَعْنِي الْمَرْأَةَ الَّتِي ذَكَرَتْهَا قَبْلُ. وَرَأَيْتُ عَلَى حَاشِيَةِ نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ مِنْ أَصْلِ أَبِي ذَرٍّ مَا نَصُّهُ فُلَانَةُ هِيَ رَمْلَةُ أُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ فَإِنْ كَانَ ثَابِتًا فَهُوَ قَوْلٌ ثَالِثٌ فِي تَفْسِيرِ الْمُبْهَمَةِ، وَعَلَى مَا زَعَمَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ مِنْ أَنَّ الْمُسْتَحَاضَةَ لَيْسَتْ مِنْ أَزْوَاجِهِ، فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ اسْتُحِيضَتْ، رَوَى ذَلِكَ الْبَيْهَقِيُّ، وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ فِي جَمْعِهِ حَدِيثَ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، لَكِنَّ الْحَدِيثَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ مِنْ حِكَايَةِ زَيْنَبَ عَنْ غَيْرِهَا وَهُوَ أَشْبَهُ، فَإِنَّهَا كَانَتْ فِي زَمَنِهِ صَغِيرَةً ; لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أُمِّهَا فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ وَزَيْنَبُ تُرْضِعُ وَأَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ، حَكَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ رِوَايَةِ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ عَنْهَا.

قُلْتُ: وَهُوَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ عَلَى التَّرَدُّدِ هَلْ هُوَ عَنْ أَسْمَاءَ أَوْ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ، وَهَاتَانِ لَهُمَا بِهِ تَعَلُّقٌ ; لِأَنَّ زَيْنَبَ رَبِيبَتُهُ وَأَسْمَاءَ أُخْتُ امْرَأَتِهِ مَيْمُونَةَ لِأُمِّهَا، وَكَذَا لِحَمْنَةَ وَأُمِّ حَبِيبَةَ بِهِ تَعَلُّقٌ، وَحَدِيثُهُمَا فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ، فَهَؤُلَاءِ سَبْعٌ يُمْكِنُ أَنْ تُفَسَّرَ الْمُبْهَمَةُ بِإِحْدَاهُنَّ.

وَأَمَّا مَنِ اسْتُحِيضَ فِي عَهْدِهِ مِنَ الصَّحَابِيَّاتِ غَيْرُهُنَّ فَسَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلٍ، ذَكَرهَا أَبُو دَاوُدَ أَيْضًا، وَأَسْمَاءُ بِنْتُ مَرْثَدٍ ذَكَرَهَا الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ، وَبَادِيَةُ بِنْتُ غَيْلَانَ ذَكَرَهَا ابْنُ مَنْدَهْ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ وَقِصَّتُهَا عَنْ عَائِشَةَ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَوَقَعَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ فَظَنَّ بَعْضُهُمْ أَنَّهَا الْقُرَشِيَّةُ الْفِهْرِيَّةُ، وَالصَّوَابُ أَنَّهَا بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ، وَاسْمُ أَبِي حُبَيْشٍ قَيْسٌ، فَهَؤُلَاءِ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ أَيْضًا وَقَدْ كَمَّلْنَ عَشْرًا بِحَذْفِ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ.

وَفِي الْحَدِيثِ جَوَازُ مُكْثِ الْمُسْتَحَاضَةِ فِي الْمَسْجِدِ، وَصِحَّةُ اعْتِكَافِهَا وَصَلَاتِهَا وَجَوَازُ حَدَثِهَا فِي الْمَسْجِدِ عِنْدِ أَمْنِ التَّلْوِيثِ، وَيَلْتَحِقُ بِهَا دَائِمُ الْحَدَثِ وَمَنْ بِهِ جُرْحٌ يَسِيلُ.

١١ - بَاب هَلْ تُصَلِّي الْمَرْأَةُ فِي ثَوْبٍ حَاضَتْ فِيهِ؟

٣١٢ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: مَا كَانَ لِإِحْدَانَا إِلَّا ثَوْبٌ وَاحِدٌ تَحِيضُ فِيهِ، فَإِذَا أَصَابَهُ شَيْءٌ مِنْ دَمٍ قَالَتْ بِرِيقِهَا، فَقَصَعَتْهُ بِظُفْرِهَا.

قَوْلُهُ: (بَابُ هَلْ تُصَلِّي الْمَرْأَةُ فِي ثَوْبٍ حَاضَتْ فِيهِ) قِيلَ مُطَابَقَةُ التَّرْجَمَةِ لِحَدِيثِ الْبَابِ أَنَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا إِلَّا ثَوْبٌ وَاحِدٌ تَحِيضُ فِيهِ فَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّهَا تُصَلِّي فِيهِ لَكِنْ بَعْدَ تَطْهِيرِهِ.

وفِي الْجَمْعِ بَيْنَه وَبَيْنَ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ الْمَاضِي الدَّالِّ عَلَى


(١) في طبعة بولاق: كذا في نسخ، وفي نسخ أخرى"السهيلى"بدله