(أَهْلُكَ يَفْعَلُونَهُ) هِيَ زَيْنَبُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيَّةِ.
قَوْلُهُ: (فَلَمْ تَرَ مِنْ حَاجَتِهَا شَيْئًا) أَيْ مِنَ الَّذِي ظَنَّتْ أَنَّ زَوْجَ ابْنِ مَسْعُودٍ تَفْعَلْهُ. وَقِيلَ: كَانَتِ الْمَرْأَةُ رَأَتْ ذَلِكَ حَقِيقَةً، وَإِنَّمَا ابْنُ مَسْعُودٍ أَنْكَرَ عَلَيْهَا فَأَزَالَتْهُ، فَلِهَذَا لَمَّا دَخَلَتِ الْمَرْأَةُ لَمْ تَرَ مَا كَانَتْ رَأَتْ قَبْلَ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (مَا جَامَعْتُهَا) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْجِمَاعِ الْوَطْءُ، أَوْ الِاجْتِمَاعُ وَهُوَ أَبْلَغُ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ مَا جَامَعَتْنَا، وَلِلْإِسْمَاعِيلِيِّ مَا جَامَعَتْنِي.
وَاسْتُدِلَّ بِالْحَدِيثِ عَلَى جَوَازِ لَعْنِ مَنِ اتَّصَفَ بِصِفَةٍ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَنِ اتَّصَفَ بِهَا لِأَنَّهُ لَا يُطْلِقُ ذَلِكَ إِلَّا عَلَى مَنْ يَسْتَحِقُّهُ، وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فَإِنَّهُ قَيَّدَ فِيهِ بِقَوْلِهِ لَيْسَ بِأَهْلٍ أَيْ عِنْدَكَ، لِأَنَّهُ إِنَّمَا لَعَنَهُ لَمَّا ظَهَرَ لَهُ مِنَ اسْتِحْقَاقِهِ، وَقَدْ يَكُونُ عِنْدَ اللَّهِ بِخِلَافِ ذَلِكَ، فَعَلَى الْأَوَّلِ يُحْمَلُ قَوْلُهُ فَاجْعَلْهَا لَهُ زَكَاةً وَرَحْمَةً وَعَلَى الثَّانِي فَيَكُونُ لَعَنَهُ زِيَادَةً فِي شِقْوَتِهِ. وَفِيهِ أَنَّ الْمُعِينَ عَلَى الْمَعْصِيَةِ يُشَارِكُ فَاعِلَهَا فِي الْإِثْمِ.
٥ - بَاب ﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ﴾
٤٨٨٨ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، يَعْنِي ابْنَ عَيَّاشٍ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ ﵁: أُوصِي الْخَلِيفَةَ بِالْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ، أَنْ يَعْرِفَ لَهُمْ حَقَّهُمْ، وَأُوصِي الْخَلِيفَةَ بِالْأَنْصَارِ الَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُهَاجِرَ النَّبِيُّ ﷺ أَنْ يَقْبَلَ مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَيَعْفُوَ عَنْ مُسِيئِهِمْ.
قَوْلُهُ: بَابُ: ﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ﴾ أَيِ اسْتَوْطَنُوا الْمَدِينَةَ، وَقِيلَ: نَزَلُوا، فَعَلَى الْأَوَّلِ يَخْتَصُّ بِالْأَنْصَارِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ عُمَرَ، وَعَلَى الثَّانِي يَشْمَلُهُمْ وَيَشْمَلُ الْمُهَاجِرِينَ السَّابِقِينَ. ذَكَرَ فِيهِ طَرَفًا مِنْ قِصَّةِ عُمَرَ عِنْدَ مَقْتَلِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْمَنَاقِبِ.
٦ - بَاب ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ﴾ .. الْآيَةَ. الْخَصَاصَةُ: الْفَاقَةُ. ﴿الْمُفْلِحُونَ﴾ الْفَائِزُونَ بِالْخُلُودِ. الْفَلَاحُ: الْبَقَاءُ. حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ: عَجِّلْ. وَقَالَ الْحَسَنُ: ﴿حَاجَةً﴾ حَسَدًا.
٤٨٨٩ - حَدَّثَنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ غَزْوَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ الْأَشْجَعِيُّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَصَابَنِي الْجَهْدُ، فَأَرْسَلَ إِلَى نِسَائِهِ فَلَمْ يَجِدْ عِنْدَهُنَّ شَيْئًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَلَا رَجُلٌ يُضَيِّفُهُ اللَّيْلَةَ، يَرْحَمُهُ اللَّهُ؟ فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ، فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: ضَيْفُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، لَا تَدَّخِرِيهِ شَيْئًا، قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا عِنْدِي إِلَّا قُوتُ الصِّبْيَةِ، قَالَ: فَإِذَا أَرَادَ الصِّبْيَةُ الْعَشَاءَ، فَنَوِّمِيهِمْ وَتَعَالَيْ، فَأَطْفِئِي السِّرَاجَ وَنَطْوِي بُطُونَنَا اللَّيْلَةَ، فَفَعَلَتْ، ثُمَّ غَدَا الرَّجُلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ: لَقَدْ عَجِبَ اللَّهُ ﷿ أَوْ ضَحِكَ - مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانَةَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ ﷿: ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ﴾
قَوْلُهُ: (بَابُ قَوْلِهِ: ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ﴾ .. الْآيَةَ. الْخَصَاصَةُ الْفَاقَةُ) وَلِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ الْفَاقَةُ، وَهُوَ قَوْلُ