مِنْ رَبِّكُمْ أَيِ الْقُرْآنُ. وَيُؤَيِّدُ هَذَا التَّفْسِيرَ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي الْآيَةِ الَّتِي قَبْلَهَا: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا﴾ - إِلَى قَوْلِهِ: - ﴿لأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ﴾ الْآيَةَ.
(تَنْبِيهٌ): سُفْيَانُ الْمَذْكُورُ وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ أَنَّهُ الثَّوْرِيُّ، وَلَمْ يَقَعْ لِي إِلَى الْآنَ مَوْصُولًا.
قَوْلُهُ: ﴿وَمَنْ أَحْيَاهَا﴾ يَعْنِي مَنْ حَرَّمَ قَتْلَهَا إِلَّا بِحَقِّ حَيِيَ النَّاسُ مِنْهُ جَمِيعًا) وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
قَوْلُهُ: ﴿شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا﴾ سَبِيلًا وَسُنَّةً) وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْإِيمَانِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً﴾ أَيْ: سُنَّةً ﴿وَمِنْهَاجًا﴾ أَيْ: سَبِيلًا بَيِّنًا وَاضِحًا.
قَوْلُهُ: ﴿عُثِرَ﴾ ظَهَرَ. ﴿الأَوْلَيَانِ﴾ وَاحَدُهَمَا أَوْلَى) أَيْ: أَحَقُّ بِهِ طَعَامُهُمْ وَذَبَائِحُهُمْ، كَذَا ثَبَتَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ هُنَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْوَصَايَا إِلَّا الْأَخِيرَ فَسَيَأْتِي فِي الذَّبَائِحِ.
٢ - بَاب ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ وقال ابن عباس: ﴿مَخْمَصَةٍ﴾ مجاعة
٤٦٠٦ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ: قَالَتْ الْيَهُودُ لِعُمَرَ: إِنَّكُمْ تَقْرَءُونَ آيَةً لَوْ نَزَلَتْ فِينَا لَاتَّخَذْنَاهَا عِيدًا، فَقَالَ عُمَرُ: إِنِّي لَأَعْلَمُ حَيْثُ أُنْزِلَتْ، وَأَيْنَ أُنْزِلَتْ، وَأَيْنَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حِينَ أُنْزِلَتْ؛ يَوْمَ عَرَفَةَ، وَإِنَّا وَاللَّهِ بِعَرَفَةَ. قَالَ سُفْيَانُ: وَأَشُكُّ كَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَمْ لَا: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾
قَوْلُهُ: (بَابُ قَوْلِهِ ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ سَقَطَ بَابُ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَخْمَصَةٍ: مَجَاعَةٍ) كَذَا ثَبَتَ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ هُنَا، وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ) هُوَ ابْنُ مَهْدِيٍّ.
قَوْلُهُ: (عَنْ قَيْسٍ) هُوَ ابْنُ مُسْلِمٍ.
قَوْلُهُ: (قَالَتِ الْيَهُودُ) فِي رِوَايَةِ أَبِي الْعُمَيْسِ، عَنْ قَيْسٍ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ: أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْيَهُودِ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ تَسْمِيَتُهُ هُنَاكَ وَأَنَّهُ كَعْبُ الْأَحْبَارِ، وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ الرَّاوِي حَيْثُ أَفْرَدَ السَّائِلَ أَرَادَ تَعْيِينَهُ، وَحَيْثُ جَمَعَ أَرَادَ بِاعْتِبَارِ مَنْ كَانَ مَعَهُ عَلَى رَأْيِهِ، وَأُطْلِقَ عَلَى كَعْبٍ هَذِهِ الصِّفَةَ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ سُؤَالَهُ عَنْ ذَلِكَ وَقَعَ قَبْلَ إِسْلَامِهِ؛ لِأَنَّ إِسْلَامَهُ كَانَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَأُطْلِقَ عَلَيْهِ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ مَا مَضَى.
قَوْلُهُ: (إِنِّي لَأَعْلَمُ) وَقَعَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ اخْتِصَارٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْإِيمَانِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ: فَقَالَ عُمَرُ: أَيُّ آيَةٍ إِلَخْ.
قَوْلُهُ: (حَيْثُ أُنْزِلَتْ، وَأَيْنَ أُنْزِلَتْ) فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ حَيْثُ أُنْزِلَتْ وَأَيَّ يَوْمٍ أُنْزِلَتْ. وَبِهَا يَظْهَرُ أَنْ لَا تَكْرَارَ فِي قَوْلِهِ حَيْثُ وَأَيْنَ، بَلْ أَرَادَ بِإِحْدَاهُمَا الْمَكَانَ وَبِالْأُخْرَى الزَّمَانَ.
قَوْلُهُ: (وَأَيْنَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَيْثُ أُنْزِلَتْ يَوْمَ عَرَفَةَ) كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَلِغَيْرِهِ: حِينَ بَدَلَ حَيْثُ، وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ: وَأَيْنَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حِينَ أُنْزِلَتْ، أُنْزِلَتْ يَوْمَ عَرَفَةَ بِتَكْرَارِ: أُنْزِلَتْ وَهِيَ أَوْضَحُ، وَكَذَا لِمُسْلِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ.
قَوْلُهُ: (وَإِنَّا وَاللَّهِ بِعَرَفَةَ) كَذَا لِلْجَمِيعِ، وَعِنْدَ أَحْمَدَ: وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ وَكَذَا لِمُسْلِمٍ، وَكَذَا أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ. وَبُنْدَارٌ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ فِيهِ.
قَوْلُهُ: (قَالَ سُفْيَانُ: وَأَشُكُّ كَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَمْ لَا) قَدْ تَقَدَّمَ فِي الْإِيمَانِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ الْجَزْمُ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَسَيَأْتِي الْجَزْمُ بِذَلِكَ مِنْ رِوَايَةِ مِسْعَرٍ، عَنْ قَيْسٍ فِي كِتَابِ الِاعْتِصَامِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ بَيَانُ مُطَابَقَةِ جَوَابِ عُمَرَ لِلسُّؤَالِ؛ لِأَنَّهُ سَأَلَهُ عَنِ اتِّخَاذِهِ عِيدًا، فَأَجَابَ بِنُزُولِهَا بِعَرَفَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَمُحَصَّلُهُ أَنَّ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: وَكِلَاهُمَا بِحَمْدِ اللَّهِ لَنَا عِيدٌ قَالَ الْكَرْمَانِيُّ: أَجَابَ بِأَنَّ النُّزُولَ كَانَ يَوْمَ عَرَفَةَ، وَمِنَ الْمَشْهُورِ أَنَّ الْيَوْمَ الَّذِي بَعْدَ عَرَفَةَ هُوَ عِيدٌ لِلْمُسْلِمِينَ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: