للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يَعُوقُ فَكَانَتْ لِهَمْدانَ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: لِهَذَا الْحَيِّ مِنْ هَمْدَانَ وَلِمُرَادِ بْنِ مَذْحِجٍ، وَرَوَى الْفَاكِهِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: كَانَتْ خَيْوَانُ بَطْنٌ مِنْ هَمْدَانَ اتَّخَذُوا يَعُوقَ بِأَرْضِهِمْ (١).

قَوْلُهُ: (وَأَمَّا نَسْرٌ فَكَانَتْ لِحِمْيَرَ لِآلِ ذِي الْكَلَاعِ) فِي مُرْسَلِ قَتَادَةَ: لِذِي الْكَلَاعِ مِنْ حِمْيَرَ، زَادَ الْفَاكِهِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي إِسْحَاقَ: اتَّخَذُوهُ بِأَرْضِ حِمْيَرَ.

قَوْلُهُ: (وَنَسْرٌ، أَسْمَاءُ قَوْمٍ صَالِحِينَ مِنْ قَوْمِ نُوحٍ) كَذَا لَهُمْ، وَسَقَطَ لَفْظُ وَنَسْرٌ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ وَهُوَ أَوْلَى، وَزَعَمَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَنَّ قَوْلَهُ وَنَسْرٌ غَلَطٌ، وَكَذَا قَرَأْتُ بِخَطِّ الصَّدَفِيِّ فِي هَامِشِ نُسْخَتِهِ. ثُمَّ قَالَ هَذَا الشَّارِحُ: وَالصَّوَابُ وَهِيَ. قُلْتُ: وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ ثَوْرٍ بَعْدَ قَوْلِهِ: وَأَمَّا نَسْرٌ فَكَانَتْ لِآلِ ذِي الْكَلَاعِ قَالَ: وَيُقَالُ: هَذِهِ أَسْمَاءُ قَوْمٍ صَالِحِينَ وَهَذَا أَوْجَهُ الْكَلَامِ وَصَوَابُهُ. وَقَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ: مُحَصَّلُ مَا قِيلَ فِي هَذِهِ الْأَصْنَامِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهَا كَانَتْ فِي قَوْمِ نُوحٍ، وَالثَّانِي أَنَّهَا كَانَتْ أَسْمَاءُ رِجَالٍ صَالِحِينَ، إِلَى آخِرِ الْقِصَّةِ.

قُلْتُ: بَلْ مَرْجِعُ ذَلِكَ إِلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ، وَقِصَّةُ الصَّالِحِينَ كَانَتْ مُبْتَدَأُ عِبَادَةِ قَوْمِ نُوحٍ هَذِهِ الْأَصْنَامَ ثُمَّ تَبِعَهُمْ مَنْ بَعْدَهُمْ عَلَى ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (فَلَمْ تُعْبَدْ حَتَّى إِذَا هَلَكَ أُولَئِكَ وَتَنَسَّخَ الْعِلْمُ) كَذَا لَهُمْ، وَلِأَبِي ذَرٍّ، وَالْكُشْمِيهَنِيِّ: وَنُسِخَ الْعِلْمُ؛ أَيْ عِلْمُ تِلْكَ الصُّوَرِ بِخُصُوصِهَا. وَأَخْرَجَ الْفَاكِهِيُّ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: أَوَّلُ مَا حَدَثَتِ الْأَصْنَامُ عَلَى عَهْدِ نُوحٍ، وَكَانَتِ الْأَبْنَاءُ تَبَرُّ الْآبَاءَ، فَمَاتَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَجَزِعَ عَلَيْهِ فَجَعَلَ لَا يَصْبِرُ عَنْهُ؛ فَاتَّخَذَ مِثَالًا عَلَى صُورَتِهِ فَكُلَّمَا اشْتَاقَ إِلَيْهِ نَظَرَهُ، ثُمَّ مَاتَ فَفُعِلَ بِهِ كَمَا فُعِلَ حَتَّى تَتَابَعُوا عَلَى ذَلِكَ، فَمَاتَ الْآبَاءُ، فَقَالَ الْأَبْنَاءُ: مَا اتَّخَذَ آبَاؤُنَا هَذِهِ إِلَّا أَنَّهَا كَانَتْ آلِهَتَهُمْ، فَعَبَدُوهَا. وَحَكَى الْوَاقِدِيُّ قَالَ: كَانَ وَدٌّ عَلَى صُورَةِ رَجُلٍ، وَسُوَاعٌ عَلَى صُورَةِ امْرَأَةٍ، وَيَغُوثُ عَلَى صُورَةِ أَسَدٍ، وَيَعُوقُ عَلَى صُورَةِ فَرَسٍ، وَنَسْرٌ عَلَى صُورَةِ طَائِرٍ، وَهَذَا شَاذٌّ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُمْ كَانُوا عَلَى صُورَةِ الْبَشَرِ، وَهُوَ مُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْآثَارِ فِي سَبَبِ عِبَادَتِهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

٧٢ - سُورَةُ ﴿قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ﴾

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لُبَدًا أَعْوَانًا

[١ - باب]

٤٩٢١ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: انْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ، وَقَدْ حِيلَ بَيْنَ الشَّيَاطِينِ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ وَأُرْسِلَتْ عَلَيْهِمْ الشُّهُبُ، فَرَجَعَتْ الشَّيَاطِينُ فَقَالُوا: مَا لَكُمْ؟ فَقَالُوا: حِيلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، وَأُرْسِلَتْ عَلَيْنَا الشُّهُبُ. قَالَ: مَا حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ إِلَّا مَا حَدَثَ، فَاضْرِبُوا مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا فَانْظُرُوا مَا هَذَا الْأَمْرُ الَّذِي حَدَثَ؟ فَانْطَلَقُوا فَضَرَبُوا مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا يَنْظُرُونَ مَا هَذَا الْأَمْرُ الَّذِي حَالَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ؟ قَالَ: فَانْطَلَقَ الَّذِينَ تَوَجَّهُوا نَحْوَ تِهَامَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِنَخْلَةَ وَهُوَ عَامِدٌ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ وَهُوَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الْفَجْرِ، فَلَمَّا سَمِعُوا الْقُرْآنَ تَسَمَّعُوا لَهُ،


(١) انظر الكتاب العاشر من (الإكليل لهمداني) ص ٥٦ فقيه آل خيوان بن زيد بن مالك بن جشم بن حاشد من همدان وعبادتهم للصنم يعوق، وكان في قرية ببلاد همدا باليمن.