فِي الْأَحْكَامِ، لِأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ غَابَ عَنِ الْحَاكِمِ لَا يُقْبَلُ فِيهِ إِلَّا الْبَيِّنَةُ الْكَامِلَةُ وَالْوَاحِدُ لَيْسَ بَيِّنَةً كَامِلَةً حَتَّى يُضَمَّ إِلَيْهِ كَمَالُ النِّصَابِ، غَيْرَ أَنَّ الْحَدِيثَ إِذَا صَحَّ سَقَطَ النَّظَرُ وَفِي الِاكْتِفَاءِ بِزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَحْدَهُ حُجَّةٌ ظَاهِرَةٌ لَا يَجُوزُ خِلَافُهَا انْتَهَى.
وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ أَنْ لَيْسَ غَيْرُ النَّبِيِّ ﷺ مِنَ الْحُكَّامِ فِي ذَلِكَ مِثْلَهُ لِإِمْكَانِ اطِّلَاعِهِ عَلَى مَا غَابَ عَنْهُ بِالْوَحْيِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ بَلْ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ أَكْثَرِ مِنْ وَاحِدٍ، فَمَهْمَا كَانَ طَرِيقَهُ الْإِخْبَارُ يَكْتَفِي فِيهِ بِالْوَاحِدِ، وَمَهْمَا كَانَ طَرِيقَهُ الشَّهَادَةُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنَ اسْتِيفَاءِ النِّصَابِ، وَقَدْ نَقَلَ الْكَرَابِيسِيُّ أَنَّ الْخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ وَالْمُلُوكَ بَعْدَهُمْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ إِلَّا تَرْجُمَانٌ وَاحِدٌ وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ التِّينِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يُتَرْجِمُ إِلَّا حُرٌّ عَدْلٌ وَإِذَا أَقَرَّ الْمُتَرْجِمُ بِشَيْءٍ فَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَسْمَعَ ذَلِكَ مِنْهُ شَاهِدَانِ وَيَرْفَعَانِ ذَلِكَ إِلَى الْحَاكِمِ.
٤١ - بَاب مُحَاسَبَةِ الْإِمَامِ عُمَّالَهُ
٧١٩٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ اسْتَعْمَلَ ابْنَ الْلتَبِيَّةِ عَلَى صَدَقَاتِ بَنِي سُلَيْمٍ فَلَمَّا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَحَاسَبَهُ قَالَ: هَذَا الَّذِي لَكُمْ، وَهَذِهِ هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ لِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: فَهَلَّا جَلَسْتَ فِي بَيْتِ أَبِيكَ وَبَيْتِ أُمِّكَ حَتَّى تَأْتِيَكَ هَدِيَّتُكَ إِنْ كُنْتَ صَادِقًا؟ ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَخَطَبَ النَّاسَ، وَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أَسْتَعْمِلُ رِجَالًا مِنْكُمْ عَلَى أُمُورٍ مِمَّا وَلَّانِي اللَّهُ فَيَأْتِي أَحَدُكُمْ فَيَقُولُ: هَذَا لَكُمْ، وَهَذِهِ هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ لِي فَهَلَّا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَبَيْتِ أُمِّهِ حَتَّى تَأْتِيَهُ هَدِيَّتُهُ إِنْ كَانَ صَادِقًا؟ فَوَاللَّهِ لَا يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مِنْهَا شَيْئًا - قَالَ هِشَامٌ: بِغَيْرِ حَقِّهِ - إِلَّا جَاءَ اللَّهَ يَحْمِلُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا فَلَأَعْرِفَنَّ مَا جَاءَ اللَّهَ رَجُلٌ بِبَعِيرٍ لَهُ رُغَاءٌ، أَوْ بِبَقَرَةٍ لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةٍ تَيْعَرُ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ.
قَوْلُهُ: بَابُ مُحَاسَبَةِ الْإِمَامِ عُمَّالَهُ) ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ أَبِي حُمَيْدٍ فِي قِصَّةِ ابْنِ اللُّتْبِيَّةِ، وَقَدْ مَضَى شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي: بَابِ هَدَايَا الْعُمَّالِ وَقَوْلُهُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ،، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ مُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ سَلَّامٍ، وَعَبْدَةُ هُوَ ابْنُ سُلَيْمَانَ، وَقَوْلُهُ: فَهَلَّا فِي رِوَايَةٍ غَيْرِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فِي الْمَوْضِعَيْنِ أَلَا بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ، وَهُمَا بِمَعْنًى ; وَالْمَقْصُودُ هُنَا قَوْلُهُ: فَلَمَّا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ وَحَاسَبَهُ أَيْ عَلَى مَا قَبَضَ وَصَرَفَ.
٤٢ - بَاب بِطَانَةِ الْإِمَامِ وَأَهْلِ مَشُورَتِهِ الْبِطَانَةُ الدُّخَلَاءُ
٧١٩٨ - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: مَا بَعَثَ اللَّهُ مِنْ نَبِيٍّ وَلَا اسْتَخْلَفَ مِنْ خَلِيفَةٍ إِلَّا كَانَتْ لَهُ بِطَانَتَانِ، بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالْمَعْرُوفِ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، وَبِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالشَّرِّ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ فَالْمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَ اللَّهُ تَعَالَى، وَقَالَ سُلَيْمَانُ: عَنْ يَحْيَى أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ بِهَذَا، وَعَنْ ابْنِ أَبِي عَتِيقٍ، وَمُوسَى، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ مِثْلَهُ. وَقَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute