دَاوُدَ وَاخْتَارَ الضِّيَاءُ مِنْ طَرِيقِ أَشْعَثَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجَرْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْتُ كَأَنَّ دَلْوًا دُلِّيَ مِنَ السَّمَاءِ فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ بِعِرَاقَيْهَا فَشَرِبَ شُرْبًا ضَعِيفًا، ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ فَأَخَذَ بِعِرَاقَيْهَا فَشَرِبَ حَتَّى تَضَلَّعَ، ثُمَّ جَاءَ عُثْمَانُ فَأَخَذَ بِعِرَاقَيْهَا فَشَرِبَ حَتَّى تَضَلَّعَ، ثُمَّ جَاءَ عَلِيٌّ فَأَخَذَ بِعِرَاقَيْهَا فَانْتُشِطَتْ وَانْتَضَحَ عَلَيْهِ مِنْهَا شَيْءٌ وَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّزْعِ الضَّعِيفِ وَالنَّزْعِ الْقَوِيِّ الْفُتُوحُ وَالْغَنَائِمُ، وَقَوْلُهُ: دُلِّيَ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ أَيْ أُرْسِلَ إِلَى أَسْفَلَ، وَقَوْلُهُ: بِعِرَاقَيْهَا بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْقَافِ، وَالْعِرَاقَانِ خَشَبَتَانِ تُجْعَلَانِ عَلَى فَمِ الدَّلْوِ مُتَخَالِفَتَانِ لِرَبْطِ الدَّلْوِ. وَقَوْلُهُ: تَضَلَّعَ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ مَلَأَ أَضْلَاعَهُ كِنَايَةٌ عَنِ الشِّبَعِ، وَقَوْلُهُ: انْتُشِطَتْ بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا طَاءٌ مُهْمَلَةٌ أَيْ نُزِعَتْ مِنْهُ فَاضْطَرَبَتْ وَسَقَطَ بَعْضُ مَا فِيهَا أَوْ كُلُّهُ.
قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: حَدِيثُ سَمُرَةَ يُعَارِضُ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ وَهُمَا خَبَرَانِ.
قُلْتُ: الثَّانِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ، فَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ مُصَرِّحٌ بِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ هُوَ الرَّائِي، وَحَدِيثُ سَمُرَةَ فِيهِ أَنَّ رَجُلًا أَخْبَرَ النَّبِيَّ ﷺ أَنَّهُ رَأَى، وَقَدْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الطُّفَيْلِ شَاهِدًا لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَزَادَ فِيهِ فَوَرَدَتْ عَلَيَّ غَنَمٌ سُودٌ وَغَنَمٌ عُفْرٌ وَقَالَ فِيهِ فَأَوَّلْتُ السُّودَ الْعَرَبُ وَالْعُفْرَ الْعَجَمُ، وَفِي قِصَّةِ عُمَرَ فَمَلَأَ الْحَوْضَ وَأَرْوَى الْوَارِدَةَ، وَمِنَ الْمُغَايَرَةِ بَيْنَهُمَا أَيْضًا أَنَّ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ نَزْعُ الْمَاءِ مِنَ الْبِئْرِ وَحَدِيثُ سَمُرَةَ فِيهِ نُزُولُ الْمَاءِ مِنَ السَّمَاءِ، فَهُمَا قِصَّتَانِ تَشُدُّ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى، وَكَأَنَّ قِصَّةَ حَدِيثِ سَمُرَةَ سَابِقَةٌ فَنَزَلَ الْمَاءُ مِنَ السَّمَاءِ وَهِيَ خِزَانَتُهُ فَأُسْكِنَ فِي الْأَرْضِ كَمَا يَقْتَضِيهِ حَدِيثُ سَمُرَةَ ثُمَّ أُخْرِجَ مِنْهَا بِالدَّلْوِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ.
وَفِي حَدِيثِ سَمُرَةَ إِشَارَةٌ إِلَى نُزُولِ النَّصْرِ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى الْخُلَفَاءِ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ إِشَارَةٌ إِلَى اسْتِيلَائِهِمْ عَلَى كُنُوزِ الْأَرْضِ بِأَيْدِيهِمْ، وَكِلَاهُمَا ظَاهِرٌ مِنَ الْفُتُوحِ الَّتِي فَتَحُوهَا. وَفِي حَدِيثِ سَمُرَةَ زِيَادَةُ إِشَارَةٍ إِلَى مَا وَقَعَ لِعَلِيٍّ مِنَ الْفِتَنِ وَالِاخْتِلَافِ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّ النَّاسَ أَجْمَعُوا عَلَى خِلَافَتِهِ ثُمَّ لَمْ يَلْبَثْ أَهْلُ الْجَمَلِ أَنْ خَرَجُوا عَلَيْهِ وَامْتَنَعَ مُعَاوِيَةُ فِي أَهْلِ الشَّامِ ثُمَّ حَارَبَهُ بِصِفِّينَ ثُمَّ غَلَبَ بَعْدَ قَلِيلٍ عَلَى مِصْرَ، وَخَرَجَتِ الْحَرُورِيَّةُ عَلَى عَلِيٍّ فَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ فِي أَيَّامِ خِلَافَتِهِ رَاحَةٌ، فَضُرِبَ الْمَنَامُ الْمَذْكُورُ مَثَلًا لِأَحْوَالِهِمْ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.
٢٩ - بَاب نَزْعِ الذَّنُوبِ وَالذَّنُوبَيْنِ مِنْ الْبِئْرِ بِضَعْفٍ
٧٠٢٠ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا مُوسَى، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رُؤْيَا النَّبِيِّ ﷺ فِي أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ قَالَ: رَأَيْتُ النَّاسَ اجْتَمَعُوا، فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ فَنَزَعَ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ وَفِي نَزْعِهِ ضَعْفٌ، وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ، ثُمَّ قَامَ ابْنُ الْخَطَّابِ فَاسْتَحَالَتْ غَرْبًا، فَمَا رَأَيْتُ في النَّاسِ مَنْ يَفْرِي فَرْيَهُ حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ بِعَطَنٍ
قَوْلُهُ: (بَابُ نَزْعِ الذَّنُوبِ وَالذَّنُوبَيْنِ مِنَ الْبِئْرِ بِضَعْفٍ) أَيْ مَعَ ضَعْفِ نَزْعٍ. .
٧٠٢١ - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي سَعِيدٌ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي عَلَى قَلِيبٍ وَعَلَيْهَا دَلْوٌ فَنَزَعْتُ مِنْهَا مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أَخَذَهَا ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ فَنَزَعَ مِنْهَا ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ وَفِي نَزْعِهِ ضَعْفٌ، وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ، ثُمَّ اسْتَحَالَتْ غَرْبًا فَأَخَذَهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا مِنْ النَّاسِ يَنْزِعُ نَزْعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ بِعَطَنٍ
ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ الَّذِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute