قَوْلُهُ: (بَابُ تَرْكِ النَّبِيِّ ﷺ وَالنَّاسِ الْأَعْرَابِيَّ) اللَّامُ فِيهِ لِلْعَهْدِ الذِّهْنِيِّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْأَعْرَابِيَّ وَاحِدُ الْأَعْرَابِ وَهُمْ مَنْ سَكَنَ الْبَادِيَةَ عَرَبًا كَانُوا أَوْ عَجَمًا، وَإِنَّمَا تَرَكُوهُ يَبُولُ فِي الْمَسْجِدِ لِأَنَّهُ كَانَ شَرَعَ فِي الْمَفْسَدَةِ فَلَوْ مُنِعَ لَزَادَتْ إِذْ حَصَلَ تَلْوِيثُ جُزْءٍ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَلَوْ مُنِعَ لَدَارَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَقْطَعَهُ فَيَتَضَرَّرُ، وَإِمَّا أَنْ لَا يَقْطَعَهُ فَلَا يَأْمَنُ مِنْ تَنْجِيسِ بَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ، أَوْ مَوَاضِعَ أُخْرَى مِنَ الْمَسْجِدِ.
قَوْلُهُ: (هَمَّامٌ) هُوَ ابْنُ يَحْيَى، وَإِسْحَاقُ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ.
قَوْلُهُ: (عَنْ أَنَسٍ) وَلِمُسْلِمٍ حَدَّثَنِي أَنَسٌ.
قَوْلُهُ: (رَأَى أَعْرَابِيًّا) حَكَى أَبُو بَكْرٍ التَّارِيخِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعِ الْمُزَنِيِّ (١) أَنَّهُ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ، وَقِيلَ غَيْرُهُ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا.
قَوْلُهُ: (فِي الْمَسْجِدِ) أَيْ: مَسْجِدِ النَّبِيِّ ﷺ.
قَوْلُهُ: (فَقَالَ دَعُوهُ) كَانَ هَذَا الْأَمْرُ بِالتَّرْكِ عَقِبَ زَجْرِ النَّاسِ لَهُ كَمَا سَيَأْتِي.
قَوْلُهُ: (حَتَّى) أَيْ: فَتَرَكُوهُ حَتَّى فَرَغَ مِنْ بَوْلِهِ، فَلَمَّا فَرَغَ دَعَا النَّبِيُّ ﷺ بِمَاءٍ أَيْ: فِي دَلْوٍ كَبِيرٍ (فَصَبَّهُ) أَيْ: فَأَمَرَ بِصَبِّهِ كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ كُلُّهُ صَرِيحًا. وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ إِسْحَاقَ فَسَاقَهُ مُطَوَّلًا بِنَحْوٍ مِمَّا شَرَحْنَاهُ، وَزَادَ فِيهِ: ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ إِنَّ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ لَا تَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الْبَوْلِ وَلَا الْقَذَرِ، إِنَّمَا هِيَ لِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَالصَّلَاةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَسَنَذْكُرُ فَوَائِدَهُ فِي الْبَابِ الْآتِي بَعْدَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
٥٨ - بَاب صَبِّ الْمَاءِ عَلَى الْبَوْلِ فِي الْمَسْجِدِ
٢٢٠ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَامَ أَعْرَابِيٌّ فَبَالَ فِي الْمَسْجِدِ، فَتَنَاوَلَهُ النَّاسُ، فَقَالَ لَهُمْ النَّبِيُّ ﷺ: دَعُوهُ وَهَرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ سَجْلًا مِنْ مَاءٍ - أَوْ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ - فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ، وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ.
[الحديث ٢٢٠ - طرفه في: ٦١٢٨]
قَوْلُهُ: (بَابُ صَبِّ الْمَاءِ. أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ) كَذَا رَوَاهُ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَرَوَاهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ بَدَلَ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَتَابَعَهُ سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ الرِّوَايَتَيْنِ صَحِيحَتَانِ.
قَوْلُهُ: (قَامَ أَعْرَابِيٌّ) زَادَ ابْنُ عُيَيْنَةَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ فِي أَوَّلِهِ أَنَّهُ صَلَّى ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وَمُحَمَّدًا، وَلَا تَرْحَمْ مَعَنَا أَحَدًا. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: لَقَدْ تَحَجَّرْتَ وَاسِعًا. فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ بَالَ فِي الْمَسْجِدِ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ سَتَأْتِي عِنْدَ الْمُصَنِّفِ مُفْرَدَةً فِي الْأَدَبِ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَقَدْ رَوَى ابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُ حِبَّانَ الْحَدِيثَ تَامًّا مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ فِي الصَّحَابَةِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ اطَّلَعَ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ الْيَمَانِيُّ وَكَانَ رَجُلًا جَافِيًا فَذَكَرَهُ تَامًّا بِمَعْنَاهُ وَزِيَادَةً، وَهُوَ مُرْسَلٌ، وَفِي إِسْنَادِهِ أَيْضًا مُبْهَمٌ بَيْنَ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ وَبَيْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، وَهُوَ عِنْدَهُ مِنْ طَرِيقِ الْأَصَمِّ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيِّ عَنْ أَحْمَدِ بْنِ خَالِدٍ الذَّهَبِيِّ عَنْهُ، وَهُوَ فِي جَمْعِ مُسْنَدِ ابْنِ إِسْحَاقَ، لِأَبِي زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيِّ مِنْ طَرِيقِ الشَّامِيِّينَ عَنْهُ بِهَذَا السَّنَدِ، لَكِنْ قَالَ فِي أَوَّلِهِ: اطَّلَعَ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ التَّمِيمِيُّ وَكَانَ جَافِيًا وَالتَّمِيمِيُّ هُوَ حُرْقُوصُ بْنُ زُهَيْرٍ الَّذِي صَارَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ رُءُوسِ الْخَوَارِجِ، وَقَدْ فَرَّقَ بَعْضُهُمْ
(١) في مخطوطة الرياض: المدني