للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْيَمَانِيِّ، لَكِنْ لَهُ أَصْلٌ أَصِيلٌ، وَاسْتُفِيدَ مِنْهُ تَسْمِيَةُ الْأَعْرَابِيِّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ التَّارِيخِيِّ إِنَّهُ الْأَقْرَعُ، وَنُقِلَ عَنْ أَبِي الْحُسَيْنِ بْنِ فَارِسٍ أَنَّهُ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.

قَوْلُهُ: (فَتَنَاوَلَهُ النَّاسُ) أَيْ بِأَلْسِنَتِهِمْ، وَلِلْمُصَنِّفِ فِي الْأَدَبِ فَثَارَ إِلَيْهِ النَّاسُ وَلَهُ فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَنَسٍ فَقَامُوا إِلَيْهِ وَلِلْإِسْمَاعِيلِيِّ فَأَرَادَ أَصْحَابُهُ أَنْ يَمْنَعُوهُ، وَفِي رِوَايَةِ أَنَسٍ فِي هَذَا الْبَابِ فَزَجَرَهُ النَّاسُ وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدَانَ شَيْخِ الْمُصَنِّفِ فِيهِ بِلَفْظِ فَصَاحَ النَّاسُ بِهِ وَكَذَا لِلنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ الْمُبَارَكِ.

فَظَهَرَ أَنَّ تَنَاوُلَهُ كَانَ بِالْأَلْسِنَةِ لَا بِالْأَيْدِي. وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَنَسٍ فَقَالَ الصَّحَابَةُ مَهْ مَهْ.

قَوْلُهُ: (وَهَرِيقُوا)، وَلِلْمُصَنِّفِ فِي الْأَدَبِ وَأَهْرِيقُوا وَقَدْ تَقَدَّمَ تَوْجِيهُهَا فِي بَابِ الْغُسْلِ فِي الْمُخَضَّبِ.

قَوْلُهُ: (سَجْلًا) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْجِيمِ، قَالَ أَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ: هُوَ الدَّلْوُ مَلْأَى، وَلَا يُقَالُ لَهَا ذَلِكَ وَهِيَ فَارِغَةٌ. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: السَّجْلُّ دَلْوٌ وَاسِعَةٌ. وَفِي الصِّحَاحِ: الدَّلْوُ الضَّخْمَةُ.

قَوْلُهُ: (أَوْ ذَنُوبًا) قَالَ الْخَلِيلُ: الدَّلْوُ مَلْأَى مَاءً. وَقَالَ ابْنُ فَارِسٍ: الدَّلْوُ الْعَظِيمَةُ. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِيهَا مَاءٌ قَرِيبٌ مِنَ الْمِلْءِ، وَلَا يُقَالُ لَهَا وَهِيَ فَارِغَةٌ ذَنُوبٌ، انْتَهَى. فَعَلَى التَّرَادُفِ أَوْ لِلشَّكِّ مِنَ الرَّاوِي، وَإِلَّا فَهِيَ لِلتَّخْيِيرِ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ فَإِنَّ رِوَايَةَ أَنَسٍ لَمْ تَخْتَلِفْ فِي أَنَّهَا ذَنُوبٌ. وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ: مِنْ مَاءٍ مَعَ أَنَّ الذَّنُوبَ مِنْ شَأْنِهَا ذَلِكَ، لَكِنَّهُ لَفْظٌ مُش تَرَكٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْفَرَسِ الطَّوِيلِ وَغَيْرِهِمَا.

قَوْلُهُ: (فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ) إِسْنَادُ الْبَعْثِ إِلَيْهِمْ عَلَى طَرِيقِ الْمَجَازِ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَبْعُوثُ بِمَا ذَكَرَ، لَكِنَّهُمْ لَمَّا كَانُوا فِي مَقَامِ التَّبْلِيغِ عَنْهُ فِي حُضُورِهِ وَغَيْبَتِهِ أَطْلَقَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ، إِذْ هُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ قِبَلِهِ بِذَلِكَ، أَيْ مَأْمُورُونَ. وَكَانَ ذَلِكَ شَأْنَهُ فِي حَقِّ كُلِّ مَنْ بَعَثَهُ إِلَى جِهَةٍ مِنَ الْجِهَاتِ يَقُولُ: يَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا.

٢٢١ - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنْ النَّبِيِّ .

بَابُ: يُهَرِيقُ الْمَاءَ عَلَى الْبَوْلِ وَحَدَّثَنَا خَالِدُ. قَالَ وَحَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَبَالَ فِي طَائِفَةِ الْمَسْجِدِ، فَزَجَرَهُ النَّاسُ، فَنَهَاهُمْ النَّبِيُّ . فَلَمَّا قَضَى بَوْلَهُ أَمَرَ النَّبِيُّ بِذَنُوبٍ مِنْ مَاءٍ فَأُهْرِيقَ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ) هُوَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ هُوَ الْأَنْصَارِيُّ.

قَوْلُهُ: (وَحَدَّثَنَا خَالِدٌ) سَقَطَتِ الْوَاوُ مِنْ رِوَايَةِ كَرِيمَةَ، وَالْعَطْفُ فِيهِ عَلَى قَوْلِهِ حَدَّثَنَا عَبْدَانُ وَسُلَيْمَانُ هُوَ ابْنُ بِلَالٍ، وَبَانَ لِيَ الْمَتْنُ عَلَى لَفْظِ رِوَايَتِهِ ; لِأَنَّ لَفْظَ عَبْدَانَ فِيهِ مُخَالَفَةٌ لِسِيَاقِهِ كَمَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ أَنَّهُ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ.

قَوْلُهُ: (فِي طَائِفَةِ الْمَسْجِدِ) أَيْ نَاحِيَتِهِ، وَالطَّائِفَةُ الْقِطْعَةُ مِنَ الشَّيْءِ.

قَوْلُهُ: (فَنَهَاهُمْ) فِي رِوَايَةِ عَبْدَانَ فَقَالَ اتْرُكُوهُ فَتَرَكُوهُ.

قَوْلُهُ: (فَهَرِيقَ عَلَيْهِ) كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَلِلْبَاقِينَ فَأُهْرِيقَ عَلَيْهِ وَيَجُوزُ إِسْكَانُ الْهَاءِ وَفَتْحُهَا كَمَا تَقَدَّمَ، وَضَبَطَهُ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ بِفَتْحِ الْهَاءِ أَيْضًا.

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ: أَنَّ الِاحْتِرَازَ مِنَ النَّجَاسَةِ كَانَ مُقَرَّرًا فِي نُفُوسِ الصَّحَابَةِ، وَلِهَذَا بَادَرُوا إِلَى الْإِنْكَارِ بِحَضْرَتِهِ قَبْلَ اسْتِئْذَانِهِ، وَلِمَا تَقَرَّرَ عِنْدَهُمْ أَيْضًا مَنْ طَلَبِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ. وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ التَّمَسُّكِ بِالْعُمُومِ إِلَى أَنْ يَظْهَرَ الْخُصُوصُ، قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ التَّمَسُّكَ يَتَحَتَّمُ عِنْدَ احْتِمَالِ التَّخْصِيصِ عِنْدَ الْمُجْتَهِدِ، وَلَا يَجِبُ التَّوَقُّفُ عَنِ الْعَمَلِ بِالْعُمُومِ لِذَلِكَ، لِأَنَّ عُلَمَاءَ الْأَمْصَارِ مَا بَرِحُوا يُفْتُونَ بِمَا بَلَغَهُمْ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى الْبَحْثِ عَنِ التَّخْصِيصِ، وَلِهَذِهِ الْقِصَّةِ أَيْضًا إِذْ لَمْ يُنْكِرِ النَّبِيُّ عَلَى الصَّحَابَةِ وَلَمْ يَقُلْ