للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ، وَالنَّسَفِيِّ، وَابْنِ عَسَاكِرَ ﴿الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ﴾ - إِلَى قَوْلِهِ -: ﴿عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ وَلِلْإِسْمَاعِيلِيِّ ﴿الْقَتْلَى﴾ - إِلَى قَوْلِهِ - ﴿أَلِيمٌ﴾ وَسَاقَ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ الْآيَةَ كُلَّهَا.

٤ - بَاب سُؤَالِ الْقَاتِلِ حَتَّى يُقِرَّ، وَالْإِقْرَارِ فِي الْحُدُودِ

٦٨٧٦ - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ يَهُودِيًّا رَضَّ رَأْسَ جَارِيَةٍ بَيْنَ حَجَرَيْنِ، فَقِيلَ لَهَا: مَنْ فَعَلَ بِكِ هَذَا؟ أَفُلَانٌ أَوْ فُلَانٌ - حَتَّى سُمِّيَ الْيَهُودِيُّ، فَأُتِيَ بِهِ النَّبِيُّ ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى أَقَرَّ، فَرُضَّ رَأْسُهُ بِالْحِجَارَةِ.

قَوْلُهُ: (بَابُ سُؤَالِ الْقَاتِلِ حَتَّى يُقِرَّ، وَالْإِقْرَارِ فِي الْحُدُودِ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَبَعْدَهُ حَدِيثُ أَنَسٍ فِي قِصَّةِ الْيَهُودِيِّ وَالْجَارِيَةِ، وَوَقَعَ عِنْدَ النَّسَفِيِّ وَكَرِيمَةَ وَأَبِي نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ بِحَذْفِ بَابٍ وَقَالُوا بَعْدَ قَوْلِهِ عَذَابٌ أَلِيمٌ: وَإِذًا لَمْ يَزَلْ يَسْأَلُ الْقَاتِلَ حَتَّى أَقَرَّ وَالْإِقْرَارُ فِي الْحُدُودِ، وَصَنِيعُ الْأَكْثَرِ أَشْبَهُ، وَقَدْ صَرَّحَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ بِأَنَّ التَّرْجَمَةَ الْأُولَى بِلَا حَدِيثٍ.

قُلْت: وَالْآيَةُ الْمَذْكُورَةُ أَصْلٌ فِي اشْتِرَاطِ التَّكَافُؤِ فِي الْقِصَاصِ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَخَالَفَهُمُ الْكُوفِيُّونَ فَقَالُوا يُقْتَلُ الْحُرُّ بِالْعَبْدِ وَالْمُسْلِمُ بِالْكَافِرِ الذِّمِّيِّ، وَتَمَسَّكُوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ﴾ قَالَ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ: الْجَمْعُ بَيْنَ الْآيَتَيْنِ أَوْلَى، فَتُحْمَلُ النَّفْسُ عَلَى الْمُكَافِئَةِ، وَيُؤَيِّدُهُ اتِّفَاقُهُمْ عَلَى أَنَّ الْحُرَّ لَوْ قَذَفَ عَبْدًا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ، قَالَ وَيُؤْخَذُ الْحُكْمُ مِنَ الْآيَةِ نَفْسِهَا فَإِنَّ فِي آخِرِهَا ﴿فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ﴾ وَالْكَافِرُ لَا يُسَمَّى مُتَصَدِّقًا وَلَا مُكَفَّرًا عَنْهُ، وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ لَا يَتَصَدَّقُ بِجُرْحِهِ لِأَنَّ الْحَقَّ لِسَيِّدِهِ.

وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: لَمَّا اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا قِصَاصَ بَيْنَ الْعَبِيدِ وَالْأَحْرَارِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ كَانَتِ النَّفْسُ أَوْلَى بِذَلِكَ.

قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ يُقْتَلُ بِالْحُرِّ وَأَنَّ الْأُنْثَى تُقْتَلُ بِالذَّكَرِ وَيُقْتَلُ بِهَا إِلَّا أَنَّهُ وَرَدَ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ كَعَلِيٍّ وَالتَّابِعِينَ كَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّ الذَّكَرَ إِذَا قَتَلَ الْأُنْثَى فَشَاءَ أَوْلِيَاؤُهَا قَتْلَهُ وَجَبَ عَلَيْهِمْ نِصْفُ الدِّيَةِ وَإِلَّا فَلَهُمُ الدِّيَةُ كَامِلَةً قَالَ: وَلَا يَثْبُتُ عَنْ عَلِيٍّ لَكِنْ هُوَ قَوْلُ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ أَحَدِ فُقَهَاءِ الْبَصْرَةِ، وَيَدُلُّ عَلَى التَّكَافُؤِ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى أَنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ مَقْطُوعَ الْيَدِ وَالْأَعْوَرَ لَوْ قَتَلَهُ الصَّحِيحُ عَمْدًا لَوَجَبَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ وَلَمْ يَجِبْ لَهُ بِسَبَبِ عَيْنِهِ أَوْ يَدِهِ دِيَةٌ.

قَوْلُهُ فِي التَّرْجَمَةِ (سُؤَالُ الْقَاتِلِ حَتَّى يُقِرَّ) أَيْ مَنِ اتُّهِمَ بِالْقَتْلِ وَلَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ) هُوَ ابْنُ يَحْيَى.

قَوْلُهُ: عَنْ أَنَسٍ فِي رِوَايَةِ حِبَّانَ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ عَنْ هَمَّامٍ الْآتِيَةِ بَعْدَ سَبْعَةِ أَبْوَابٍ: حَدَّثَنَا أَنَسٌ.

قَوْلُهُ: (أَنَّ يَهُودِيًّا) لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ.

قَوْلُهُ: (رَضَّ رَأْسَ جَارِيَةٍ) الرَّضُّ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّضْخُ بِمَعْنًى، وَالْجَارِيَةُ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ أَمَةً وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ حُرَّةً لَكِنْ دُونَ الْبُلُوغِ، وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ: خَرَجَتْ جَارِيَةٌ عَلَيْهَا أَوْضَاحٌ بِالْمَدِينَةِ فَرَمَاهَا يَهُودِيٌّ بِحَجَرٍ وَتَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فِي الطَّلَاقِ بِلَفْظِ: عَدَا يَهُودِيٌّ عَلَى جَارِيَةٍ، فَأَخَذَ أَوْضَاحًا كَانَتْ عَلَيْهَا وَرَضَخَ رَأْسَهَا.

وَفِيهِ: فَأَتَى أَهْلُهَا رَسُولَ اللَّهِ وَهِيَ فِي آخِرِ رَمَقٍ، وَهَذَا لَا يُعَيِّنُ كَوْنَهَا حُرَّةً لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرَادَ بِأَهْلِهَا مَوَالِيهَا رَقِيقَةً كَانَتْ أَوْ عَتِيقَةً، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهَا لَكِنْ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ أَنَّهَا مِنَ الْأَنْصَارِ، وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ قَوْلِهِ: رَضَّ رَأْسَهَا بَيْنَ حَجَرَيْنِ، وَبَيْنَ قَوْلِهِ: رَمَاهَا بِحَجَرٍ، وَبَيْنَ قَوْلِهِ: رَضَخَ رَأْسَهَا؛ لِأَنَّهُ يُجْمَعُ بَيْنَهَا بِأَنَّهُ رَمَاهَا