(فَائِدَةٌ): رَوَى ابْنُ حِبَّانَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، لَكِنْ قَالَ فِي الْجَوَابِ لِيَتَوَشَّحْ بِهِ ثُمَّ لِيُصَلِّ فِيهِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَا حَدِيثَيْنِ، أَوْ حَدِيثًا وَاحِدًا فَرَّقَهُ الرُّوَاةُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ، وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ إِلَى هَذَا لِذِكْرِهِ التَّوَشُّحَ فِي التَّرْجَمَةِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
٥ - بَاب إِذَا صَلَّى فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ فَلْيَجْعَلْ عَلَى عَاتِقَيْهِ
٣٥٩ - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: لَا يُصَلِّي أَحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقَيْهِ شَيْءٌ.
[الحديث ٣٥٩ - طرفه في: ٣٦٠]
قَوْلُهُ: (بَابُ إِذَا صَلَّى فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ فَلْيَجْعَلْ عَلَى عَاتِقَيْهِ) أَيْ بَعْضَهُ، فِي رِوَايَةٍ عَاتِقِهِ بِالْإِفْرَادِ. وَالْعَاتِقُ هُوَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ إِلَى أَصْلِ الْعُنُقِ، وَهُوَ مُذَكَّرٌ وَحُكِيَ تَأْنِيثُهُ.
قَوْلُهُ: (لَا يُصَلِّي) قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: كَذَا هُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ، وَوَجْهُهُ أَنَّ لَا نَافِيَةٌ، وَهُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ. قُلْتُ: وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي غَرَائِبِ مَالِكٍ مِنْ طَرِيقِ الشَّافِعِيِّ، عَنْ مَالِكٍ بِلَفْظِ لَا يُصَلِّ بِغَيْرِ يَاءٍ، وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ عَطَاءٍ عَنْ مَالِكٍ بِلَفْظِ لَا يُصَلِّيَنَّ بِزِيَادَةِ نُونِ التَّأْكِيدِ، وَرَوَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ بِلَفْظِ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ.
قَوْلُهُ: (لَيْسَ عَلَى عَاتِقَيْهِ شَيْءٌ) زَادَ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ مِنْهُ شَيْءٌ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَتَّزِرُ فِي وَسَطِهِ وَيَشُدُّ طَرَفَيِ الثَّوْبِ فِي حَقْوَيْهِ بَلْ يَتَوَشَّحُ بِهِمَا عَلَى عَاتِقَيْهِ لِيَحْصُلَ السَّتْرُ لِجُزْءٍ مِنْ أَعَالِي الْبَدَنِ وَإِنْ كَانَ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ، أَوْ لِكَوْنِ ذَلِكَ أَمْكَنَ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ.
٣٦٠ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: سَمِعْتُهُ، أَوْ كُنْتُ سَأَلْتُهُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: مَنْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ فَلْيُخَالِفْ بَيْنَ طَرَفَيْهِ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا شَيْبَانُ) هُوَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
قَوْلُهُ: (سَمِعْتُهُ) أَيْ قَالَ يَحْيَى سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ، ثُمَّ تَرَدَّدَ هَلْ سَمِعَهُ ابْتِدَاءً أَوْ جَوَابُ سُؤَالٍ مِنْهُ. هَذَا ظَاهِرُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ. وَأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، عَنْ مَكِّيِّ بْنِ عَبْدَانَ، عَنْ حَمْدَانَ السُّلَمِيِّ، عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ بِلَفْظِ سَمِعْتُهُ أَوْ كَتَبَ بِهِ إِلَيَّ فَحَصَلَ التَّرَدُّدَ بَيْنَ السَّمَاعِ وَالْكِتَابَةِ، قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ: وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا ذَكَرَ فِيهِ سَمَاعَ يَحْيَى مِنْ عِكْرِمَةَ، يَعْنِي بِالْجَزْمِ. قَالَ: وَقَدْ رَوَيْنَاهُ مِنْ طَرِيقِ حُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ شَيْبَانَ بِالتَّرَدُّدِ فِي السَّمَاعِ أَوِ الْكِتَابَةِ أَيْضًا. قُلْتُ: قَدْ رَوَاهُ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، عَنْ شَيْبَانَ نَحْوَ رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ قَالَ سَمِعْتُهُ أَوْ كُنْتُ سَأَلْتُهُ فَسَمِعْتُهُ أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ.
قَوْلُهُ: (أَشْهَدُ) ذَكَرَهُ تَأْكِيدًا لِحِفْظِهِ وَاسْتِحْضَارِهِ.
قَوْلُهُ: (مَنْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ) زَادَ الْكُشْمِيهَنِيُّ وَاحِدٌ. وَدَلَالَتُهُ عَلَى التَّرْجَمَةِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْمُخَالَفَةَ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ لَا تَتَيَسَّرُ إِلَّا بِجَعْلِ شَيْءٍ مِنَ الثَّوْبِ عَلَى الْعَاتِقِ، كَذَا قَالَ الْكِرْمَانِيُّ. وَأَوْلَى مِنْ ذَلِكَ أَنَّ فِي بَعْضِ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ التَّصْرِيحُ بِالْمُرَادِ فَأَشَارَ إِلَيْهِ الْمُصَنِّفُ كَعَادَتِهِ، فَعِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ، عَنْ يَحْيَى فِيهِ فَلْيُخَالِفْ بَيْنَ طَرَفَيْهِ عَلَى عَاتِقَيْهِ