وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ أَيْضًا، وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ الإِشَارَةٌ إِلَيْهِ.
وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ بِلَفْظِ: لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى رَجُلٍ أَتَى رَجُلًا أَوِ امْرَأَةً فِي الدُّبُرِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ أَيْضًا، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ صَلَحَ أَنْ يُخَصِّصَ عُمُومَ الْآيَةِ، وَيُحْمَلُ عَلَى الْإِتْيَانِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَحَلِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَعْنَى أَنَّى حَيْثُ وَهُوَ الْمُتَبَادِرُ إِلَى السِّيَاقِ، وَيُغْنِي ذَلِكَ عَنْ حَمْلِهَا عَلَى مَعْنًى آخَرَ غَيْرِ الْمُتَبَادِرِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) هُوَ الثَّوْرِيُّ.
قَوْلُهُ: (كَانَتِ الْيَهُودُ إِذَا جَامَعَهَا مِنْ وَرَائِهَا جَاءَ الْوَلَدُ أَحْوَلَ، فَنَزَلَتْ) هَذَا السِّيَاقُ قَدْ يُوهِمُ أَنَّهُ مُطَابِقٌ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ بِلَفْظِ: بَارِكَةً مُدْبِرَةً فِي فَرْجِهَا مِنْ وَرَائِهَا، وَكَذَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ بِلَفْظِ: إِذَا أَتَيْتَ امْرَأَةً مِنْ دُبُرِهَا فِي قُبُلِهَا. وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي حَازِمٍ، عَنِ ابْنِ مُنْكَدِرٍ بِلَفْظِ: إِذَا أَتَيْتَ الْمَرْأَةَ مِنْ دُبُرِهَا فَحَمَلَتْ، وَقَوْلُهُ: فَحَمَلَتْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ الْإِتْيَانَ فِي الْفَرْجِ لَا فِي الدُّبُرِ، وَهَذَا كُلُّهُ يُؤَيِّدُ تَأْوِيلَ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي رَدَّ بِهِ عَلَى ابْنِ عُمَرَ، وَقَدْ أَكْذَبَ اللَّهُ الْيَهُودَ فِي زَعْمِهِمْ وَأَبَاحَ لِلرِّجَالِ أَنْ يَتَمَتَّعُوا بِنِسَائِهِمْ كَيْفَ شَاءُوا، وَإِذَا تَعَارَضَ الْمُجْمَلُ وَالْمُفَسِّرُ قُدِّمَ الْمُفَسِّرُ، وَحَدِيثُ جَابِرٍ مُفَسِّرٌ فَهُوَ أَوْلَى أَنْ يُعْمَلَ بِهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ زِيَادَةً فِي طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ بِلَفْظِ: إِنْ شَاءَ مُحْبِيَةً وَإِنْ شَاءَ غَيْرَ مُحْبِيَةٍ غَيْرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي صِمَامٍ وَاحِدٍ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ يُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ مِنْ تَفْسِيرِ الزُّهْرِيِّ لِخُلُوِّهَا مِنْ رِوَايَةِ غَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ مَعَ كَثْرَتِهِمْ. وَقَوْلُهُ مُحْبِيَةً بِمِيمٍ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ أَيْ بَارِكَةً وَقَوْلُهُ صِمَامٍ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَالتَّخْفِيفِ هُوَ الْمَنْفَذُ.
٤٠ - بَاب ﴿وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ﴾
٤٥٢٩ - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ رَاشِدٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ قَالَ: كَانَتْ لِي أُخْتٌ تُخْطَبُ إِلَيَّ، وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ عَنْ يُونُسَ عَنْ الْحَسَنِ: حَدَّثَنِي مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ ح حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنْ الْحَسَنِ: أَنَّ أُخْتَ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا، فَتَرَكَهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَخَطَبَهَا فَأَبَى مَعْقِلٌ، فَنَزَلَتْ ﴿فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ﴾
قَوْلُهُ: (بَابُ ﴿وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ﴾ اتَّفَقَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ عَلَى أَنَّ الْمُخَاطَبَ بِذَلِكَ الْأَوْلِيَاءُ، ذَكَرَهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَغَيْرُهُ. وَرَوَى ابْنُ الْمُنْذِرِ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: هِيَ فِي الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ فَتَقْضِي عِدَّتَهَا، فَيَبْدُو لَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا وَتُرِيدُ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ فَيَمْنَعُهُ وَلِيُّهَا. ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ فِي سَبَبِ نُزُولِ الْآيَةِ، لَكِنَّهُ سَاقَهُ مُخْتَصَرًا، وَقَدْ أَوْرَدَهُ فِي النِّكَاحِ بِتَمَامِهِ وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ، وَكَذَا مَا جَاءَ فِي تَسْمِيَةِ أُخْتِ مَعْقِلٍ وَاسْمِ زَوْجِهَا هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَقَوْلُهُ: (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، حَدَّثَنِي مَعْقِلٌ) أَرَادَ بِهَذَا التَّعْلِيقِ بَيَانَ تَصْرِيحِ الْحَسَنِ بِالتَّحْدِيثِ عَنْ مَعْقِلٍ، وَرِوَايَةُ إِبْرَاهِيمَ هَذَا وَهُوَ ابْنُ طَهْمَانَ وَصَلَهَا الْمُؤَلِّفُ فِي النِّكَاحِ كَمَا سَيَأْتِي، وَقَدْ صَرَّحَ الْحَسَنُ بِتَحْدِيثِ مَعْقِلٍ لَهُ أَيْضًا فِي رِوَايَةِ عَبَّادِ بْنِ رَاشِدٍ كَمَا سَيَأْتِي أَيْضًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute