هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، كَمَا سَيَأْتِي فِي التَّفْسِيرِ، وَالشَّيْءُ الْمَذْكُورُ كَانَ ثَمَانِيَةَ آلَافٍ أَوْ أَرْبَعَةَ آلَافٍ.)
قَوْلُهُ: (وَجَاءَ رَجُلٌ) هُوَ أَبُو عَقِيلٍ بِفَتْحِ الْعَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي فِي التَّفْسِيرِ، وَنَذْكُرُ هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى الِاخْتِلَافَ فِي اسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ، وَمَنْ وَقَعَ لَهُ ذَلِكَ أَيْضًا مِنَ الصَّحَابَةِ كَأَبِي خَيْثَمَةَ، وَأَنَّ الصَّاعَ إِنَّمَا حَصَلَ لِأَبِي عَقِيلٍ لِكَوْنِهِ أَجَّرَ نَفْسَهُ عَلَى النَّزْحِ مِنَ الْبِئْرِ بِالْحَبْلِ.
قَوْلُهُ: (فَقَالُوا) سُمِّيَ مِنَ اللَّامِزِينَ فِي مَغَازِي الْوَاقِدِيِّ مُعَتِّبُ بْنُ قُشَيْرٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ نَبْتَلَ بِنُونٍ وَمُثَنَّاةٍ مَفْتُوحَتَيْنِ، بَيْنَهُمَا مُوَحَّدَةٌ سَاكِنَةٌ ثُمَّ لَامٌ.
قَوْلُهُ: (يَلْمِزُونَ) أَيْ يَعِيبُونَ، وَشَاهِدُ التَّرْجَمَةِ قَوْلُهُ: ﴿وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلا جُهْدَهُمْ﴾.
قَوْلُهُ: (سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى) أَيْ: ابْنُ سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ.
قَوْلُهُ: (فَيُحَامِلُ) بِضَمِّ التَّحْتَانِيَّةِ وَاللَّامُ مَضْمُومَةٌ بِلَفْظِ الْمُضَارِعِ مِنَ الْمُفَاعَلَةِ. وَيُرْوَى بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ اللَّامِ أَيْضًا، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ زَائِدَةَ الْآتِيَةِ فِي التَّفْسِيرِ: فَيَحْتَالُ أَحَدُنَا حَتَّى يَجِيءَ بِالْمُدِّ.
قَوْلُهُ: (فَيُصِيبُ الْمُدَّ) أَيْ: فِي مُقَابَلَةِ أُجْرَتِهِ فَيَتَصَدَّقُ بِهِ.
قَوْلُهُ: (وَإِنَّ لِبَعْضِهِمُ الْيَوْمَ لَمِائَةَ أَلْفٍ) زَادَ فِي التَّفْسِيرِ كَأَنَّهُ يُعَرِّضُ بِنَفْسِهِ، وَأَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ مِنْ قِلَّةِ الشَّيْءِ، وَإِلَى مَا صَارُوا إِلَيْهِ بَعْدَهُ مِنَ التَّوَسُّعِ لِكَثْرَةِ الْفُتُوحِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَكَانُوا فِي الْعَهْدِ الْأَوَّلِ يَتَصَدَّقُونَ بِمَا يَجِدُونَ وَلَوْ جَهِدُوا، وَالَّذِينَ أَشَارَ إِلَيْهِمْ آخِرًا بِخِلَافِ ذَلِكَ. (تَنْبِيهٌ): وَقَعَ بِخَطِّ مُغَلْطَايْ فِي شَرْحِهِ: وَإِنَّ لِبَعْضِهِمُ الْيَوْمَ ثَمَانِيَةَ آلَافٍ وَهُوَ تَصْحِيفٌ.
ثَانِيَهَا حَدِيثُ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، وَهُوَ بِلَفْظِ التَّرْجَمَةِ، وَهُوَ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثِهِ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَبِشِقِّ) بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ: نِصْفُهَا أَوْ جَانِبُهَا، أَيْ: وَلَوْ كَانَ الِاتِّقَاءُ بِالتَّصَدُّقِ بِشِقِّ تَمْرَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّهُ يُفِيدُ. وَفِي الطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ مَرْفُوعًا: اجْعَلُوا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ النَّارِ حِجَابًا، وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ: لِيَتَّقِ أَحَدُكُمْ وَجْهَهُ النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، وَلَهُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ: يَا عَائِشَةُ، اسْتَتِرِي مِنَ النَّارِ، وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَإِنَّهَا تَسُدُّ مِنَ الْجَائِعِ مَسَدَّهَا مِنَ الشَّبْعَانِ، وَلِأَبِي يَعْلَى مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ نَحْوُهُ، وَأَتَمُّ مِنْهُ بِلَفْظِ: تَقَعُ مِنَ الْجَائِعِ مَوْقِعُهَا مِنَ الشَّبْعَانِ، وَكَأَنَّ الْجَامِعَ بَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ حَلَاوَتُهَا، وَفِي الْحَدِيثِ الْحَثُّ عَلَى الصَّدَقَةِ بِمَا قَلَّ وَمَا جَلَّ، وَأَنْ لَا يَحْتَقِرَ مَا يَتَصَدَّقُ بِهِ، وَأَنَّ الْيَسِيرَ مِنَ الصَّدَقَةِ يَسْتُرُ الْمُتَصَدِّقَ مِنَ النَّارِ.
ثَالِثُهَا حَدِيثُ عَائِشَةَ، وَسَيَأْتِي فِي الْأَدَبِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِسَنَدِهِ، وَفِيهِ التَّقْيِيدُ بِالْإِحْسَانِ، وَلَفْظُهُ: مَنِ ابْتُلِيَ مِنَ الْبَنَاتِ بِشَيْءٍ فَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنَ النَّارِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى هُنَاكَ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَمُنَاسَبَتُهُ لِلتَّرْجَمَةِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْأُمَّ الْمَذْكُورَةَ لَمَّا قَسَمَتِ التَّمْرَةَ بَيْنَ ابْنَتَيْهَا صَارَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا شِقُّ تَمْرَةٍ، وَقَدْ دَخَلَتْ فِي عُمُومِ خَبَرِ الصَّادِقِ أَنَّهَا مِمَّنْ سُتِرَ مِنَ النَّارِ لِأَنَّهَا مِمَّنِ ابْتُلِيَ بِشَيْءٍ مِنَ الْبَنَاتِ فَأَحْسَنَ، وَمُنَاسَبَةُ فِعْلِ عَائِشَةَ لِلتَّرْجَمَةِ مِنْ قَوْلِهِ: وَالْقَلِيلُ مِنَ الصَّدَقَةِ، وَلِلْآيَةِ مِنْ قَوْلِهِ: ﴿وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلا جُهْدَهُمْ﴾ لِقَوْلِهَا فِي الْحَدِيثِ: فَلَمْ تَجِدْ عِنْدِي غَيْرَ تَمْرَةٍ، وَفِيهِ شِدَّةُ حِرْصِ عَائِشَةَ عَلَى الصَّدَقَةِ امْتِثَالًا لِوَصِيَّتِهِ ﷺ لَهَا حَيْثُ قَالَ: لَا يَرْجِعُ مِنْ عِنْدِكِ سَائِلٌ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ. رَوَاهُ الْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ.
١١ - بَاب فَضْلِ صَدَقَةِ الشَّحِيحِ الصَّحِيحِ
لِقَوْلِهِ: ﴿وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ﴾ الآية.
وقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ﴾ الآية.
١٤١٩ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ الْقَعْقَاعِ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، حَدَّثَنَا