للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[الحديث ١٤١٥ - أطرافه في: ١٤١٦، ٢٢٧٣، ٤٦٦٨، ٤٦٦٩]

١٤١٦ - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ إِذَا أَمَرَنَا بِالصَّدَقَةِ انْطَلَقَ أَحَدُنَا إِلَى السُّوقِ فَيُحَامِلُ فَيُصِيبُ الْمُدَّ وَإِنَّ لِبَعْضِهِمْ الْيَوْمَ لَمِائَةَ أَلْفٍ"

١٤١٧ - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَعْقِلٍ قَالَ سَمِعْتُ عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: "اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ"

١٤١٨ - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ "دَخَلَتْ امْرَأَةٌ مَعَهَا ابْنَتَانِ لَهَا تَسْأَلُ فَلَمْ تَجِدْ عِنْدِي شَيْئًا غَيْرَ تَمْرَةٍ فَأَعْطَيْتُهَا إِيَّاهَا فَقَسَمَتْهَا بَيْنَ ابْنَتَيْهَا وَلَمْ تَأْكُلْ مِنْهَا ثُمَّ قَامَتْ فَخَرَجَتْ فَدَخَلَ النَّبِيُّ عَلَيْنَا فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: "مَنْ ابْتُلِيَ مِنْ هَذِهِ الْبَنَاتِ بِشَيْءٍ كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنْ النَّارِ"

[الحديث ١٤١٨ - طرفه في: ٥٩٩٥]

قَوْلُهُ: (بَابُ اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، وَالْقَلِيلُ مِنَ الصَّدَقَةِ، ﴿وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ﴾ - إِلَى قَوْلِهِ - ﴿فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ﴾ قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ وَغَيْرُهُ: جَمَعَ الْمُصَنِّفُ بَيْنَ لَفْظِ الْخَبَرِ وَالْآيَةِ لِاشْتِمَالِ ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى الْحَثِّ عَلَى الصَّدَقَةِ قَلِيلِهَا وَكَثِيرِهَا، فَإِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: أَمْوَالَهُمْ، يَشْمَلُ قَلِيلَ النَّفَقَةِ وَكَثِيرِهَا، وَيَشْهَدُ لَهُ قَوْلُهُ: لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا عَنْ طِيبٍ نَفْسٍ. فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ، إِذْ لَا قَائِلَ بِحِلِّ الْقَلِيلِ دُونَ الْكَثِيرِ. وَقَوْلُهُ: اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، يَتَنَاوَلُ الْكَثِيرَ وَالْقَلِيلَ أَيْضًا، وَالْآيَةُ أَيْضًا مُشْتَمِلَةٌ عَلَى قَلِيلِ الصَّدَقَةِ وَكثَيْرِهَا مِنْ جِهَةِ التَّمْثِيلِ الْمَذْكُورِ فِيهَا بِالطَّلِّ وَالْوَابِلِ، فَشُبِّهَتِ الصَّدَقَةُ بِالْقَلِيلِ بِإِصَابَةِ الطَّلِّ، وَالصَّدَقَةُ بِالْكَثِيرِ بِإِصَابَةِ الْوَابِلِ.

وَأَمَّا ذِكْرُ الْقَلِيلِ مِنَ الصَّدَقَةِ بَعْدَ ذِكْرِ شِقِّ التَّمْرَةِ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ، وَلِهَذَا أَوْرَدَ فِي الْبَابِ حَدِيثَ أَبِي مَسْعُودٍ الَّذِي كَانَ سَبَبًا لِنُزُولِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلا جُهْدَهُمْ﴾ وَقَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: تَقْدِيرُ الْآيَةِ: مَثَلُ تَضْعِيفِ أُجُورِ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ كَمَثَلِ تَضْعِيفِ ثِمَارِ الْجَنَّةِ بِالْمَطَرِ، إِنْ قَلِيلًا فَقَلِيلٌ، وَإِنْ كَثِيرًا فَكَثِيرٌ. وَكَأَنَّ الْبُخَارِيَّ أَتْبَعَ الْآيَةَ الْأُولَى الَّتِي ضُرِبَتْ مَثَلًا بِالرَّبْوَةِ بِالْآيَةِ الثَّانِيَةِ الَّتِي تَضَمَّنَتْ ضَرْبَ الْمَثَلِ لِمَنْ عَمِلَ عَمَلًا يَفْقِدُهُ أَحْوَجُ مَا كَانَ إِلَيْهِ، لِلْإِشَارَةِ إِلَى اجْتِنَابِ الرِّيَاءِ فِي الصَّدَقَةِ، وَلِأَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ يُشْعِرُ بِالْوَعِيدِ بَعْدَ الْوَعْدِ، فَأَوْضَحَهُ بِذِكْرِ الْآيَةِ الثَّانِيَةِ، وَكَأَنَّ هَذَا هُوَ السِّرُّ فِي اقْتِصَارِهِ عَلَى بَعْضِهَا اخْتِصَارًا.

ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ:

أَحَدَهَا حَدِيثُ أَبِي مَسْعُودٍ مِنْ وَجْهَيْنِ تَامًّا وَمُخْتَصَرًا.

قَوْلُهُ: (عَنْ سُلَيْمَانَ) هُوَ الْأَعْمَشُ، وَأَبُو مَسْعُودٍ هُوَ الْأَنْصَارِيُّ الْبَدْرِيُّ.

قَوْلُهُ: (لَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ الصَّدَقَةِ) كَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً﴾ الْآيَةَ.

قَوْلُهُ: (كُنَّا نُحَامِلُ) أَيْ: نَحْمِلُ عَلَى ظُهُورِنَا بِالْأُجْرَةِ، يُقَالُ: حَامَلْتُ بِمَعْنَى حَمَلْتُ كَسَافَرْتُ. وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: يُرِيدُ نَتَكَلَّفُ الْحَمْلَ بِالْأُجْرَةِ لِنَكْتَسِبَ مَا نَتَصَدَّقُ بِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ حَيْثُ قَالَ: انْطَلَقَ أَحَدُنَا إِلَى السُّوقِ فَيُحَامِلَ، أَيْ: يَطْلُبُ الْحَمْلَ بِالْأُجْرَةِ.

قَوْلُهُ: (فَجَاءَ رَجُلٌ فَتَصَدَّقَ بِشَيْءٍ كَثِيرٍ)