للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْبَالِغِينَ وَإِنْ لَمْ يَحْتَلِمْ، فَيُكَلَّفُ بِالْعِبَادَاتِ وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ، وَيَسْتَحِقُّ سَهْمَ الْغَنِيمَةِ، وَيُقْتَلُ إِنْ كَانَ حَرْبِيًّا، وَيُفَكُّ عَنْهُ الْحَجْرُ إِنْ أُونِسَ رُشْدُهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْأَحْكَامِ. وَقَدْ عَمِلَ بِذَلِكَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ رِوَايَةُ نَافِعٍ. وَأَجَابَ الطَّحَاوِيُّ، وَابْنُ الْقَصَّارِ وَغَيْرُهُمَا مِمَّنْ لَمْ يَأْخُذْ بِهِ بِأَنَّ الْإِجَازَةَ الْمَذْكُورَةَ جَاءَ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهَا كَانَتْ فِي الْقِتَالِ، وَذَلِكَ يَتَعَلَّقُ بِالْقُوَّةِ وَالْجَلَدِ. وَأَجَابَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ بِأَنَّهَا وَاقِعَةُ عَيْنٍ فَلَا عُمُومَ لَهَا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ صَادَفَ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ تِلْكَ السِّنِّ قَدِ احْتَلَمَ فَلِذَلِكَ أَجَازَهُ. وَتَجَاسَرَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ: إِنَّمَا رَدَّهُ لِضَعْفِهِ لَا لِسِنِّهِ، وَإِنَّمَا أَجَازَهُ لِقُوَّتِهِ لَا لِبُلُوغِهِ. وَيَرِدُ عَلَى ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَرَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ، وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحَيْهِمَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي نَافِعٌ فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ بِلَفْظِ: عُرِضْتُ عَلَى النَّبِيِّ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فَلَمْ يُجِزْنِي وَلَمْ يَرَنِي بَلَغْتُ، وَهِيَ زِيَادَةٌ صَحِيحَةٌ لَا مَطْعَنَ فِيهَا، لِجَلَالَةِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَتَقَدُّمِهُ عَلَى غَيْرِهِ فِي حَدِيثِ نَافِعٍ، وَقَدْ صَرَّحَ فِيهَا بِالتَّحْدِيثِ فَانْتَفَى مَا يُخْشَى مِنْ تَدْلِيسِهِ، وَقَدْ نَصَّ فِيهَا لَفْظُ ابْنِ عُمَرَ بِقَوْلِهِ: وَلَمْ يَرَنِي بَلَغْتُ وَابْنُ عُمَرَ أَعْلَمُ بِمَا رَوَى مِنْ غَيْرِهِ، وَلَا سِيَّمَا فِي قِصَّةٍ تَتَعَلَّقُ بِهِ.

وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ الْإِمَامَ يَسْتَعْرِضُ مَنْ يَخْرُجُ مَعَهُ لِلْقِتَالِ قَبْلَ أَنْ تَقَعَ الْحَرْبُ، فَمَنْ وَجَدَهُ أَهْلًا اسْتَصْحَبَهُ وَإِلَّا رَدَّهُ، وَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ فِي بَدْرٍ وَأُحُدٍ وَغَيْرِهِمَا، وَسَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ فِي كِتَابِ الْمَغَازِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ لَا تَتَوَقَّفُ الْإِجَازَةُ لِلْقِتَالِ عَلَى الْبُلُوغِ، بَلْ لِلْإِمَامِ أَنْ يُجِيزَ مِنَ الصِّبْيَانِ مَنْ فِيهِ قُوَّةٌ وَنَجْدَةٌ، فَرُبَّ مُرَاهِقٍ أَقْوَى مِنْ بَالِغٍ. وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ وَلَا سِيَّمَا الزِّيَادَةُ الَّتِي ذَكَرْتُهَا عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهٌ):

ظَاهِرُ التَّرْجَمَةِ مَعَ سِيَاقِ الْآيَةِ أَنَّ الْوَلَدَ يُطْلَقُ عَلَيْهِ صَبِيٌّ وَطِفْلٌ إِلَى أَنْ يَبْلُغَ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ وَجَزَمَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ الْوَلَدَ يُقَالُ لَهُ جَنِينٌ حَتَّى يُوضَعَ، ثُمَّ صَبِيٌّ حَتَّى يُفْطَمَ، ثُمَّ غُلَامٌ إِلَى سَبْعٍ ثُمَّ يَافِعٌ إِلَى عَشْرٍ، ثُمَّ حَزَوَّرٌ إِلَى خَمْسَ عَشْرَةَ، ثُمَّ قُمُدٌّ إِلَى خَمْسٍ وَعِشْرِينَ، ثُمَّ عَنَطْنَطٌ إِلَى ثَلَاثِينَ، ثُمَّ مُمْلٍ إِلَى أَرْبَعِينَ، ثُمَّ كَهْلٌ إِلَى خَمْسِينَ، ثُمَّ شَيْخٌ إِلَى ثَمَانِينَ، ثُمَّ هَرِمٌ إِذَا زَادَ، فَلَا يُمْنَعُ إِطْلَاقُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَلَى غَيْرِهِ مِمَّا يُقَارِبُهُ تَجَوُّزًا.

قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ) هُوَ الْخُدْرِيُّ.

قَوْلُهُ: (يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ تَقَدَّمَ فِي الْجُمُعَةِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ بِلَفْظِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ.

قَوْلُهُ: (غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ) فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ، عَنْ سُفْيَانَ الْغُسْلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ وَمَبَاحِثُهُ فِي كِتَابِ الْجُمُعَةِ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْبُلُوغَ يَحْصُلُ بِالْإِنْزَالِ لِأَنَّهُ الْمُرَادُ بِالِاحْتِلَامِ هُنَا. وَيُسْتَفَادُ مَقْصُودُ التَّرْجَمَةِ بِالْقِيَاسِ عَلَى بَقِيَّةِ الْأَحْكَامِ مِنْ حَيْثُ تَعَلُّقُ الْوُجُوبِ بِالِاحْتِلَامِ.

١٩ - بَاب سُؤَالِ الْحَاكِمِ الْمُدَّعِيَ: هَلْ لَكَ بَيِّنَةٌ؟ قَبْلَ الْيَمِينِ

٢٦٦٦، ٢٦٦٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ - وَهُوَ فِيهَا فَاجِرٌ - لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ. قَالَ: فَقَالَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ: فِيَّ وَاللَّهِ كَانَ ذَلِكَ، كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنْ الْيَهُودِ أَرْضٌ فَجَحَدَنِي، فَقَدَّمْتُهُ إِلَى النَّبِيِّ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ : أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟ قَالَ: قُلْتُ: لَا. قَالَ: فَقَالَ لِلْيَهُودِيِّ: احْلِفْ. قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذن يَحْلِفَ وَيَذْهَبَ بِمَالِي. قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ