عَنْ الْكُوفِيِّينَ فِي ذَلِكَ، وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ الْإِفْكِ. وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَكُونُ ذَلِكَ تَزْكِيَةً حَتَّى يَقُولَ: رِضًا أَيْ بِالْقَصْرِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: حَتَّى يَقُولَ: عَدْلٌ، وَفِي قَوْلٍ: عَدْلٌ عَلَيَّ وَلِي. وَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ الْمُزَكِّي حَالَهُ الْبَاطِنَةَ. وَالْحُجَّةُ لِذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مِنْهُ إِلَّا الْخَيْرَ أَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ شَرٌّ. وَأَمَّا احْتِجَاجُهُمْ بِقِصَّةِ أُسَامَةَ، فَأَجَابَ الْمُهْلَّبُ بِأَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ فِي الْعَصْرِ الَّذِي زَكَّى اللَّهُ أَهْلَهُ، وَكَانَتِ الْجُرْحَةُ فِيهِمْ شَاذَّةً، فَكَفَى فِي تَعْدِيلِهِمْ أَنْ يُقَالَ: لَا أَعْلَمُ إِلَّا خَيْرًا، وَأَمَّا الْيَوْمَ فَالْجُرْحَةُ فِي النَّاسِ أَغْلَبُ، فَلَا بُدَّ مِنَ التَّنْصِيصِ عَلَى الْعَدَالَةِ. قُلْتُ: لَمْ يَبُتَّ الْبُخَارِيُّ الْحُكْمَ فِي التَّرْجَمَةِ، بَلْ أَوْرَدَهَا مَوْرِدَ السُّؤَالِ لِقُوَّةِ الْخِلَافِ فِيهَا.
قَوْلُهُ: (وَسَاقَ حَدِيثَ الْإِفْكِ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِأُسَامَةَ حِينَ اسْتَشَارَهُ فَقَالَ: أَهْلَكَ، وَلَا نَعْلَمُ إِلَّا خَيْرًا) كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ، وَلَمْ يَقَعْ هَذَا كُلُّهُ عِنْدَ الْبَاقِينَ وَهُوَ اللَّائِقُ ; لِأَنَّ حَدِيثَ الْإِفْكِ قَدْ ذُكِرَ فِي الْبَابِ مَوْصُولًا، وَإِنْ كَانَ اخْتَصَرَهُ، وَسَيَأْتِي مُطَوَّلًا أَيْضًا بَعْدَ أَبْوَابٍ، وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ النُّورِ وَقَوْلُهُ فِيهِ: وَقَالَ اللَّيْثُ:، حَدَّثَنِي يُونُسُ وَصَلَهُ هُنَاكَ أَيْضًا.
وَقَوْلُهُ: أَهْلَكَ، وَلَا نَعْلَمُ إِلَّا خَيْرًا بِنَصْبِ أَهْلَكَ لِلْأَكْثَرِ عَلَى الْإِغْرَاءِ أَوْ عَلَى فِعْلٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ أَمْسِكْ أَهْلَكَ، وَلِبَعْضِهِمْ بِالرَّفْعِ، أَيْ هُمْ أَهْلُكَ، قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: التَّعْدِيلُ إِنَّمَا هُوَ تَنْفِيذٌ لِلشَّهَادَةِ وَعَائِشَةُ ﵂ لَمْ تَكُنْ شَهِدَتْ وَلَا كَانَتْ مُحْتَاجَةً إِلَى التَّعْدِيلِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ الْبَرَاءَةُ، وَإِنَّمَا كَانَتْ مُحْتَاجَةً إِلَى نَفْيِ التُّهْمَةِ عَنْهَا حَتَّى تَكُونَ الدَّعْوَى عَلَيْهَا بِذَلِكَ غَيْرَ مَقْبُولَةٍ، وَلَا شُبْهَةَ، فَيَكْفِي فِي هَذَا الْقَدْرِ هَذَا اللَّفْظُ فَلَا يَكُونُ فِيهِ لِمَنِ اكْتَفَى فِي التَّعْدِيلِ بِقَوْلِهِ: لَا أَعْلَمُ إِلَّا خَيْرًا حُجَّةٌ.
٣ - باب شَهَادَةِ الْمُخْتَبِ ئ وَأَجَازَهُ عَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ قَالَ: وَكَذَلِكَ يُفْعَلُ بِالْكَاذِبِ الْفَاجِرِ وَقَالَ الشَّعْبِيُّ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَعَطَاءٌ، وَقَتَادَةُ: السَّمْعُ شَهَادَةٌ
وَكَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ: لَمْ يُشْهِدُونِي عَلَى شَيْءٍ، وَإِنِّي سَمِعْتُ كَذَا وَكَذَا
٢٦٣٨ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ سَالِمٌ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ﵄ يَقُولُ: انْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ الْأَنْصَارِيُّ يَؤُمَّانِ النَّخْلَ الَّتِي فِيهَا ابْنُ صَيَّادٍ، حَتَّى إِذَا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ طَفِقَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَتَّقِي بِجُذُوعِ النَّخْلِ، وَهُوَ يَخْتِلُ أَنْ يَسْمَعَ مِنْ ابْنِ صَيَّادٍ شَيْئًا قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ، وَابْنُ صَيَّادٍ مُضْطَجِعٌ عَلَى فِرَاشِهِ فِي قَطِيفَةٍ لَهُ فِيهَا رَمْرَمَةٌ أَوْ زَمْزَمَةٌ، فَرَأَتْ أُمُّ ابْنِ صَيَّادٍ النَّبِيَّ ﷺ وَهُوَ يَتَّقِي بِجُذُوعِ النَّخْلِ فَقَالَتْ لِابْنِ صَيَّادٍ أَيْ صَافِ، هَذَا مُحَمَّدٌ، فَتَنَاهَى ابْنُ صَيَّادٍ قَالَ النبي ﷺ: لَوْ تَرَكَتْهُ بَيَّنَ.
قَوْلُهُ: (بَابُ شَهَادَةِ الْمُخْتَبِئِ) بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيِ الَّذِي يَخْتَفِي عِنْدَ التَّحَمُّلِ.
٢٦٣٩ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ ﵂ جَاءَتْ امْرَأَةُ رِفاعَةَ الْقُرَظِيِّ إلى النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَتْ: كُنْتُ عِنْدَ رِفَاعَةَ فَطَلَّقَنِي فَأَبَتَّ طَلَاقِي، فَتَزَوَّجْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزَّبِيرِ، وإِنَّمَا مَعَهُ مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ فَقَالَ: أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ؟ لَا حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ، وَأَبُو بَكْرٍ جَالِسٌ عِنْدَهُ، وَخَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بِالْبَابِ يَنْتَظِرُ أَنْ يُؤْذَنَ لَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute