وَإِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ، فَلْيُتِمَّ عَلَيْهِ ثُمَّ لِيُسَلِّمْ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ.
[الحديث ٤٠١ - أطرافه في ٧٢٤٩، ٦٦٧١، ١٢٢٦، ٤٠٤]
قَوْلُهُ: (عَنْ مَنْصُورٍ) هُوَ ابْنُ الْمُعْتَمِرِ، وَإِبْرَاهِيمُ هُوَ ابْنُ يَزِيدَ النَّخَعِيُّ، وَأَخْطَأَ مَنْ قَالَ إِنَّهُ غَيْرُهُ.
وَهَذِهِ التَّرْجَمَةُ مِنْ أَصَحِّ الْأَسَانِيدِ.
قَوْلُهُ: (قَالَ إِبْرَاهِيمُ) أَيِ الرَّاوِي الْمَذْكُورُ (لَا أَدْرِي زَادَ أَوْ نَقَصَ) أَيِ النَّبِيُّ ﷺ وَالْمُرَادُ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ شَكَّ فِي سَبَبِ سُجُودِ السَّهْوِ الْمَذْكُورِ هَلْ كَانَ لِأَجْلِ الزِّيَادَةِ أَوِ النُّقْصَانِ، لَكِنْ سَيَأْتِي فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ مِنْ رِوَايَةِ الْحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بِإِسْنَادِهِ هَذَا أَنَّهُ صَلَّى خَمْسًا، وَهُوَ يَقْتَضِي الْجَزْمَ بِالزِّيَادَةِ، فَلَعَلَّهُ شَكَّ لَمَّا حَدَّثَ مَنْصُورًا وَتَيَقَّنَ لَمَّا حَدَّثَ الْحَكَمَ.
وَقَدْ تَابَعَ الْحَكَمُ عَلَى ذَلِكَ حَمَّادَ بْنَ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَطَلْحَةَ بْنَ مُصَرِّفٍ وَغَيْرَهُمَا، وَعَيَّنَ فِي رِوَايَةِ الْحَكَمِ أَيْضًا وَحَمَّادٍ أَنَّهَا الظُّهْرُ، وَوَقَعَ لِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ رِوَايَةِ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّهَا الْعَصْرُ، وَمَا فِي الصَّحِيحِ أَصَحُّ.
قَوْلُهُ: (أَحَدَثَ) بِفَتَحَاتٍ وَمَعْنَاهُ السُّؤَالُ عَنْ حُدُوثِ شَيْءٍ مِنَ الْوَحْيِ يُوجِبُ تَغْيِيرَ حُكْمِ الصَّلَاةِ عَمَّا عَهِدُوهُ، وَدَلَّ اسْتِفْهَامُهُمْ عَنْ ذَلِكَ عَلَى جَوَازِ النَّسْخِ عِنْدَهُمْ وَأَنَّهُمْ كَانُوا يَتَوَقَّعُونَهُ.
قَوْلُهُ: (قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟) فِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ شُعُورٌ مِمَّا وَقَعَ مِنْهُ مِنَ الزِّيَادَةِ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ وُقُوعِ السَّهْوِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي الْأَفْعَالِ. قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ وَالنُّظَّارِ، وَشَذَّتْ طَائِفَةٌ فَقَالُوا: لَا يَجُوزُ عَلَى النَّبِيِّ السَّهْوُ، وَهَذَا الْحَدِيثُ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ لِقَوْلِهِ ﷺ فِيهِ: أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ، وَلِقَوْلِهِ: فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي، أَيْ بِالتَّسْبِيحِ وَنَحْوِهِ، وَفِي قَوْلِهِ: لَوْ حَدَثَ شَيْءٌ فِي الصَّلَاةِ لَنَبَّأْتُكُمْ بِهِ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ تَأْخِيرِ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ.
وَمُنَاسَبَةُ الْحَدِيثِ لِلتَّرْجَمَةِ مِنْ قَوْلِهَ: (فَثَنَى رِجْلَهُ) ولِلْكُشْمِيهَنِيِّ، وَالْأَصِيلِيِّ رِجْلَيْهِ بِالتَّثْنِيَةِ، (وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ) فَدَلَّ عَلَى عَدَمِ تَرْكِ الِاسْتِقْبَالِ فِي كُلِّ حَالٍ مِنْ أَحْوَالِ الصَّلَاةِ، وَاسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى رُجُوعِ الْإِمَامِ إِلَى قَوْلِ الْمَأْمُومِينَ، لَكِنْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَذَكَّرَ عِنْدَ ذَلِكَ أَوْ عَلِمَ بِالْوَحْيِ أَوْ أَنَّ سُؤَالَهُمْ أَحْدَثَ عِنْدَهُ شَكًّا فَسَجَدَ لِوُجُودِ الشَّكِّ الَّذِي طَرَأَ لَا لِمُجَرَّدِ قَوْلِهِمْ.
قَوْلُهُ: (فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ فَلْيَقْصِدْ، وَالْمُرَادُ الْبِنَاءُ عَلَى الْيَقِينِ كَمَا سَيَأْتِي وَاضِحًا مَعَ بَقِيَّةِ مَبَاحِثِهِ فِي أَبْوَابِ السَّهْوِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
٣٢ - بَاب مَا جَاءَ فِي الْقِبْلَةِ، وَمَنْ لَا يَرَى الْإِعَادَةَ عَلَى مَنْ سَهَا فَصَلَّى إِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ
وَقَدْ سَلَّمَ النَّبِيُّ ﷺ فِي رَكْعَتَيْ الظُّهْرِ وَأَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ بِوَجْهِهِ ثُمَّ أَتَمَّ مَا بَقِيَ
٤٠٢ - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسِ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: وَافَقْتُ رَبِّي فِي ثَلَاثٍ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ اتَّخَذْنَا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى فَنَزَلَتْ: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾ وَآيَةُ الْحِجَابِ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ أَمَرْتَ نِسَاءَكَ أَنْ يَحْتَجِبْنَ فَإِنَّهُ يُكَلِّمُهُنَّ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ؟ فَنَزَلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ، وَاجْتَمَعَ نِسَاءُ النَّبِيِّ ﷺ فِي الْغَيْرَةِ عَلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُنَّ: ﴿عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ﴾ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ.
[الحديث ٤٠٢ - أطرافه في: ٤٩١٦، ٤٧٩٠، ٤٤٨٣]