للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَنَّهُ يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَفِيهِ مَا فِيهِ. قَالَ عِيَاضٌ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ حُجَّةٌ لِلْجُمْهُورِ أَنَّ الْعَزْمَ عَلَى الْمَعْصِيَةِ إِذَا اسْتَقَرَّ فِي الْقَلْبِ كَانَ ذَنْبًا يُكْتَبُ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الْخَاطِرِ الَّذِي لَا يَسْتَمِرُّ.

قُلْتُ: وَلَا أَدْرِي مِنْ أَيْنَ أُخِذَ ذَلِكَ مَعَ التَّصْرِيحِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِصُدُورِ الْقَوْلِ حَيْثُ نَطَقَ بِقَوْلِهِ تَعَالَ أُقَامِرُكَ فَدَعَاهُ إِلَى الْمَعْصِيَةِ، وَالْقِمَارُ حَرَامٌ بِاتِّفَاقٍ، فَالدُّعَاءُ إِلَى فِعْلِهِ حَرَامٌ، فَلَيْسَ هُنَا عَزْمٌ مُجَرَّدٌ. وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ شَرْحِهِ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ. وَوَقَعَ الْإِلْمَامُ بِمَسْأَلَةِ الْعَزْمِ فِي أَوَاخِرِ الرِّقَاقِ فِي شَرْحِ حَدِيثِ مَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ.

٣ - بَاب ﴿وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى﴾

٤٨٦١ - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، سَمِعْتُ عُرْوَةَ، قُلْتُ لِعَائِشَةَ : فَقَالَتْ: إِنَّمَا كَانَ مَنْ أَهَلَّ لمَنَاةَ الطَّاغِيَةِ الَّتِي بِالْمُشَلَّلِ لَا يَطُوفُونَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ فَطَافَ رَسُولُ اللَّهِ وَالْمُسْلِمُونَ.

قَالَ سُفْيَانُ: مَنَاةُ بِالْمُشَلَّلِ مِنْ قُدَيْدٍ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ عُرْوَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ: نَزَلَتْ فِي الْأَنْصَارِ كَانُوا هُمْ وَغَسَّانُ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمُوا يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ .. مِثْلَهُ.

وَقَالَ مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ: كَانَ رِجَالٌ مِنْ الْأَنْصَارِ مِمَّنْ كَانَ يُهِلُّ لِمَنَاةَ، وَمَنَاةُ صَنَمٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، كُنَّا لَا نَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ تَعْظِيمًا لِمَنَاةَ .. نَحْوَهُ.

قَوْلُهُ: ﴿وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى﴾ سَقَطَ بَابُ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ مَنَاةَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ، وَابْنُ مُحَيْصِنٍ مَنَاءَةَ بِالْمَدِّ وَالْهَمْزِ.

قَوْلُهُ: (قُلْتُ لِعَائِشَةَ فَقَالَتْ) كَذَا أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا، وَتَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِ الْبَقَرَةِ بَيَانُ مَا قَالَ، وَأَنَّهُ سَأَلَ عَنْ وُجُوبِ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، مَعَ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ الْآيَةَ، وَجَوَابُ عَائِشَةَ لَهُ، وَفِيهِ قَوْلُهَا إِلَى آخِرِهِ.

قَوْلُهُ: (مَنْ أَهَلَّ لِمَنَاةَ) أَيْ لِأَجْلِ مَنَاةَ، فِي رِوَايَةِ غَيْرِ أَبِي ذَرٍّ بِمَنَاةَ بِالْمُوَحَّدَةِ بَدَلَ اللَّامِ، أَيْ أَهَلَّ عِنْدَهَا أَوْ أَهَلَّ بِاسْمِهَا.

قَوْلُهُ: (قَالَ سُفْيَانُ: مَنَاةَ بِالْمُشَلَّلِ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَاللَّامِ الثَّقِيلَةِ ثُمَّ لَامٍ ثَانِيَةٍ، وَهُوَ مَوْضِعٌ مِنْ قُدَيْدٍ مِنْ نَاحِيَةِ الْبَحْرِ، وَهُوَ الْجَبَلُ الَّذِي يُهْبَطُ مِنْهُ إِلَيْهَا.

قَوْلُهُ: (مِنْ قُدَيْدٍ) بِالْقَافِ وَالْمُهْمَلَةِ مُصَغَّرٌ، هُوَ مَكَانٌ مَعْرُوفٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ) أَيِ ابْنِ مُسَافِرٍ (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) هُوَ الزُّهْرِيُّ، وَصَلَهُ الذُّهْلِيُّ، وَالطَّحَاوِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِطُولِهِ.

قَوْلُهُ: (نَزَلَتْ فِي الْأَنْصَارِ كَانُوا هُمْ وَغَسَّانُ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمُوا يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ. مِثْلَهُ) أَيْ مِثْلَ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ الَّذِي قَبْلَهُ. وَأَخْرَجَ الْفَاكِهِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: نَصَبَ عَمْرُو بْنُ لُحَيٍّ مَنَاةَ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ مِمَّا يَلِي قُدَيْدٍ يَحُجُّونَهَا وَيُعَظِّمُونَهَا إِذَا طَافُوا بِالْبَيْتِ وَأَفَاضُوا مِنْ عَرَفَاتٍ وَفَرَغُوا مِنْ مِنًى أَتَوْا مَنَاةَ فَأَهَلُّوا لَهَا، فَمَنْ أَهَلَّ لَهَا لَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ مَعْمَرٌ .. إِلَخْ) وَصَلَهُ الطَّبَرِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ مُطَوَّلًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ بِطُولِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي كِتَابِ الْحَجِّ.

قَوْلُهُ: (صَنَمٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ) قَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ مَكَانِهِ، وَهُوَ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ كَمَا قَالَ.

قَوْلُهُ: (تَعْظِيمًا لِمَنَاةَ نَحْوَهُ) بَقِيَّتُهُ عِنْدَ الطَّبَرِيِّ فَهَلْ عَلَيْنَا مِنْ حَرَجٍ أَنْ نَطُوفَ بِهِمَا .. الْحَدِيثَ،