للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بِالصَّلَاةِ خَلْفَهُ، وَفِيهِ تَأْيِيدٌ لِمَا فَهِمَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ قَوْلِهِ: إِمَامُ فِتْنَةٍ، وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ طَرِيقِ مَكْحُولٍ، قَالَ: قَالُوا لِعُثْمَانَ: إِنَّا نَتَحَرَّجُ أَنْ نُصَلِّيَ خَلْفَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ حَصَرُوكَ، فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ. وَهَذَا مُنْقَطِعٌ إِلَّا أَنَّهُ اعْتَضَدَ.

قَوْلُهُ: (وَإِذَا أَسَاؤُوا فَاجْتَنِبْ) فِيهِ تَحْذِيرٌ مِنَ الْفِتْنَةِ وَالدُّخُولِ فِيهَا، وَمِنْ جَمِيعِ مَا يُنْكَرُ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ أَوِ اعْتِقَادٍ، وَفِي هَذَا الْأَثَرِ الْحَضُّ عَلَى شُهُودِ الْجَمَاعَةِ وَلَا سِيَّمَا فِي زَمَنِ الْفِتْنَةِ؛ لِئَلَّا يَزْدَادَ تَفَرُّقُ الْكَلِمَةِ، وَفِيهِ أَنَّ الصَّلَاةَ خَلْفَ مَنْ تُكْرَهُ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ أَوْلَى مِنْ تَعْطِيلِ الْجَمَاعَةِ، وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى زَعْمِ أَنَّ الْجُمُعَةَ لَا يُجْزِئُ أَنْ تُقَامَ بِغَيْرِ إِذْنِ الْإِمَامِ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ الزُّبَيْدِيُّ) بِضَمِّ الزَّاي هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ.

قَوْلُهُ: (الْمُخَنَّثُ) رُوِّينَاهُ بِكَسْرِ النُّونِ وَفَتْحِهَا، فَالْأَوَّلُ الْمُرَادُ بِهِ مَنْ فِيهِ تَكَسُّرٌ وَتَثَنٍّ وَتَشَبُّهٌ بِالنِّسَاءِ. وَالثَّانِي الْمُرَادُ بِهِ مَنْ يُؤْتَى، وَبِهِ جَزَمَ أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ فِيمَا حَكَاهُ ابْنُ التِّينِ مُحْتَجًّا بِأَنَّ الْأَوَّلَ لَا مَانِعَ مِنَ الصَّلَاةِ خَلْفَهُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ أَصْلُ خِلْقَتِهِ. وَرُدَّ بِأَنَّ الْمُرَادَ مَنْ يَتَعَمَّدُ ذَلِكَ فَيَتَشَبَّهُ بِالنِّسَاءِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ بِدْعَةٌ قَبِيحَةٌ، وَلِهَذَا جَوَّزَ الدَّاوُدِيُّ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُرَادًا. قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ هُنَا؛ لِأَنَّ الْمُخَنَّثَ مُفْتَتَنٌ فِي طَرِيقَتِهِ.

قَوْلُهُ: (إِلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ) أَيْ: بِأَنْ يَكُونَ ذَا شَوْكَةٍ أَوْ مِنْ جِهَتِهِ فَلَا تُعَطَّلُ الْجَمَاعَةُ بِسَبَبِهِ، وَقَدْ رَوَاهُ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ بِغَيْرِ قَيْدٍ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْهُ، وَلَفْظُهُ قُلْتُ: فَالْمُخَنَّثُ؟ قَالَ: لَا وَلَا كَرَامَةَ، لَا يُؤْتَمُّ بِهِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى حَالَةِ الِاخْتِيَارِ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ) هُوَ الْبَلْخِيُّ مُسْتَمْلِي وَكِيعٍ، وَقِيلَ: الْوَاسِطِيُّ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، لَكِنْ لَمْ نَجِدْ لِلْوَاسِطِيِّ رِوَايَةً عَنْ غُنْدَرٍ بِخِلَافِ الْبَلْخِيِّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْهُ بِمَوْضِعٍ آخَرَ فِي الْمَوَاقِيتِ، وَهَذَا جَمِيعُ مَا أَخْرَجَ عَنْهُ الْبُخَارِيُّ.

قَوْلُهُ: (اسْمَعْ وَأَطِعْ) تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ قَبْلُ بِبَابٍ. قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: وَجْهُ دُخُولِهِ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ الصِّفَةَ الْمَذْكُورَةَ إِنَّمَا تُوجَدُ غَالِبًا فِي عَجَمِيٍّ حَدِيثِ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ، لَا يَخْلُو مِنْ جَهْلٍ بِدِينِهِ، وَمَا يَخْلُو مَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ مِنِ ارْتِكَابِ الْبِدْعَةِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا افْتِتَانُهُ بِنَفْسِهِ حَتَّى تَقَدَّمَ لِلْإِمَامَةِ وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا.

٥٧ - بَاب يَقُومُ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ بِحِذَائِهِ سَوَاءً إِذَا كَانَا اثْنَيْنِ

٦٩٧ - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ الْحَكَمِ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بِتُّ فِي بَيْتِ خَالَتِي مَيْمُونَةَ فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ الْعِشَاءَ، ثُمَّ جَاءَ فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ نَامَ، ثُمَّ قَامَ، فَجِئْتُ فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ، فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ، فَصَلَّى خَمْسَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ نَامَ حَتَّى سَمِعْتُ غَطِيطَهُ - أَوْ قَالَ: خَطِيطَهُ - ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ.

[انظر الحديث ١٧٧ وأطرافه]

قَوْلُهُ: (بَابُ يَقُومُ) أَيِ: الْمَأْمُومُ (عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ بِحِذَائِهِ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَذَالٍ مُعْجَمَةٍ بَعْدَهَا مَدَّةٌ، أَيْ: بِجَنْبِهِ، فَأَخْرَجَ بِذَلِكَ مَنْ كَانَ خَلْفَهُ أَوْ مَائِلًا عَنْهُ. وَقَوْلُهُ: (سَوَاءً) أَخْرَجَ بِهِ مَنْ كَانَ إِلَى جَنْبِهِ، لَكِنْ عَلَى بُعْدٍ عَنْهُ، كَذَا قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ، وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَهُ: بِحِذَائِهِ يُخْرِجُ هَذَا أَيْضًا. وَقَوْلُهُ: سَوَاءً أَيْ: لَا يَتَقَدَّمُ وَلَا يَتَأَخَّرُ، وَفِي انْتِزَاعِ هَذَا مِنَ الْحَدِيثِ الَّذِي أَوْرَدَهُ بُعْدٌ. وَقَدْ قَالَ أَصْحَابُنَا: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقِفَ الْمَأْمُومُ دُونَهُ قَلِيلًا، وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى مَا وَقَعَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ، فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الطَّهَارَةِ مِنْ رِوَايَةِ مَخْرَمَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِلَفْظِ: فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ وَظَاهِرُهُ الْمُسَاوَاةُ. وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوًا مِنْ هَذِهِ الْقِصَّةِ، وَعَنِ