للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تَزُولَ الشَّمْسُ وَتَهُبَّ الْأَرْوَاحُ وَيَنْزِلَ النَّصْرُ، فَيَظْهَرُ أَنَّ فَائِدَةَ التَّأْخِيرِ لِكَوْنِ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ مَظِنَّةَ إِجَابَةِ الدُّعَاءِ، وَهُبُوبُ الرِّيحِ قَدْ وَقَعَ النَّصْرُ بِهِ فِي الْأَحْزَابِ فَصَارَ مَظِنَّةً لِذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثَ النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهُ لَكِنْ فِيهِ انْقِطَاعٌ، وَلَفْظُهُ يُوَافِقُ مَا قُلْتُهُ قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فَكَانَ إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ أَمْسَكَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَإِذَا طَلَعَتْ قَاتَلَ، فَإِذَا انْتَصَفَ النَّهَارُ أَمْسَكَ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ، فَإِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ قَاتَلَ، فَإِذَا دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ أَمْسَكَ حَتَّى يُصَلِّيَهَا ثُمَّ يُقَاتِلَ، وَكَانَ يُقَالُ: عِنْدَ ذَلِكَ تَهِيجُ رِيَاحُ النَّصْرِ وَيَدْعُو الْمُؤْمِنُونَ لِجُيُوشِهِمْ فِي صَلَاتِهِمْ.

(تَنْبِيهٌ):

وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ زِيَادَةٌ فِي الدُّعَاءِ، وَسَيَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهَا فِي بَابِ لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ مَعَ بَقِيَّةِ الْكَلَامِ عَلَى شَرْحِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

١١٣ - بَاب اسْتِئْذَانِ الرَّجُلِ الْإِمَامَ لِقَوْلِهِ: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ﴾ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ

٢٩٦٧ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ الْمُغِيرَةِ، عَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ﵄ قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، قَالَ: فَتَلَاحَقَ بِيَ النَّبِيُّ ﷺ وَأَنَا عَلَى نَاضِحٍ لَنَا قَدْ أَعْيَا فَلَا يَكَادُ يَسِيرُ، فَقَالَ لِي: مَا لِبَعِيرِكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: أعيا. قَالَ فَتَخَلَّفَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَزَجَرَهُ وَدَعَا لَهُ، فَمَا زَالَ بَيْنَ يَدَيْ الْإِبِلِ قُدَّامَهَا يَسِيرُ، فَقَالَ لِي: كَيْفَ تَرَى بَعِيرَكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: بِخَيْرٍ، قَدْ أَصَابَتْهُ بَرَكَتُكَ. قَالَ: أَفَتَبِيعُنِيهِ؟ قَالَ: فَاسْتَحْيَيْتُ وَلَمْ يَكُنْ لَنَا نَاضِحٌ غَيْرُهُ. قَالَ: فَقُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَبِعْنِيهِ. فَبِعْتُهُ إِيَّاهُ عَلَى أَنَّ لِي فَقَارَ ظَهْرهِ حَتَّى أَبْلُغَ الْمَدِينَةَ. قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي عَرُوسٌ. فَاسْتَأْذَنْتُهُ فَأَذِنَ لِي فَتَقَدَّمْتُ النَّاسَ إِلَى الْمَدِينَةِ حَتَّى أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَلَقِيَنِي خَالِي فَسَأَلَنِي عَنْ الْبَعِيرِ فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا صَنَعْتُ به فَلَامَنِي. قَالَ: وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَالَ لِي حِينَ اسْتَأْذَنْتُهُ: هَلْ تَزَوَّجْتَ بِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا؟ فَقُلْتُ: تَزَوَّجْتُ ثَيِّبًا. قَالَ: هَلَّا تَزَوَّجْتَ بِكْرًا تُلَاعِبُهَا وَتُلَاعِبُكَ؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تُوُفِّيَ وَالِدِي - أَوْ اسْتُشْهِدَ - وَلِي أَخَوَاتٌ صِغَارٌ فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَزَوَّجَ مِثْلَهُنَّ؛ فَلَا تُؤَدِّبُهُنَّ وَلَا تَقُومُ عَلَيْهِنَّ، فَتَزَوَّجْتُ ثَيِّبًا لِتَقُومَ عَلَيْهِنَّ وَتُؤَدِّبَهُنَّ. قَالَ: فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْمَدِينَةَ غَدَوْتُ عَلَيْهِ بِالْبَعِيرِ فَأَعْطَانِي ثَمَنَهُ وَرَدَّهُ عَلَيَّ.

قَالَ الْمُغِيرَةُ: هَذَا فِي قَضَائِنَا حَسَنٌ لَا نَرَى بِهِ بَأْسًا.

قَوْلُهُ: (بَابُ اسْتِئْذَانِ الرَّجُلِ) أَيْ: مِنَ الرَّعِيَّةِ (الْإِمَامَ) أَيْ: فِي الرُّجُوعِ أَوِ التَّخَلُّفِ عَنِ الْخُرُوجِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ﴾ قَالَ ابْنُ التِّينِ: هَذِهِ الْآيَةُ احْتَجَّ بِهَا الْحَسَنُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَذْهَبَ مِنَ الْعَسْكَرِ حَتَّى يَسْتَأْذِنَ الْأَمِيرَ، وَهَذَا عِنْدَ سَائِرِ الْفُقَهَاءِ كَانَ خَاصًّا بِالنَّبِيِّ ﷺ، كَذَا قَالَ، وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْخُصُوصِيَّةَ فِي عُمُومِ وُجُوبِ الِاسْتِئْذَانِ، وَإِلَّا فَلَوْ كَانَ مِمَّنْ عَيَّنَهُ الْإِمَامُ فَطَرَأَ لَهُ مَا يَقْتَضِي التَّخَلُّفَ أَوِ الرُّجُوعَ فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى الِاسْتِئْذَانِ.

ثُمَّ أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ جَابِرٍ فِي قِصَّةِ