فِي بَابِ الْمَشْيِ إِلَى الْجُمُعَةِ مِنْ كِتَابِ الْجُمُعَةِ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَلَا تَأْتُوهَا تَسْعَوْنَ وَسَيَأْتِي وَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَوْلُهُ: (وَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ) كَذَا فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَكَرِيمَةَ، وَفِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ، وَأَبِي الْوَقْتِ: وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ، بِحَذْفِ الْبَاءِ، وَكَذَا أَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ مِنْ طُرُقٍ عَنْ شَيْبَانَ.
قَوْلُهُ: (تَابَعَهُ عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ) أَيْ عَنْ يَحْيَى، وَمُتَابَعَتُهُ وَصَلَهَا الْمُؤَلِّفُ فِي كِتَابِ الْجُمُعَةِ، وَلَفْظُهُ عَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ بِغَيْرِ بَاءٍ أَيْضًا. وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الطَّرْقِيُّ: تَفَرَّدَ شَيْبَانُ، وَعَلِيُّ بْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ سَلَّامٍ تَابَعَهُمَا عَنْ يَحْيَى، ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ عَقِبَ رِوَايَةِ أَبَانَ، عَنْ يَحْيَى فَقَالَ: رَوَاهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ، وَعَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى وَقَالَا فِيهِ: حَتَّى تَرَوْنِي وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ.
قُلْتُ: وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ الْمُعَلَّقَةُ وَصَلَهَا الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ سَلَّامٍ، وَشَيْبَانَ، جَمِيعًا عَنْ يَحْيَى كَمَا قَالَ أَبُو دَاوُدَ.
٢٤ - باب هَلْ يَخْرُجُ مِنْ الْمَسْجِدِ لِعِلَّةٍ
٦٣٩ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ خَرَجَ وَقَدْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ وَعُدِّلَتْ الصُّفُوفُ حَتَّى إِذَا قَامَ فِي مُصَلَّاهُ انْتَظَرْنَا أَنْ يُكَبِّرَ انْصَرَفَ، قَالَ: عَلَى مَكَانِكُمْ فَمَكَثْنَا عَلَى هَيْئَتِنَا حَتَّى خَرَجَ إِلَيْنَا يَنْطِفُ رَأْسُهُ مَاءً وَقَدْ اغْتَسَلَ.
قَوْلُهُ: (بَابُ هَلْ يَخْرُجُ مِنَ الْمَسْجِدِ لِعِلَّةٍ) أَيْ لِضَرُورَةٍ، وَكَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى تَخْصِيصِ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُمَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي الشَّعْثَاءِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ بَعْدَ أَنْ أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ فَقَالَ: أَمَّا هَذَا فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ فَإِنَّ حَدِيثَ الْبَابِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مَخْصُوصٌ بِمَنْ لَيْسَ لَهُ ضَرُورَةٌ، فَيُلْحَقُ بِالْجُنُبِ الْمُحْدِثُ وَالرَّاعِفُ وَالْحَاقِنُ وَنَحْوُهُمْ، وَكَذَا مَنْ يَكُونُ إِمَامًا لِمَسْجِدٍ آخَرَ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ. وَقَدْ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ فَصَرَّحَ بِرَفْعِهِ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ وَبِالتَّخْصِيصِ وَلَفْظُهُ: لَا يَسْمَعُ النِّدَاءَ فِي مَسْجِدٍ ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْهُ إِلَّا لِحَاجَةٍ، ثُمَّ لَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ إِلَّا مُنَافِقٌ.
قَوْلُهُ: (خَرَجَ وَقَدْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى خَرَجَ فِي حَالِ الْإِقَامَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْإِقَامَةُ تَقَدَّمَتْ خُرُوجَهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ الَّتِي فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ، لِتَعْقِيبِ الْإِقَامَةِ بِالتَّسْوِيَةِ، وَتَعْقِيبِ التَّسْوِيَةِ بِخُرُوجِهِ جَمِيعًا بِالْفَاءِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ بِأَنَّ الْجُمْلَتَيْنِ وَقَعَتَا حَالًا أَيْ خَرَجَ وَالْحَالُ أَنَّ الصَّلَاةَ أُقِيمَتْ وَالصُّفُوفُ عُدِّلَتْ، وَقَ لَ الْكِرْمَانِيُّ: لَفْظُ قَدْ تُقَرِّبُ الْمَاضِي مِنَ الْحَالِ، وَكَأَنَّهُ خَرَجَ فِي حَالِ الْإِقَامَةِ وَفِي حَالِ التَّعْدِيلِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونُوا إِنَّمَا شَرَعُوا فِي ذَلِكَ بِإِذْنٍ مِنْهُ، أَوْ قَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَيْهِ.
قُلْتُ: وَتَقَدَّمَ احْتِمَالُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ سَبَبًا لِلنَّهْيِ، فَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ مُخَالَفَتُهُمْ لَهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ: لَا تَقُومُوا حَتَّى تَرَوْنِي قَرِيبًا.
قَوْلُهُ: (وَعُدِّلَتِ الصُّفُوفُ) أَيْ سُوِّيَتْ.
قَوْلُهُ: (حَتَّى إِذَا قَامَ فِي مُصَلَّاهُ) زَادَ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَبْلَ أَنْ يُكَبِّرَ فَانْصَرَفَ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ إِذَا ذَكَرَ فِي الْمَسْجِدِ أَنَّهُ جُنُبٌ مِنْ أَبْوَابِ الْغُسْلِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ يُونُسَ بِلَفْظِ فَلَمَّا قَامَ فِي مُصَلَّاهُ ذَكَرَ فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ انْصَرَفَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ فِي الصَّلَاةِ، وَهُوَ مُعَارِضٌ لِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ حِبَّانَ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ